الجمعة 4 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
ثُمّ ماذا بعد أن حطموا الصنم وأسقطوا العَلم؟

ثُمّ ماذا بعد أن حطموا الصنم وأسقطوا العَلم؟

أنت حُر  شئتَ أمْ أبيت.. صدّقْتَ أو لم تُصدق  أن ثمة كتابًا فى التاريخ الحديث يدونه الآن المواطن الإفريقى الأسود على الأرض الأميركية.. وأنه فى سبيله لأن يمحو فصولًا مما سطرها المواطن الكاوبوى فى الكتب القديمة.



 

وانتبه جيدًا إلى مقدمة الكتاب التى توضح أن الأسود الذى سلسلوه من الصحراء الإفريقية قديمًا عبدًا إلى أرض الكاوبوى، كانوا قد جلبوا قبله الجِمال الإفريقية لدواعى حربية..وأنه والجَمَل «جيران»..  شبيهان.. صُنوان.. يُخزنان فى السّنام والقلب ماءً وحسرةً وقوةً مباغتة جعلت من رقبة «جورج فلويد» ثورة أمريكية عارمة.. تَذَكّر.

 

ولكى تدرك قوة وأهمية ومَغزى أن يبتدئ الثائر الإفريقى الأميركى غضبه بتكسير التماثيل، بمعنى تحطيم الأصنام.. عليك أن تتجوّل مرّةً فى أىّ أرض بأىّ ولايةٍ أمريكية تشاء وشاهد مئات وآلاف التماثيل العملاقة الضخمة لتجار العبيد وللحُكام وللقادة الكونفيدراليين  وتماثيل الرموز الدينية.. التماثيل المنثورة كالأشجار فى الساحات والحدائق والميادين والمتاحف والمطارات والجبّانات.. حتى الجبّانات؟ نعم.. وأمام البيوت.. وأمام المدارس  والمشافى والوزارات  وداخل محطات القطارات وفى صحن الجامعات.. بعضها أصنام  للطغاة وثمة تماثيل أخرى  لرؤساء ولفلاسفة ولمفكرين  سقطت جميعها بين مُهلل ورافض.. بين مؤيد ومُعارض.. ولكليهما وجاهة فى الرأى والطرح والاستنتاج.. فى النهاية أنت هنا أمام كتابة تاريخ جديد  وترسيم جغرافى لشوارع صارت تخلو من مَظهرها القديم ووجهها الأول وصورتها المعهودة.. تخلو من أسماء كل الذين كتبوا التاريخ الأول- أبالسة أو طيبون - التاريخ الممتد حتى اليوم الذى سبق ليلة  ٢٥مايو الماضى.. أمّا لماذا واكب سقوط التماثيل  تحطيم جهاز الشرطة والمطالبة بإعادة تأهيل أفراده وهيكلته؟، فذاك؛ لأن الشرطى أبيض اللون أو أسود هو أيادى الكاوبوى الباطشة.. هو مُنفذ جائر للقانون..   وأحيانًا يكون الشرطى قاتل متسلسل. 

 

 وقبل أن نستدرك الفروق والأسباب بين ما قالته أرملة «نيلسون مانديلا» رافضةً فعل تحطيم التماثيل  وبين ما كتبه المخرج الكبير «مايكل مور» مؤيدًا لتحطيمها.. ثمة  سطور توضح الأسباب و تشرح الحكاية.. علينا أن نفهم الغضب الأسود العاتى الذى تجاوز تحطيم تماثيل الطغاة البيض  إلى المطالبة بإسقاط كل تماثيل السيد المسيح البيضاء من الكنايس والكاتدرائيات بالولايات الأميركية الشمالية جميعها.. المطالب التى لاقت تأييدًا كاسحًا وصل إلى حد أن يتم اعتماد المسيح الأسود أيقونة مَشهد العشاء الأخير فى كاتدرائية ولاية آلاباما تضامنًا مع حركة بلاك لايفز ماتار.. الفعل الذى سمّاه الثوار هناك بـLast Super .. ويعنى إعادة رسم لوحة دافنشى المرسومة فى القرن الخامس عشر بواسطة نحاتين ورسامين من حى جامايكا.. الأمر الذى الذى جعل ثلث السود فى طول أمريكا وعرضها يطالبون بإزالة التماثيل البيضاء ليسوع المسيح.

 

كانت السيدة  «ويدو جريس ميشيل» أرملة الزعيم الإفريقى الخالد نيلسون مانديلا قد أدلت بدلوها فى شأن تحطيم التماثيل وهى ابنة إفريقيا محرّر الجنوب من عنصرية الأبيض قائلة إنها ضدّ تحطيم ومحو التماثيل؛ لأن التماثيل جزءٌ من تاريخنا حتى لو كان تاريخًا من القهر والذل.. هو تاريخ.

 

كان الأمريكى المخرج الكبير مايكل مور- وهو الآخر صاحب نضال بالصورة ضد العنصرية- قد كتب على صفحته مؤيدًا إزالة كل تماثيل تجار العبيد وزعماء الكونفيدرالية واستبدالهم بتماثيل لـروبرت دى نيرو وآل باتشينو ومادونا و تارانتينو وفرانسيس فورد كوبولا وكولومبوس وأندرو جاكسون وسونى بونو وبيلوس ولاجوازديا وديفيتو وفوتشى وساكو وفانزينى وزانبوتى. 

 

ولا تنسَ فى خضم المعركة أن تدوّن مطالبة الابن الأمير لترامب المتظاهرين الذين يزيلون التماثيل أن يضعوا مكانها تماثيل لوالده. 

 

ولا تنسَ وأنت تطالع كتاب التاريخ الأمريكى الجديد أن تشاهد صور شوارع وميادين ومطارات وماركات ملابس وعطور وكريمات وأطعمة  أمريكية شهيرة كانت لأسماء عنصرية قد تمت إزالتها تمامًا.. نعم حدث بالفعل.