الجمعة 25 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المنفي الاختياري أمريكا.. الحلم والوهم 4

حكايات الزواج والهجرة الشباب المصري يتزوج من أجل الجنسية ودفع الإيجار

نادرًا ما تجد زواجًا مستقرّا فى بلاد المَهجر، وغالبًا ما تقوم العلاقات الزوجية على المصالح وعلى مبدأ المكسب والخسارة.. ومعظم الشباب العرب والمصريين حين يسافرون لا بُدّ أن يمرّوا بتجربة زواج من أجل الإقامة والحصول على الجنسية، وغالبًا ما يكون من سيدة أجنبية تكبره عمرًا ولديها أبناء.. أو امرأة عربية لديها جنسية أمريكية وتزوجت عدة مرّات من قبل.. فيتزوجها من دون حُب أوعاطفة من أجل أن تمنحه الإقامة فقط، ثم يتخلص منها بعد ذلك.. والشىء نفسه بالنسبة للفتيات المغتربات فى أمريكا يتزوجن زواجًا غير متكافئ.. يكون أحيانًا بدافع أنها لم تستطع أن تدفع الإيجار أو تنفق على نفسها أو أن تواجه بمفردها الغربة بمتطلباتها وقسوتها وبرودتها فتتزوج من أجل أن يدفع لها الزوج  الإيجار أو بهدف الحصول على الإقامة وتقنين أوضاعها..



وبمجرد أن تحصل عليها تطلب الطلاق، وربما تكون قد أنجبت طفلًا أو اثنين.. ولذلك نجد كثيرًا من الرجال يخدعون زوجاتهم ويَعدونهن قبل الزواج بنقل الجنسية لهن.. ولكن بعد ذلك لا يوفون بوعودهم ويمتنعون عن تقديم الأوراق لإدارة الهجرة التى تمنح الزوج أو الزوجة «الجرين كارد» بعد ستة أشهُر من الزواج، ثم الجنسية بعد خمس سنوات من الحصول على «الجرين كارد».. وأحيانًا يقوم الزوج بسَحب الأوراق بعد تقديمها لإدارة الهجرة وإلغاء إجراءات منح الإقامة.. ويتكرر ذلك كثيرًا؛ خصوصًا حين يلمح الزوج أن زوجته بدأت تتغير بمجرد أن تتأكد أنه بدأ الإجراءات الرسمية لمنحها «الجرين كارد».. والشىء نفسه بالنسبة لبعض الزوجات يتراجعن فى منح الإقامة لأزواجهن حين يكتشفن أن الحصول على الورق هو الهدف الوحيد من الزواج.

زواج المساجد

ينتشر (زواج المساجد) بين العرب والمسلمين فى المَهجر وما يطلقون عليه هناك (الزواج الإسلامى)، ولا يعترف به القانون الأمريكى، وهو يختلف تمامًا عن الزواج الإسلامى المتعارَف عليه.. فالزواج الإسلامى فى مصر هو زواج مُشهَّر موثق يضمن للزوجة كل حقوقها.. ولكن الزواج الإسلامى فى بلاد المَهجر يكون أشبه بالزواج العُرفى الذى لا يضمن أى حقوق للزوجة فيتم فى المسجد بحضور اثنين من الشهود، وغالبًا من  يلجأون لهذا الزواج  هم الرجال المتزوجون؛ حيث يجرّم القانون الأمريكى الزواج الثانى ويُسجَن الزوج ويأخذ كل أملاكه ليعطيها لزوجته الأولى لو ثبت أنه تزوج عليها.. وزواج المساجد فى أمريكا معظمه غير مُشهَّروشفوى من دون وثيقة زواج ولا أى ورق يثبته؛ لأن حصول الزوجة على وثيقة أو ورق من المسجد يجعل زوجَها تحت رحمتها وتهديها.. ويمكنها لو حدث أى خلاف بينهما أن تتقدم بالورق للمحكمة الأمريكية تثبت به هذا الزواج وتسجن زوجَها.. وأعرف سيدة مصرية تزوجت بالمسجد من دون أوراق ولم يكن معها وثيقة زواج.. ولكن كان معها صور فوتوغرافية لحفل الزواج.. وبالفعل حين وقع خلاف بينها وبين زوجها تقدّمت بالصور التى تثبت الزواج أمام المحاكم الأمريكية،  وحكمت المحكمة لصالحها وسجنته وحصلت على حقوقها منه.

وكذلك يلجأ بعض الأغنياء ممن لديهم أموال وممتلكات لهذا النوع من الزواج فيتزوجون فى المسجد بلا وثيقة حتى لو تم الطلاق بعد ذلك لا تحصل الزوجة من الزوج على نصف أملاكه ولا يحصل الزوج أيضًا على نصف ممتلكات الزوجة، فالقانون يُطبَّق على الطرفين وما يمتلكانه بعد زواجهما.. ومعظم هؤلاء يكونون قد مرّوا بتجارب زواج سابق مَرَّرَتْ حياتهم.

وتفرض الحكومة الأمريكية على أئمة المساجد الذين يقومون بتزويج المسلمين إبلاغ الجهات الرسمية لتوثيقه وإلا وقعوا تحت طائلة القانون الأمريكى.. ولذلك هناك الكثير من المساجد ترفض تزويج المسلمين.. ولكن البعض الآخر يفعل ذلك خلسة وفى سرّيّة تامة ويُتمّمون الزواج شفويّا ويشترطون ألا تخرج أى ورقة من المسجد أو تلتقط أى صور تثبت أن إمام المسجد يمارس هذا النشاط الممنوع!

