الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الضمير الغائب!

الضمير الغائب!

كثيرةٌ هى الظروفُ والأزمنة التى يتحدث فيها المرءُ عن الضمير، وكثيرة هى الكلمات والمقالات التى تمّت كتابتها وترددت بشأن الضمير، ولكن مؤخرًا بات الضمير عُملة نادرة يصعب تداوُلها واستخدامُها لدى البعض، بَعد أن باتت المصلحة الشخصية هى المُهيمنة، وأصبحت لها الكلمة العُليا فى أى عمل نمارسه أو فى تجربة نخوضها، المؤسفُ أنّ غياب هذه العُملة النادرة التى نطلق عليها «الضمير»، تمكنت بدورها من بعض أجهزة الدولة بَعد أن سبق أن افترست أفرادَ المجتمع، وهنا مَكمَن الخطورة الذى يجب أن ينتبه له الجميع، فدولة بلا ضمير ستصبح دولة بلا وعى، ومؤكد أنها ستصاب بأمراض الفقر والجهل والعظمَة الزائفة، بخلاف ضياع حقوق مواطنيها نتيجة للطموح الزائد على الحد لدى صاحب السُّلطة أو المال، والتى ستجعل منه فى النهاية ديكتاتورًا يتحكم فى عباد الله، وبالتالى سيذهب أى إنجاز تحققه مع الريح.. هذه الأمراضُ المستعصية والمتفشية فى مجتمعاتنا، تفرض علينا السؤال الذى لا بُدّ أن تكون له أجابة شافية، حتى تنهضَ بلادُنا من سُباتها العميق الذى نكتفى فيه فقط بالحديث عن زمن الحضارة والـ7000 سَنة، التى لم تَعد تصلح من شأننا فى التعامل اليوم: مَن المسئول عن غياب الضمير وموته فى عقولنا؟، هل هو التعليم العقيم الذى جعل العقول هُرمت وشاخت قبل أن تنضج؟، أمْ الشهوة والرغبات وحب الذات والطموح الجامح الذى لا سقف له، دون إمعان النظر فى الإمكانات المتوافرة بحثا عن الثروة والسُّلطة، أمْ الأسْرَة التى لم تُحسن تربية أولادها بزرع القيم النبيلة والأسُس السليمة فى نفوسهم لانشغال الجميع فى البحث عن (لقمة العيش)، أمْ البُعد عن تطبيق المفاهيم الصحيحة للدين دون غلو واستخدامه لتحقيق مصالح البعض من القائمين عليه، أمْ ظروف الحياة والصراع الدائم بين أفراد المجتمع بحثا عن الأفضل.. جميعُها أسبابٌ تجعل هناك مَن يغيب ضميرُه عن قصد وتعمُّد أو بمعنى أصح يبيعه لمَن يدفع، اعتقادًا منه أن ذلك هو الخيار الأمثل لتحقيق نوع من الاستقرار المفقود فى مجتمعنا، الذى من المؤكد تبدّلت أحواله الآن عن ذى قبل، فما هو الأمرُ الجَلل الذى يجعل الموظفَ العامَّ يُهمل فى أداء وظيفته وتقديم الخدمة للمواطنين إلّا بعد الحصول على المَعلوم؟، وما الذى يجعل مسئولًا كبيرَ القيمة والقامَة، أو رئيسَ حى أغلبهم من عائلات ميسورة الحال ليقبلوا رشوة من رجل أعمال أو غيره مقابل الموافقة على ما ليس له؟ وما الذى يجعل طبيبًا يتجرد من جُل معانى الرحمة والإنسانية ليشارك عصابات الإتجار فى بيع الأعضاء البشرية؛ سعيًا لتحقيق الثراء حتى ولو كان على حساب المرضَى الذى أقسَم يوم تخرُّجه على علاجهم؟، وما الذى يجعل المدرسَ الذى وصفناه بأنه «كاد أن يكون رسولًا» يُهمل فى شرح الدرس داخل الفصل حتى يُجبر الطلابَ على الاستعانة به فى المنزل لتلقّى درس خصوصى من سيادته؟، وما السببُ الذى يجعل رَبَّ الأسْرَة يهرب من واجباته فى رعاية أسرته ويُدمن المخدرات، أو ليتزوجَ من سيدة أخرى لمجرد أنه يريد التغييرَ؟، وما السببُ الذى جعل الأخَ لا يرى شقيقة إلّا فى المناسبات؛ اعتقادًا منه أن وسائل الاتصال الحديثة تكفى؟، وما السببُ الذى يجعل الأمَّ تتفق مع عشيقها لقتل رضيعَها حتى يخلو لها (الجَوُّ) لتنعمَ ولو لساعات فى الحرام؟ أو الابن الذى يقتل والدَه لمجرد أنه امتنع عن منحه نقودًا ليتعاطى بها مخدرات، وما الذى يفيدُ رجال الأعمال فى احتكار سلعة ما وتعطيش السوق منها وأغلبهم يملك من المال ما يجعلهم هُم وأسرهم سعداء مدى الحياة؟، ناهيك عن التاجر الغشاش الذى يخلط السلع بعناصر ضارّة تؤثر على صحة الناس لتحقيق أرباح كثيرة، وأخيرًا ما الذى يجعل رجل الدين يصدر فتاوَى تصب فى مصلحته أو مصلحة جماعة إرهابية ينتمى إليها دون النظر إلى جوهر الدين الحقيقى أو إلى مصلحة المجتمع؟..



لكل هؤلاء أقول لهم: غيابُ الضمير أو انعدامُه لن يعود عليكم بالخير قط؛ وإنما سيكون شرّا لكم ولأسَركم فى المستقبل، وحصيلة الأموال التى جمعتموها من جرّاء ذلك لن تتمتعوا بها، ولذلك نسأل الله أن يوقظ ضمائرَكم وتعودوا إلى رُشدكم حتى لا تتحول حياتُكم إلى جحيم.