حالة «الرئيس Kanye»

السقوط المدوّى غير المتوقع لترامب أمام منافسه الفائز بايدن/ هاريس، قد أنسَى الأمريكان والعالم الاستمتاع بحالة الكوميديا والتراجيديا التى أحدثها خبرُ ترشّح وخروج المغنّى «كونيه ويست» Kanye West سريعًا من انتخابات الرئاسة الأمريكية كمرشح مستقل، هى الحكاية التى نسبها العالمُ أجمع بسبب أزمة التنافس والصراع بين بايدن وترامب حول تزوير الانتخابات، فمغنى الراب والهيب هوب والملحن والمؤلف وصاحب خطوط إنتاج الأزياء وصاحب أحدث حزب أمريكى -Birthday Party - الحزب المصنوع لأجله خصيصًا فى عدة أيام، وعن طريقه أعلن نفسه فى ٤ يوليو الماضى مرشحًا مستقلًا ينافس بايدن ويَعِد الأمريكان بإسقاطه وحماية البيت الأبيض منه ومن حزبه، وفى الوقت نفسه ينافس ترامب ويؤيده صديقًا ورئيسًا ويهدد بترك أمريكا لو سقط ترامب حزنًا عليه- طيب وهو كان نازل الانتخابات ليه؟! محدّش عارف- ترامب سقط ولم يهاجر كونى من الولايات الى بلاد الله البعيدة.. 

غير مفهومة حتى الآن تلك الأسباب التى دعت «كونى» أو «كانى» للترشح فى جلبة وصخب وللانسحاب فى صمت وانكسار، وهو لم يكن يومًا مهمومًا بالسياسة، بل مهمومًا بالتجارة والفن وجمع المال، حتى إن فوربس صنّفته ثالث أغنى بليونير ضمن 7 بليونيرات داكنى البشرة فى أمريكا العام2019، وصنفت أبناءه الأربعة كأغنى أبناء مشاهير أمريكان لعام 2020، بلغت ثروة كونى ويست طبقًا لتقرير فوربس 1.3 بليون دولار، وكان قد رصد مبلغ6.8 مليون دولار لحملته الانتخابية، تبرع لحملته من جيبه الخاص بمبلغ 2.682مليون دولار، الباقى تبرع به أعضاء حزب عيد الميلاد، حزبه الملاكى.. 

 كان الجميع يعرف أن ترشّحه تم بشكل كوميدى وبموافقة «وافتكاسة» صديقه المقرب ترامب نفسه، لكن رسوبه كان لأسباب أكثر دراماتيكية، أولها حصوله على 60000 صوت فقط جميعهم أصوات جمهوريين من نسبة 160 مليون صوت انتخابى، ثم كان انهيار علاقته الزوجية بنجمة تليفزيون المستقبل وعارضة ومصممة الأزياء كيم كارديشيان، وبث فضائحهما على الهواء وأثناء حملته الانتخابية، هكذا فجأة ودون مقدمات ودون أن يتخيل أحد مدى عمق الصدع المستور بينهما، وأن بيتهما من زجاج سُمْكهُ رقيق من أول ضربة طوبة تهشّم، وبدا الأمر وكأنهما قد أزالا ورق الحائط المزركش من فوق الجروح المُخبأة، فبدا قبح وعمق الشق وطوله، أو أنهما قد سأما وكرِها الصديد المدسوس والمكمور فى الخزائن والخلايا، هنا فقط قد خسر «كونى» الانتخابات وبيته وأطفاله الأربعة معًا.. 

 ستعرف أيضًا أن المرشح الرئاسى المستقل والساقط، ومغنّى الراب ومصمم الأذياء وزوج مصممة وعارضة الأزياء كيم كارديشيان- المارونية والمتبرعة لمواطنى ناجورنو كاراباخ بمليون دولار هذا العام- ومع أنه هو الصديق الصدوق للرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، ستكتشف أنه قد موّل حملة هيلارى كلينتون فى 2016 ضدّ ترامب بمبلغ 2000دولار فقط لا غير، ورُغم المبلغ الهزلى الزهيد الذى تبرع به للحزب الديمقراطى لأجل حملة هيلارى كلينتون وقتها فقد كان يعمل على إسقاط ترامب بالفعل، أو على الأقل كان يتمنى ذلك، وستعرف أيضًا أنه وعد الأمريكان بخوض انتخابات 2024.. فى منافسة جديدة مع صديقه ترامب.

ولا بُدّ أن تعرف أن «كانى ويست» ينتمى لبرج الجوزاء مولود فى 8 يونيو1977، مجرد معلومة عابرة..

 فى أول مؤتمر انتخابى رئاسى تحدّث «كونى ويست» عن خيانة زوجته «كيم كارديشيان» له مع صديقهما مغنى الراب « مايك مايل»- كان يستعيد واقعة حدثت فى2018- حكى حكاية خيانة زوجته على الهواء وبكى، ثم بكى ثانية وهو يستعيد ذكريات الطفولة ورغبة والده فى إجهاض أمّه الحامل به، ويبكى أكثر وأكثر وهو يحكى عن محاولاته إجهاض زوجته الحامل فى ابنتهما الأولى، فبدا موتورًا للغاية، ما أحرج زوجته وجعلها تطلب الطلاق، وجعلها كذلك تعلن أنها لم تنتخبه وكانت تؤيد «كمالا هاريس» وانتخبت «بايدن» وفرحت فى سقوط «ترامب»، ثم أعلنت بوضوح فى التوكشوز جميعها بأن زوجها المغنى كونى ويست والحاصل على عدة جوائز من جرامى ومرشح الرئاسة مريض، معتل العقل، مصاب بمرض اضطراب ثنائى القطب، وهو مرض عقلى ينتج عنه حالة من الهوس والاكتئاب، ما يتسبب فى تغيرات غير متوقعة فى الحالة المزاجية والسلوك للمريض تتراوح صعودًا وهبوطاً وتستدعى حالة مستشفى عقلية عند تطور الحالة، وهو ما بدا واضحًا عليه منذ أن أعلن ترشحه للانتخابات حتى الآن، يقينا كونى ويست ليس أول معتل عقلى يترشح للرئاسة الأمريكية ولا هو أول تاجر وفنان لم ينخرط بالسياسة فى حياته ويقرر الترشح للانتخابات الأمريكية ولا هو أول مرشح يتزوج امرأة ككيم كارديشيان التى بدأت شهرتها تنضح عام 2003 بتسريب فيديو جنسى لها قبل أن تصبح مذيعة وعارضة أزياء وناشطة حقوقية وقبل أن تتزوج كونى ويست بسبع سنوات، ولا هو أول مرشح لم يأخذ الأمر بجدية- بل لهزار- وكأنه ذاهب إلى حفل غنائى فى بار، أو متجه لعمل إعلان تليفزيونى بين الفقرات المهمة عن حذاء سنيكر جديد.