الأربعاء 30 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
"كدهّون"!.. شبكة أسماء «سُوكّيتى»

"كدهّون"!.. شبكة أسماء «سُوكّيتى»

توقعت قلق قادم من اتجاه «أم عباس» من لحظة ما سمعتها بتخبّط فى الحلل وبترزع فى الأبواب وكِدَهُوَّن، وما توقعته حصل بالفعل، دخلت الأوضة وهى حاطة طشت الغسيل على دماغها ومادة بُوزها شبرين ونص، ووقفت قدّامى مباشرة ونزّلت الطشت من فوق دماغها مع الاحتفاظ ببوزها فى وضع الاشمئزاز، وقالت لى أنا هامشى بعد مانشر الغسيل على طول، وقبل أن أتهور وأقول لها طيب امشى تراجعت فى الوقت المناسب خوفًا من أن تنفجر فى وجهى لو ضيّعت عليها فرصتها فى الحكى والشكوَى، فاضطريت أرد بقلق مفتعل وأقول لها ليه يا أم عباس؟؟ فقالت بقرف (يليق ببوزها الممدود شبرين ونص) أخواتى كلهم جايين النهاردة من البلد ولازم أحضّر لهم لقمة يكلوها وكِدَهُوَّن.



 

قلت لها بطيبة مصطنعة: ليه، خير هو فى حاجة حصلت لا قدر الله؟؟ وكأنها كانت مستنية هذا السؤال الساذج لتنطلق فى الشكوى طويلة مريرة من «عربى» جوزها مع إضافة فقرات بكاء وشحتفة من وقت للتاتى لتفجر القنبلة فى وجهى: «أنا لازم أتطلق، خلاص أنا مش مستحملة؟» فقلت لها عيب عليكى الكلام ده، أنت بنتك على وش جواز.. فصرخت فى وشى (لتاتى مرّة): «ما هو ده مربط الفرس، عربى عايز يفركش الجوازة ويكسر بقلب البت أسماء ويطفش عريسها». وهنا ظهرت المشكلة واضحة فكان لازم أستحضر صوت الأستاذ حسين رياض وأقولها طيب أهدى بس وقولى عمل إيه بالضبط؟ قالت: «إمبارح أبو العريس اتصل وقال إنه جهز فلوس دهب شبكة أسماء وعايز نحدد يوم علشان نهيّص ونزقطط زى خلق ربنا ونفرّج دهب الشبكة للأهل والحبايب والبت أسماء كمان تفرح بشبكتها ونكيد الأعادى، يقوم الراجل النكدى متخّن صوته ويقوله لا أنا مش هاجيب دى جى إحنا نعملها سُوكّيتى على الضيق ونشغل سماعتين كده وخلاص، فأبو العريس زعل وقاله يعنى أجيب لبنتك دهب سُوكّيتى كده ومن غير أى حد يعرف ولا يشوف؟!

طيب ما كل حى يقعد فى بيته ويشغل محطة الأغانى فى الراديو وخلاص، وفضها سيرة بقى.. فضها سيرة!! فاهم معناها إيه؟؟ يعنى بيهددنا بالمدّارى إنه يفركش الجوازة».. وهنا قررت أستحضر روح الحكماء وقلت بصوت عميق يمكن عربى جوزك مش معاه فلوس ومزنوق زى حالتنا كلنا.. واتّكيت أوى على كلمة (زيّنا كلنا احتياطى) وكِدَهُوَّن.

صرخت فى وشّى (اتعودت تصرخ فى وشى) وقالت: «أنا عاملة جمعية وهأقبضها بُكرة ومش هاكلفه جنيه واحد، وكمان اتفقت مع إخواتى يجيبوا اللحمة والفراخ وكفتة رز لزوم العزومة من البلد، وأنا هاعمل محشى كرنب ومكرونة بالباشميل، وأم شيماء جارتى هاتجيب الشربات والكوبايات، والحاجة الساقعة هايجيبها أسطى فتحى عم أسماء، والكمامات والمطهرات دى على العريس، ده حتى فستان العروسة جاب له كمامة من نفس اللون والتطريز إلى على الفستان، حاجة تشرح القلب الحزين، يعنى البت قرفتها حلوة وليلتها متيسّرة ييجى بقى أبوها زى خميرة العكننة ويقول مش هاجيب الـ دى جى؟!».

