
هناء فتحى
وكانَ فضلُ كورونا علينا عظيما
لا يعود الفضل لهذا الكائن المجهرى «كورونا» فى كونه فقط قد أسقط نظريات اقتصادية عقيمة كاذبة راسخة تتحدث عن الرفاهية ولم تجن منها البشرية سوى الفقر والأوبئة، ولا لكونه قد أسقط فلسفات قديمة شديدة التجذر، والعمق الإنسانى أرّخَتْ لإنسان آخر افتراضى لا يزال غير موجود، فَلَسْنَا هو ذات الإنسان الذى تحدثت عنه الفلسفات القديمة والحديثة، ولا لكونه قد ساوى بين الأمير والغفير فى المرض والذل والذعر والوحدة وطقوس الموت.
ولكن لكونه قد أسقط، وبالضربة القاضية كل رجالات/ تجار الدين جميعًا فى أربعة أرجاء الدنيا -أرضيين وسماويين-، حين أُغْلِقت بالكورونا والضبة والمفتاح أبواب معابد الكون فى وجوه المصلين الخاشعين الطائعين الباكين التائبين المستغفرين وتم هجر المعابد برضا وبذُعر وبقناعة وبفتاوى دينية مغايرة - تصور !!- المعابد التى كانوا يجبرون الناس فى الشوارع على دخولها غصبًا وضربًا وتهديدًا مرةً، ومرةً ترغيبًا بالفوز بالجنات والنساء والطعام والشراب فى الآخرة.
ولم يعد لرجال الدين سطوة ولا كلمة لا عند جمهور المستضعفين الطيبين المستسلمين لخطابات الأرباب.. أو على الأقل قد خف تأثيرهم على العامة، ولم يعد لرجال الدين ذات الأهمية / الوظيفة (عند اللى مشغلينهم وطالقينهم على الناس فى العالم كله) .
أغلقت المعابد!!.. المعابد التى لها وبها ومن أجلها تم قتل وترويع ملايين البشر على مر العصور والبلاد.. تلك الأديان التى قتلت الناس بأوامر من الآلهة - على المنابر من داخل المعابد المختلفة دينيًا وعقائديًا، المعابد قد هجرها المؤمنون!!! يا سيدى يا سيدى.. المؤمنون الذين راحوا ليقبلوا برضا تام فتاوى رجالات دياناتهم بـ«الآيات» التى تأمر الناس بالصلاة فى بيوتهم درءًا للخطر.. الخطر الذى صار أهم لقاء وجه الله.. وكانوا قد أبدعوا وابتدعوا بنايات فاخرة واسعة متعددة ومن أجلها قاتلوا بعضهم بعضًا آلاف السنين. بل هدّموا معابد بعضهم بعضًا حيث أنا صاحب العقيدة الصحيحة والآخر ضال كل صاحب ديانة يقول: وحدى صاحب الهدىّ المبين.
الناس جميعًا فى أربعة أركان الدنيا قد سكنوا الآن واستكانوا ليس خوفًا من الله كما ادعوا سالفًا بل خوفًا من فيروس لم يقتله الدين ولا آياته ولا ترديدها.. فيروس لم يروه كىّ يقتلوه بالسيف أو المقصلة أو بالقنبلة كما قتلوا الناس فى الأرض باسم الله.
أظن أن العالم - ما بقى من العالم - حين يتعافى من الموت الأكيد القريب المحتمل سيستيقظ من غفوته.. من ميتته القديمة المستمرة، ولسوف يستنهض همته فى قيامة دنيوية مصغرة، ولسوف يجهز على الذين تحدثوا باسم الله فينا وغيبوا العلم لصالح الغيبوبة.. الذين ضلوا وضللوا الناس .
لقد تم إغلاق المسجد الحرام والمسجد النبوى والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة والفاتيكان وكل معابد أصحاب العقائد الأرضية بفتاوى دينية مختلفة حسب كتاب كل فصيل.. وصار من الممكن بل من الجائز شرعًا ألا يحج الحجيج .
لذا ليس علينا أن نجلس الآن فى بيوتنا خوفًا وذعرًا انتظارًا لجمع وضرب وطرح أرقام موتى كورونا فى كل بلد.. بل علينا أن نعد ونحصى موتى الأديان والبلاد.. ونتساءل بجدية وبإيمان حر: هل جاءت الأديان لقتل الناس؟؟ ألم تأتِ الأديان ليزدهر العقل ويتنامى الفكر؟ ثم علينا أن نُهَيّكِلَ الله من جديد فى القلوب وحدنا ودون وسيط.. وأن نحاصر ونحاكم من غيّبوا العقل والعلم لصالح الخرافات المُؤَّولة والمحشوة فى الكتب للعامة بأوامر «الأسياد».. فى الكتب التى ليست هى كتاب الله والتى تُعْنَى وتهتم وتدعو لطاعة الحاكم التى هى من طاعة الأرباب وبكل الأساليب والطرق ولو بالقتل.
وأجمع: كم دفعت البشرية طوعًا ورضا وابتهالًا على مر الأزمنة والعصور أموالًا وتبرعات -لله- من الفقراء ليبنوا لنا معابد وليس بيوتًا ولا مشافى ولا دورًا للعلم والعمل.. ويزينونها باسم -الله - وباسم الله قد اغتنوا هم.. ورضينا أن نكون نحن الفقراء إلى الله.
حسب منظمة الصحة العالمية حتى اللحظة ارتفع عدد موتى كورونا فى العالم إلى رقم 2763.
كم عدد قتلى الإرهاب باسم الله فى العالم؟
كم عدد قتلى الحروب الكبرى والصغرى فى العالم؟ الحروب التى قادها كل جيش باسم إله الحق.