ولكن من أراد أن يتزوج بالطريقة الإسلامية الصحيحة زواجًا يضمن حقوف الطرفين فلا بُدّ أن يقوم بتوثيق أوراق الزواج فى القنصلية المصرية إذا كان مصريّا أو القنصلية التى تتبع بلده إذا كان غير مصرى.

قضايا طلاق

وتكتظ المحاكم الأمريكية بقضايا الطلاق التى يرفعها العرب والمسلمون؛ حيث يرى القضاة العجب فى الحكايات التى يرويها الأزواج والزوجات العرب عن أسباب الطلاق، وكل منهم يكيد للآخر حتى إن المترجمين العرب الذين تنتدبهم المحاكم للقيام بترجمة أقوال الأزواج والزوجات العرب أمام قاضى الأحوال الشخصية كثيرًا ما يشعرون بالحرج أثناء ترجمة بعض ما يقال من اتهامات الزوج والزوجة لبعضهم البعض.. وأحيانًا لا يجدون ترجمات مناسبة لتعبيرات أو كلمات قالتها زوجة ضد زوجها بلغة دارجة تعبّر فيها عن شىء مُعَيّن أو موقف ما ربما يكون مفهومًا فى الثقافات العربية ويصعب توصيل المعنى بدقة باللغة الإنجليزية. 

وقضايا الطلاق تستغرق وقتًا طويلًا بالمحاكم الأمريكية كما يحدث بمصر.. حتى إن صديقة لى حصلت على الطلاق بعد ثلاث سنوات أمضتها  بالمحاكم. 

 الخاطبة فى أمريكا 

تقوم المساجد والكنائس بدور مهم فى زواج العرب من مسلمين ومسيحيين..وكثيرًا ما يلجأ الشباب ممن يرغبون فى الزواج أيّا كانت أعمارهم إلى أئمة المساجد وقساوسة الكنائس؛ ليساعدوهم فى إيجاد شريك حياتهم.

كما تقوم أيضًا بعض السيدات المتطوعات بدور(الخاطبة) كنوع من فعل الخير..وقد سمعتُ كثيرًا عن سيدة مصرية تعيش فى واشنطن تدعَى «أم رامى» تقوم بدور الخاطبة وتوفيق رأسين فى الحلال مجانًا.

كما تتواجد بأمريكا مكاتب مخصصة لزواج العرب والمسلمين فقط.. تعلن عن نفسها فى الصحف العربية هناك وعلى من يرغب فى الزواج يذهب إلى مقارها ويسحب استمارة مقابل مبلغ مالى يدفعه يصل فى بعض المكاتب لمائة دولار..يسجل فيها بياناته ومواصفات العروس التى يريدها.. وقد تعرّفتُ على سيدة مصرية تدعَى «ابتسام» كانت تمتلك مكتبًا للزواج بمنطقة جيرسى سيتى.

وربما ما ضاعف إعجابى بها أنها تجلس على كرسى متحرك. 

والمدهش أن «ابتسام» كانت مطلقة للتو حين فتحت مكتب الزواج، وأثناء قيامها بعمل الدعاية لمكتبها فى أحد المولات التقت برجل مصرى وأخبرها أنه يبحث عن عروس وأنه سيذهب إليها اليوم ليملأ استمارة طلب زواج.. ولكن حين ذهب للمكتب أخبرها أنه ليس بحاجة للاستمارة لأنه وجد طلبه بالفعل.. وعرض الزواج عليها ووافقت وتزوجته منذ أول أسبوع عمل فى المكتب.

العروس أمريكية والعريس من طنطا

فى يوم سألتنى «ابتسام» لو كنت  أعرف سيدة أو فتاة تحمل الجنسية الأمريكية وترغب فى الزواج وتكون على استعداد للسفر معها لمصر ليشاهدها عريس هناك وأنه سيتحمل جميع نفقات تنقلاتها من تذاكر سفر وإقامة بفندق خمس نجوم وكل مصاريفها الشخصية.

قلت بدهشة: إنه رجل غريب ذلك الذى يريد عروسًا تذهب إليه دون أن يراها من قبل! 

تقول «ابتسام» محاولة التوضيح: 

الأمْرُ ليس كذلك.. إنه تاجر كبير فى طنطا ويبحث عن الجنسية الأمريكية لأنه يرغب فى عمل بيزنس فى أمريكا.. والزواج هو الطريقة الأسهل كى يحصل على الجنسية.. وفى كل الحالات هى لن تخسر شيئًا.. فلو أعجبها وتم الزواج خير وبركة.. وإن لم يحدث القبول والزواج تكون قد شاهدت مصر واتفسّحت وغيَرت جَو.

لا أعلم لماذا لم أتحمس لما تقوله وربما شعرت أنها بذلك بدأت تنحرف عن الرسالة النبيلة التى يقوم عليها عملها والتى تهدف إلى الزواج الحلال من أجل بناء أسرة.. ولكن ما تُحَدّثنى عنه الآن أبعد ما يكون عن أهداف الزواج السامية، بل هو نوع من التجارة والبيزنس الرخيص.