
طارق مرسي
الزمالك يمرض ولا يموت
يخطئ من يقول أو يروِّج أن الزمالك سقط أو خرج، ولن يعود، بعد أن فقد بطولتين فى أسبوع واحد، الأولى من منافسه الأبدى «الأهلى». وأن هذا السقوط سوف يعيد شبح عام 2005، وهو العام الذى تحوَّل فيه إلى نادى الهزائم الكروية.
فى المباراة الأولى فقد الفريق خاصية التركيز لتحقيق المكسب، والتى احتفظ بها الأهلى حتى النهاية، أما المباراة الثانية مع طلائع الجيش، فإنه لم يفقد التركيز فقط، بل راح فى غيبوبة. والمباراتان فى الأساس خارج التوقعات، خصوصا الأولى، أما الثانية فتخصع لمنطق المفاجآت.
الزمالك فى عام 2005 افتقد هيكل الفريق المتكامل، واعتمد على عناصر لا تصلح لارتداء فانلة الزمالك، وكانت تمثل عبئا كبيرا تحمله بمفرده «شيكا بالا»، النجم الأوحد فى هذه الفترة، أما الزمالك الآن فيضم عناصر مكتملة وموهوبة وبعضها واعد.
نافس الزمالك فى الدورى حتى آخر لحظة، ونجح فى تحسين مركزه حتى احتل مركز الوصيف، وهو فى حد ذاته بطولة، بعد بداية هزيلة، وصعد باقتدار إلى المباراة النهائية «لقاء القرن» فى الكأس الأفريقى، وخسر بشرف باعتراف الجماهير والنقاد حتى المنافس، ووصل إلى الدور قبل النهائى فى كأس مصر، وألقت الأزمة الإدارية دورًا فى فقدان الحافز والخروج بسهولة من فريق طلائع الجيش المكافح حتى النهاية.
تأثر الزمالك بتغيير مديره الفنى الفرنسى كارتيرون، بعد هروبه، بعد أن حقق استقرارا فنيا غير مسبوق فى فترة قصيرة، أسفرت عن فوزه ببطولتين فى أسبوع واحد (كأس السوبر الإفريقى بعد فوزه بجدارة على الترجى التونسى وكأس السوبر المصرى الذى انتزعه من الأهلى بضربات الجزاء)، وبعد رحيل الفرنسى لم يحقق البرتغالى باتشيكو نفس الأداء الفنى، والنتيجة كانت فشله فى قيادة الفريق بشكل مقنع حتى الخروج وخسارة بطولتين فى أسبوع واحد، بعكس الفرنسى المحظوظ والقدير أيضا.
أما الضربة القاضية، فكانت إبعاد رئيس النادى مرتضى منصور ومجلسه، وتعيين لجنة مؤقتة تدير النادى لحين التحقق من المخالفات الإدارية والمالية، ففى الدولة المصرية الجديدة لا شىء يعلو فوق القانون.
مجلس الإدارة السابق حقق إنجازات تاريخية وغير مسبوقة، سواء على مستوى تكوين فريق قوى حصد أكثر من بطولة، أو على مستوى الإنشاءات، لكن رئيسه فى نظر القانون مخالف حسبما أفادت التقارير ولجان التفتيش، فالنادى فى المقام الأول ملك للدولة ولا أحد فوق المحاسبة والعقاب.
رئيس النادى الموقوف فى نظر البعض حقق إنجازات، ولم يتوانَ عن الدفاع عن قضايا النادى، لكنه حسب وجهة نظر البعض الآخر بالغ فى استعراض قوته ودخل فى خصومات مع الجميع إلى حد التطاول غير المقبول فى الأوساط الرياضية.
رئيس النادى فى الحقيقة رجل صاحب قرار فى وقت تفتقد فيه مؤسسات حيوية القدرة على إصدار القرار، وكان فى مقدوره أن يتحول إلى رئيس تاريخى للنادى بالنظر إلى الإنجازات، وفى النهاية دفع فاتورة أخطائه فلا توجد أخطاء بلا ثمن.
يمتلك الزمالك قائمة مكتملة الصفوف تضم مجموعة من الشباب الواعد وخبرات وجدت نفسها فى غياب الضغوط النفسية والعصبية والتهديد والوعيد وكلها قادرة على تصحيح الأوضاع فى ظل وجود محترفين «أوفياء» رفضوا الإغراءات المادية وحجة عدم استقرار الأوضاع حبًا فى النادى وهى ميزة توحد الفريق وتؤكد أنه سيكون فى الطريق السليم.
أمام اللجنة المؤقتة (إداريا وفنيا) ملفات صعبة وأزمات لا تنتهى وأدوار كبيرة، لمساعدة الفريق للخروج نفسيا من عنق الزجاجة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وعبور المباريات الأولى من الموسم الكروى الجديد الذى يبدأ اليوم وبمباراة صعبة مع المقاولون العرب.
اللجنة تضم أسماء كبيرة ورجال قانون أفاضل، إلى جانب رموز كروية، والآن أصبح لا وقت للاختلاف والانسحاب من خدمة النادى، والاحتفاظ بقوام الفريق هو الهدف الأول الذى يسعى إليه الآن لإعادة الثقة والاتزان، فالزمالك يمرض كثيرا ويقوم ولن يموت، والقلعة البيضاء بتاريخها وجمهورها العريض باقية والأفراد زائلون.>