فرسمتُ الاندهاش على وشّى وقلت لها بزهق «أُمّال فين المشكلة، أنا مش فاهم هو الـ دى جى ده مهم للدرجة إنه يبوّظ الفرح لو ماجاش؟!»، فنظرتْ لى بشىء من الشفقة والعطف بعد أن لمست ضعف قدراتى العقلية فى استيعاب حكايتها فقررت أن تتعامل معى كطفل بليد وبدأت تشرح بهدوء وتدخل فى المشكلة مباشرة، «بيقول خايف علينا من الكورونا والعدوى لو عملنا لمة وعزمنا أهلنا وحبايبنا ونصبنا فراشة وعلقنا الكهربا وشغّلنا الـ دى جى والقسم كمان ممكن ييجى يضلم الليلة ويقبض عليه علشان الأفراح ممنوعة اليومين دول لغاية لما الكورونا دى ماتخلص.. ده الجيران كانوا ياكلوا وشّى ويطلّعوا على البت سُمعة وحشة»، فقلت لها يعنى الـ دى جى هو إلى هاينقذ سمعة بنتك؟؟؟ فتجاهلت سُخريتى وكمّلت كلامها عادى جدّا «ده أنا عزمت كل أهلى وناسى وأصحابى من المنيا والفيوم ومن فيصل والمرج ومدينة السلام وولاد خالتى فى صفت اللبن علشان يردوا النقطة إلى دفعتها لهم فى أفراحهم، ده مافيش بيت فيكى يا مصر إلا ولى عنده واجب، ولا عيلة ماتجيش تجاملنى فى بنتى وكِدَهُوَّن!!».

 فهمت أن أم عباس قررت تجمع كل عائلة الكورونا وسلالتها من كل أنحاء المحروسة للمشاركة فى إحياء شبكة أسماء، فوطيت صوتى فى محاولة للتأثير عليها وقلت لها ماهو عنده حق، الصراحة العدوى منتشرة جدّا ولازم تخافى على نفسك وعلى عيالك، يعنى يعزم الناس من هنا وينقلكم كلكم بعدها على مستشفى الحميات!! يبسطك كده؟!!.فصمتت واستمر صمتها للحظات وربما دقيقة، فاعتبرتُ سكوتها هذا نجاح يثبت قوة حجتى وأنها اقتنعت بضرورة عمل شبكة أسماء سُوكّيتى وكِدَهُوَّن، وقبل ما أحس بنشوة الانتصار.. أخدت نفَس عميق وقالت (بهدوء القتلة والسفاحين) «ما طول عمرنا بييجى لنا كورونا وبنخف منها، إيه إللى اتغير دلوقتى؟!»، قلت لها بسذاجة لا تخلو من الخوف: هو أنت جالك كورونا قبل كده بجد يا أم عباس؟، قالت بثقة وكيل وزارة الصحة لشئون الكورونا «طبعًا جت لى كتير ، بس على أيامى كانوا بيسموها أنفلونزا ودلوقتى بيسموها مكرونة ولا كورونا، وفاكرين لما يغيروا اسمها كده هايخوّفونا، وربنا هو إلى بيسترها معانا كل مرّة».

تصدق يا أستاذ البت أسماء دى حظها ذى حظ أمها؟ فقلت فى اندفاع غير مدروس يا ساتر يا رب متفوليش عليها يا شيخة.. فبصتلى بنظرة غيظ مكتوم وكملت حكايتها ما هو أنا برضه اتجوزت أيام جنون البقر وخلفت أسماء أيام إنفلوانزا لامؤخذة الخنازير ودخلتها المدرسة أيام انفلوانزا الطيور واهى الأيام بتجرى وادينى هاجوزها فى أيام الكورونا.

فقلت لها كحَل أخير: طيب ماتأجلى الشبكة كام شهر لغاية الدنيا ما تهدى ونخلص من قلق الكورونا وساعتها أعملك أحسن فرح فى المنطقة.. فضحكت بعند وقالت «أنا عارفة إن ربنا هايكمّلها على خير، أصل إحنا غلابة والفرح شحيح، فلما ييجى لازم نمسك فيه بإيدينا وأسنانا مش نأجله وكِدَهُوَّن»، أنا سرحت فى ما بعد الفرح وهى دخلة علينا بتعطس وبتكح وعندها أزمة تنفس واحنا بنجرى نجيب لها أنبوبة أكسجين من عند أبو حمادة بتاع لحام الكاوتش إللى على الناصية وكِدَهُوَّن.

فقتُ من هذا الكابوس المرعب على صوتها بيصرخ «ما تنطق يا أستاذ، قولى ناوى تكلم عربى وتعرّفه غلطه ولا هاتتخلى عنّى أنا وأسماء والجوازة تبوظ والبت تقعد جانبى زى قرد قطع ويبقى ذنبها فى رقبتك؟؟، ماتنطق وتتكلم معاه يا أستاذ؟؟؟»، وطبعًا الأستاذ إللى هو أنا كنت سرحان فى إللى هايحصل له هو شخصيّا لو أم عباس قررت فعلًا تعمل شبكة أسماء وعزمت قرايبها فى بلدها وجابوا معاهم الكورونا بتاعتهم علشان تتعرف على الكورونا بتاعة أهل العريس فتتزاوج وتتكاثر وتنتشر وتتوغل على أنغام الـ دى جى ورقصات صاحبات أسماء وتصفيق أصحاب العريس وتبادل القبلات والأحضان بين الأهل والأحباب الممتلى أفواهم بحشى الكروم وكِدَهُوَّن.. عاشت أم عباس راعية الكورونا وسلالتها فى المنطقة وجميع مناطق المحروسة.