الرئيس الكاكى!

اسلام كمال
إن كنت تسأل عن رئيس مصر القادم، ففى تقديرى هو «السيسى»، حتى لو أصر على رفض خوض المعركة الرئاسية كما هو الحال، فالقرار وقتها لن يكون بيده، خاصة فى ظل الضغوط الشعبية المتزايدة من الآن، فالسيسى أصبح حالة وظاهرة لا اسماً.. وكما خلقته أجواء ثورة يونيو، وستجسده الانتخابات الرئاسية.. فمصر لا صالح لمدنيتها إلا بالعسكرة هذه المرة.. وهذا الخيار أصبح أكثر واقعية بعد أن زادت الأسماء التى تحلم بالترشح للرئاسة ذات الخلفية العسكرية، لكن ليس إنقاذا لتهديد وحدة الجيش من الانقسام بسبب صراع الجنرالات على الرئاسة، بل لأن الأحق هو صاحب التضحية الحقيقية السيسى، وهذه القيادات العسكرية الشابة التى لم تشارك فى نصر أكتوبر لكنها تتمتع بروح العبور المجيدة.
صراع الجنرالات يراه البعض محسوما لو ابتعد السيسى عن الصورة وهذا مستحيل، خاصة لو عرفنا أن الأسماء المتنافسة تضم الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسى السابق، التى تبدأ بقوة التحقيقات فى تزويرها مع يقين البعض بأنه كان فائزا لولا تدخلات خارجية وداخلية، والثانى وفق الشعبية اللواء مراد موافى رئيس المخابرات العامة الذى أبعده مرسى المعزول ليكون كبش فداء لمذبحة الـ 61 مجندا التى لم تتكشف تفاصيلها حتى الآن، رغم أن كل الاتهامات مصوبة نحو حماس وإرهابييها.. وفق ما لدى من معلومات خاصة، فإن موافى مصر على خوض المعركة لأنه متيقن من حب الناس له!
وفى المركز الثالث «الضاحك» اللواء حسام خيرالله الذى يعد هو الوحيد الذى أعلن بشكل رسمى مشاركته فى الانتخابات رغم ضعف حظوظه مع حب الناس له، بالذات لأنه كان يقف ضد الحكم الإخوانى بقوة مع شفيق فى غياب الأسماء الأخرى، وفى المركز الأخير من بعيد جدا يأتى الفريق سامى عنان مستشار الرئيس المعزول الذى هاج الرأى العام لمجرد أنه ناور بالإعلان عن خوضه معركة الانتخابات الرئاسية خلال لقاء سابق مع القبائل البدوية الذى تربطه صلات بها، فاضطر للتراجع خلال أقل من ساعة، بل قال إنه فهم خطأ فلم يفكر أساسا فى الترشح ليؤكد الشعب بذلك أنه ليس كل من يرتدى البدلة العسكرية محبوبا! وليعيد التساؤلات حول العلاقات بين المجلس العسكرى السابق والإخوان!
«روزاليوسف» ركزت على حالة عنان الخاصة فى عدة مساحات بالعدد منها للزميل أحمد شوقى الذى قدم بورتريه متميزا عن عنان الذى هبط لأسفل سافلين، وكان العديد من المراقبين قد شعر بالقلق على وحدة المؤسسة العسكرية فى معركة الانتخابات الرئاسية المرتقبة بعدما اعتبروه صراعا للجنرالات على الكرسى الرئاسى، لكن كان الرد واضحاً فأرباب المعاشات لا يقلقون أحدا مع كامل تقدير خلفياتهم العسكرية، إلا أن الخروج عن السرب يصل بنا لارتباك نحن فى غنى عنه!
وفق مصادرنا فإنه لا تربيطات قريبة أو بعيدة مع أى من هذه الأسماء والسيسى فوق هذه المنافسة، خاصة أنه يتمتع بتسونامى من الدعم الشعبى فى الشارع لدرجة أنه أعلن مرشحون سابقون تأييدهم له فى مقدمتهم شفيق وحمدين، وترددت شائعات حول أن حمدين وموافى يرحبان بأن يكونا نائبين للسيسى لو أصبح رئيسا، ولاقى هذا استحسان التيارات الموالية لصباحى وموافى، فيما يحاول المقربون من رئيس المخابرات العامة الأسبق إثناءه عن نزول هذه المعركة غير محسوبة العواقب، التى يرى المحللون أن صورتها لن تحدد ملامحها إلا بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية وانعقاد برلمان ثورة يونيو، وتدعو العديد من الأصوات هؤلاء المتصارعين بدرجات متفاوتة على خوض المعركة الرئاسية بالعدول عن قرارهم حتى لا تزيد الضغوط بشكل أو آخر على الجيش المنشغل بمواجهة الكثير من الملفات الخطيرة منها احتمالية ضرب الجيش للبؤر الإرهابية لحماس فى غزة ومحاولات إسرائيل سرقة نصر أكتوبر، بل الحرب فى سيناء والتهديد بموجة ثورية ثالثة تزيد صعوبة المشهد المصرى!
المفارقة التى تفاجئ البعض أن الجيش المصرى بقياداته الحالية يتمتع بكل قوة روح نصر أكتوبر المجيدة، رغم أنه بداية من هذا الجيل لم يشاركوا فى هذه الحرب العظيمة إلا أنهم فعليا روح العبور التى احترفها هذا الجيل مثل جيل النصر تماما تعزز من وحدة وصمود الجيش المصرى وسط هذه التحديات الحقيقية والتى وصلت إلى هذا الصراع الخماسى على الرئاسة!
وتزيد المطالبات فى هذه الأجواء لضرورة ترتيب الأوراق العسكرية فى هذه المعركة الرئاسية حتى لو كانوا جنرالات من أرباب المعاشات، منهم اثنان من المخابرات العامة ورئيس أركان سابق وطيار، ناهيك عن نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع «السيسى»! ولذلك تدور نقاشات مطولة فى الكواليس حول مصير هذا الصراع والقرار النهائى للجنرالات، لكن الأمر الأكثر واقعية أن السيسى سيجبر شعبيا على نزول الانتخابات كما حدث مع اللواء عمر سليمان الذى كان يرفض حتى اللحظات الأخيرة من دخوله المعركة أن يخوضها، وبالفعل تتضاعف التوقيعات الشعبية التى تجمع لدعم السيسى مع تشكيل «أولتراس» سيساوى!
مصر لم تعد قادرة على التجريب مرة أخرى والأحداث تجاوزت حتى من كان أقرب إلى دخول القصر الرئاسى ونقصد طبعا «شفيق»، فالمزاج الشعبى لا يقبل قائدا عسكريا يهرب مهما كانت مبرراته، فهناك فارق بين قائد يواجه وآخر يرفض ولم يعد للقاهرة حتى الآن، وبالتالى وبكل زوايا الرؤية يجب أن يرضخ السيسى للمطالبات الشعبية لخوض معركة الرئاسة من أجل مصر، موظفا قوة ووطنية المؤسسة العسكرية فى تجاوز مصر هذه الأزمات الكارثية، خاصة أن حكومة الببلاوى خارج التاريخ ولا تفعل شيئا كأنها لم تأت بها ثورة، مما يعقد الموقف ويحمل المؤسسة العسكرية والسيسى مسئولية أكبر، ولكم فى تعاملها مع الحد الأدنى من الأجور والتسعيرة الجبرية عبرة يا أولى الألباب.