
الفت سعد
قدرة الخالق
خُلق الإنسانُ ضعيفًا فعلًا ولم تستطع أحدث التكنولوچيات ووسائل التقدم والحماية أن تنقذه من تقلبات الطبيعة.. بَلدٌ مثل أمريكا التى تهاجمها الأعاصير بشكل دائم حتى أصبح لها أسماء ولها موعد وتضع لها كل الاحتياطات التى تتخذ؛ فإن أمريكا بجلالة قدرها لا تستطيع إيقاف الأعاصير أو الزلازل أو منع الخسائر.. كذلك فى بلاد شرق آسيا؛ حيث التسونامى التى تقضى على الأخضر واليابس والزلازل المهددة لجُزر اليابان بشكل مستمر.. لكن إذا كانت الطبيعة متغيرة منذ خُلق الكون فقد أضر الإنسان بالكرة الأرضيّة التى يعيش عليها عندما ظهرت الثورة الصناعية، التى وصلت مداها الآن وأفسدت الهواء والماء والتربة وكل الكائنات الحية وظهرت أمراض وڤيروسات قاتلة بعد أن ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس؛ بسبب الانبعاثات الضارة من المصانع الذى أدى إلى التغير المناخى الذى ظهرت نتائجه منذ سنوات، وما هو إلا شكل من أشكال إفساد البشر للأرض والهواء، وأوضح أشكال التغير المناخى كما نعرف ارتفاع درجات الحرارة فى بلاد الثلج وبدء إذابة ثلوج المناطق القطبية بما ينذر بارتفاع سطح البحر عن الشواطئ، وربما غرق بعض المناطق، كما أن ذوبان الجليد بالمناطق القطبية أدى إلى انتشار الكتل الهوائية الباردة، لذلك أصبح الشتاء فى مصر كصقيع أوروبا وتحوَّل الصيف إلى حَرّ الخليج.
سوء الأحوال الجوية وزيادة حدة وطول فترة الأمطار فى مصر كشف عن فساد وإهمال وقصور الأداء فى المدن الجديدة، سواء فى أسلوب رصف الشوارع ومدى انحدارها لعدم غرقها بمياه الأمطار، وكشف أيضًا عن أسلوب البناء الخاطئ للعمارات والڤيلل فى تلك المناطق فى ظل غياب قواعد وآليات صرف المياه فى البنايات، التى يجب أن تتعامل بها أجهزة المدن والأجهزة المحلية قبل إعطاء التراخيص بصلاحية أى مبنى.. والغريب أن المبانى القديمة هى التى صمدت أمام الأمطار ويتم تصريف أى مياه سواء من الأسطح أو البلكونات بشكل فنى سليم.. فى منزل والدى بمصر الجديدة المبنى منذ مائة عام، وكانت شقتنا فى الدور الأخير، كانت هناك بالوعة كبيرة بالشرفة الخارجية تصب فى ماسورة ممتدة من أعلى إلى أسفل حديقة مدخل المبنى، ومَهما اشتدت الأمطار فلا نجد أى مياه متراكمة.. أمّا المنازل والشرفات الحديثة فتغرق فى شبر مَيّة!.
رُغم الأضرار التى تصيب الإنسان من جراء غضب الطبيعة وتقلباتها؛ فإن لكل ظاهرة طبيعية الجانب السلبى والإيجابى أيضًا، فالأمطار الشديدة تعيد ملء الآبار وترتوى الصحراء وتنمو الزراعات بتلك المناطق والرياح والعواصف تقوم بتنظيف وتطهير الأرض من الڤيروسات الضارة، والأهم تجلِّى قُدرة الخالق فى شئون خَلقه «سُبحان الله».