الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
لماذا نضع العربة أمام الحصان؟

لماذا نضع العربة أمام الحصان؟

 يقول البعض إنه مثل أمريكى، ويعتقد آخرون أنه قول مأثور، ولكنه فى كل الأحوال أصبح تعبيرا شائعا عمن يضع الأمر فى غير محله، ويخالف النظام، ويعكس الترتيب مما يؤدى إلى العرقلة، من يضع العربة أمام الحصان يعوق المسيرة، ويؤدى إلى التوقف التام، فى هذا الوضع المعكوس يكون الحصان غير قادر على جر العربة ودفعها للأمام، فيتجمد الوضع، بل ربما يحدث ما هو أسوأ إذا حاول الحصان الحركة فيصاب بسبب اصطدامه بهيكل العربة لو تقدم خطوات، أو يحاول جر العربة للخلف فيقع ما لا يحمد عقباه، والخسارة مؤكدة فى جميع الحالات، تذكرت هذا المثل ومغزاه عندما تم الإعلان عن اقتراب تطبيق تسجيل العقارات فى الشهر العقارى، وما صاحبه من لغط فى الشارع كاد أن يتحول إلى غضب، لولا تدخل الرئيس السيسى واستجابته لنداءات المواطنين، حيث وجه بتأجيل تطبيق القانون لمدة عامين بهدف إجراء حوار مجتمعى حوله.



 وكانت الحكومة قد قدمت طلبا للبرلمان بتأجيل العمل بالقانون إلى نهاية العام، لإتاحة الفرصة - حسب بيان الحكومة- «للتعاون مع البرلمان فى طرح بعض الأفكار للتيسير على المواطنين والتحفيز على التسجيل»، كما تقدم بعض أعضاء مجلس النواب أيضا  بطلبات لتعديل بعض مواد القانون، والحقيقة أن مناقشات عديدة جرت فى مواقع التواصل الاجتماعى قبل أن تتشجع بعض القنوات الفضائية لطرح الموضوع، وكلها أكدت على عيوب بعض المواد وعدم مناسبتها للتطبيق حاليا، وأن مواد أخرى ضرها أكبر من نفعها، كل هذا يدعونا للسؤال لماذا لم تتم مناقشة مجتمعية موسعة قبل إقرار القانون من البرلمان السابق؟ وقد كان ذلك كفيلا بتفادى عوار القانون وتعديل أخطائه وإصلاح عيوبه، بجانب تهيئة الرأى العام لتقبله وإقناع المواطن بجدواه، ولكن القانون صدر دون المناقشات المستفيضة، والتى للأسف جرت بعد إقراره، وهكذا تم وضع العربة أمام الحصان، فوصلنا إلى ما نحن فيه الآن، ولو جرت الأمور بشكل طبيعى وبالترتيب المنطقى وجاءت المناقشات قبل الإقرار لكن الآن نطبق القانون بأريحية، اللافت للنظر أن سياسة وضع العربة أمام الحصان تكررت أكثر من مرة، وعلى سبيل المثال قانون المصالحات فى البناء، والذى تم تعديل بعض بنوده مثل تخفيض قيمة التصالح ومد فترته تخفيفا على المواطنين ومراعاة للبعد الاجتماعى، وكان وراء التعديل أيضا المناقشات الموسعة فى وسائل التواصل الاجتماعى ثم فى الفضائيات والصحف، ولو كان البرلمان استمع إلى خبراء متعددين من مختلف الاتجاهات لخرج القانون بلا عيوب ولا يضع على كاهل المواطن أعباء ينوء بحملها، وسبق ذلك رفض الرئيس لقانون التجارب السريرية استجابة لاعتراض عدد غير قليل من الأطباء، وذلك بعد صدوره من مجلس النواب السابق، ويبدو أن البرلمان السابق كان من هواة وضع العربة أمام الحصان، فهذه القوانين صدرت منه على عجل ودون حوار مجتمعى رغم أنها من القوانين التى تؤثر بشكل مباشر على المواطن وتؤدى إلى رضاه أو سخطه، وليت البرلمان الحالى ينجو من هذا المرض وتكون له نظرة أعمق عند إصدار التشريعات، ويعطى مساحة أكبر وحرية أكثر للحوار حول القوانين المتعلقة بحياة المواطنين قبل إقرارها.

نظرية العربة والحصان لم تكن حكرا على البرلمان السابق، فقد حدثت أيضا مع وزير التعليم والذى أصر على إجراء الامتحانات من خلال التابلت رغم عدم صلاحية كثير من المدارس لهذا الأسلوب، كما أن قطاع الاتصالات لم يكن مهيئا لهذه المهمة، وإذا كنا مع وزير التعليم فى ضرورة تطوير التعليم وأساليبه والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة فإن النوايا الطيبة وحدها لا تكفى، وكان يجب أن تتم دراسة الأمر من جميع جوانبه، ومعرفة العراقيل التى قد تواجهه وحلها  قبل التطبيق، حتى لو أدى ذلك إلى تأجيل إجراء الامتحانات بهذه الطريقة، مما لا شك فيه أننا لو قمنا بالترتيب المنطقى للأشياء ما كنا تعرضنا لانقطاع الإنترنت ببعض المدارس، حيث لم يستطع عدد من الطلاب أداء الامتحان، لقد وضعت الوزارة العربة قبل الحصان، فظهرت المشاكل التقنية، وأعطت الفرصة للتشكيك فى جدية التطوير ومدى الاستفادة منه، ما سبق مجرد أمثلة لهذا الوضع المعكوس والذى أتمنى أن نتخلص منه قريبا وسريعا حتى لا ندفع ثمنا باهظا نحن فى غنى عنه.