الجمعة 4 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
أمريكا الجديدة.. مشاهد غير هوليودية

أمريكا الجديدة.. مشاهد غير هوليودية

ستتحير كثيرًا فى اختيار رؤية واحدة صائبة تحلل وترصد أو حتى تشير من بعيد لما يحدث داخل القارة الشمالية الأمريكية.. بل إنك ستتحير أكثر فى اختيار عنوان يختصر فى كوب كل ما يموج به بحرهم الهادر الآن.. مثلًا تستطيع أن تكتب عدة عناوين دفعة واحدة  وكلها تبدو صحيحة.. مثلًا :



 

ثورة بـ 20 دولار.. يا بلاش

 

ثورة قَرْصِتها والقبر 

 

«شعب بيخزن زى الجمل»

 

ثورة أشعلها الديمقراطيون.. وأججها بوش وأوباما وهيلارى

 

مشاهد مرعبة لم ترد فى سينما هوليود

 

يوم أن ركعت شرطة أمريكا أمام الشعب 

 

البوليس يحمل كفنه ويسير بين الجموع 

 

قائد القوات الجوية ينفى نزول الجيش للشوارع كبحًا ً للتظاهرات، ويصف سلوك الشرطة بأنه مأساة أمة.  

 

ترامب : « مش هتنزل المرة دى » بصوت عبدالفتاح القصرى.

 

وهكذا، هذا حين تسأل ذات السؤال الأوحد والأصعب الذى يردده العالم الآن: هل نحن نشهد - ونشاهد مشاهد من - زوال إمبراطورية كانت كبيرة وقامت على كذبة كبيرة؟

 

الإجابة: لا نعرف.. ولا أحد يعرف، وما نملكه مجرد تخمينات وأمنيات وأحلام لكن تستطيع أن تقول إن هذا هو عمر الإمبراطوريات -وده أجَلْها ولازم تموت- الميلاد كان عام ١٤٩٧.

 

أيضًا الإمبراطورية  الرومانية عاشت حوالى ٥٠٠ عام بدأت من 510 قبل الميلاد.

 

الإمبراطورية الفارسية ولدت عام 595  قبل الميلاد، حتى الإمبراطورية العثمانية لم تكمل 600 عام وُلِدت عام 1299 حتى 1923.

 

إذن ستكمل الإمبراطورية الأمريكية بعد أسبوعين عامها الـ 523 فقد ولدت فى الرابع والعشرين من يونيو 1497.. يعنى ربما أنها تحتضر - بتطلع فى الروح - وربما يتم وضعها على جهاز تنفس إلى حين تحضير بديل يحكم العالم ويرضى عنه السادة -من خلف الحُجُب - الذين يديرون الدنيا.. تلك الأسماء الكبيرة التى نتداولها والمنظمات المرعبة «اللى إسمها بيسيّب الرُكَب» منظمات ماسونية صهيونية.. رجال مال.. عصابات دولية.. مخابرات.. ثم وسائل التواصل الاجتماعى التى ترانا ونحن جالسون على مقعدك التواليت فى دورة المياه.. وهكذا. 

 

ومن الممكن أن تزيح كل ما سبق من مشاهد وتتفكر فى معانى أشياء وصور عدة جعلت ثورة الأمريكان غير كل الثورات - بتاعتنا - منها أن مؤسساتهم لا تتبع الرئيس بل حاكم كل ولاية.. وإن المشهد المتكرر فى معظم الولايات لأفراد الشرطة وهم يجثون على أرجلهم وينحنون أرضًا للمتظاهرين، لهو مشهد شديد الاحترام والروعة والتأثير.. مشهد خارج الكادر القديم والنمطى تمامًا.

 

مشهد جماهير المتظاهرين الغفيرة فى معظم الولايات وهى تخترق حظر كورونا وحظر ترامب وتحتل الطرقات والميادين بلا كمامات ولا خيام ولا خوف من الموت ولا حتى تهديدات ترامب.. ترامب المذعور مختبئًا فى جحر أسفل البيت الأبيض رعبًا من مشهد هؤلاء المتسللين حتى طرقات البيت الأبيض.

 

أنت هنا أمام مشاهد فارقة لم ترد فى كتب الثورات التى ألفتها وطبعتها وبثتها مخابراتهم - ولا يجب أن تغفل معاناة وإرادات الشعوب كلها - حتى ولو جاءتهم الثورات ديليفرى.. فالانتفاضة الأمريكية التى أججها الديمقراطيون ربما بدأت بمكر وحيلة وقصدية واضحة لكنها فلتت منهم: فالقتيل الذى مات بعشرين دولارًا مزيفة له حكاية تشبه بوعزيزى والباقين فى منطقتنا.. جورج فلويد اشترى شيئًا من بقالة صاحبها فلسطينى بعشرين دولارًا مزيفة.. والبقال الذى أبلغ عنه الشرطة اختار أكثر مركز بوليسى قسوة فى التعامل مع المتظاهرين السود تحديدًا.. ضباطه مشهورون بالخنق وضرب النار على العزل.  الثورة الأمريكية ربما بدأت بإعداد مُحكَم لكنها انفلتت من أصابع صانعها إلى حيث أوجاع الأمريكان الحقيقية.. الفقراء جدًا والمهمشين وعابرى السبيل.. الأوجاع التى لم نكن نعلم عنها شيئًا نحن شعوب العوالم المقهورة البائسة.. فإذ هم أشد بؤسًا وقد لوّعهم كوفيد 19 وأخذ فيهم تقتيلًا مثلنا حيث لا دواء ولا مستشفيات ولا تأمين يغطى المرض ولا مدافن للموتى.. ولا وداع.

 

ستجد أن تمثال الحرية لا يمثلهم على الإطلاق ولا حتى المنظمات الحقوقية التى اخترعوها لتأديب العالم تمثلهم ولا تمت لهم بصلة.. والناس هناك ليسوا كأسنان المشط.. يبدون أكثر وضوحًا وتشكيلًا فى هيئة: (صوابعك مش زى بعضها)  فلا الأبيض يساوى الأسود ولا المرأة تتساوى مع الرجل ولا الولايات تسير عليها نفس القوانين والحقوق ولأن أحمد هو (إسداحمد) فلا تعويل على حزب ديمقراطى ولا حزب  جمهورى.. كلاهما يعملان عند نفس السيد البعيد جدًا عن المشهد والكائن خلف حجب أجهزة شديدة السطوة تجر رقابنا-كل رقاب شعوب العالم -  بحبالها ولا تستثنى رقاب الأمريكان.