
هناء فتحى
« قاسم سليمانى» و«جيفرى أبستاين».. والقاتل واحد
لم يحظَ مقتل تاجر النساء الأمريكى والملياردير الشهير «جيفرى أبستاين» منذ ٦ أشهر بذات الزخم الدولى الذى حظى به مقتل الجنرال الإيرانى «قاسم سليمانى» الأسبوع الماضى مع أن العصابة واحدة.. ليس لأن أحدهما مات بقذائف حربية بمطار بغداد على الملأ، والآخر مات فى زنزانة حجز بأحد سجون مانهاتن بـ«نيويورك» فى سرية ودون شهود أو صورة لموته ولكن لأن «أبستاين» هو الأكثر خطورة من «سليمانى» على أمن وأسرار إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وبعض الدول العربية كذلك. فقتلهما ترامب بدم بارد.. وترامب ليس وحده أول المستفيدين من مقتلهما بل إسرائيل. كان جيفرى أبستاين جاسوسًا إسرائيليًا.. ولم تكن شبكة الدعارة العالمية التى كان يقودها مع عشيقته «جيزلين ماكسويل» سوى وكر لاجتذاب وابتزاز المعلومات السياسية والعسكرية من الزبائن.. كان زبائنه من الرؤساء والأثرياء وذوى المناصب العليا فى معظم بلدان العالم.. لم يكن أبرزهم ترامب وكلينتون وآل جور وناعومى كامبل ورونالدو وأمير عربى والأميرة ديانا وكثيرون بل كان الأمير أندرو ابن ملكة بريطانيا هو الأهم.. هو بطل الفيلم البوليسى الذى لم يُجِدْ الإف بى آى حبكة إخراجه للعالم.. كان اعتراف الضحايا بإجبارهن على ممارسة الجنس مع أندرو فى بيت أبستاين ثم مثول أندرو لسلطات التحقيق فى بريطانيا ثم طرد الملكة له من البيت ثم ظهوره على قنوات التليفزيون الأمريكية والبريطانية متحدثاً عن علاقته بالقواد وبشبكة الدعارة - كانت شبكة جاسوسية- التى يقودها جيفرى أبستاين وعشيقته ووالدها «روبرت ماكسويل» الذى عمل فى الموساد منذ ١٩٧٧ و حتى ١٩٨٧ وتم اعتقاله فى أمريكا بقضية سلاح فكان أن أفرجوا عنه عام ١٩٩٠!! لم يحظ الكتاب الذى كتبه ونشره فى عجالة رجل الأعمال الإسرائيلى المولود فى إيران - يا محاسن الصُدّف - Ben Menashe بعنوان [Epstein :Dead Men Tell No Tols] أو «أبستاين: رجال ميتون لا يقرأون الحَكَايا».. عنوان آسر وبديع.. وفيه يعترف المؤلف بأنه هو نفسه كان يعمل فى الموساد وأن أبستاين تم تجنيده فى الموساد الإسرائيلى عن طريق عشيقته ووالدها اللذيّن كانا جاسوسين - عميلان مزدوجان - للموساد وللإف بى آى.. المثير أن البرامج التليفزيونية فى أمريكا هى من دفعت القضاء لفتح القضية من جديد.. لماذا؟؟ لأن تلك البرامج استضافت طبيباً شرعيًا سابقاً وعدة شهود: أثبت الطبيب أن السجن لم يصور مشهد مقتل جيفرى أبستاين وأنه - أى الطبيب - وجد كسرًا فى عظام رقبة جيفرى لم يتم تسجيلها فى دفاتر الطب الشرعى ولم تُدرَج فى ملفات القضية.. ولذا فالطبيب يستبعد فرضية انتحار جيفرى. الكتاب الذى ملأت سيرته أربعة أرجاء الكون الأسبوع الماضى تزامنًا مع مقتل سليمانى لم يحظ بذات الزخم لأن تحقيقات سرية جديدة ضخمة تم فتحها لدى النائب العام الأمريكى وليام بار مجددًا.. والأغرب هو نفى الموساد علاقته بأبستاين وعشيقته ووالدها - العشيقة قيد الحجز -.. وهذا طبيعى فتلك أسرار لا تخرج بسهولة فى هذا التوقيت خاصة أن القضية فى أمريكا لا تزال مشتعلة وبطلها الأول هو «ترامب» المقبل على إقالة أو على إعادة انتخاب فى نوفمبر القادم.. كما أن تحول القضية من دعارة إلى جاسوسية هو يقينًا أمرٌ جلل.. ويقينًا هو صدع لكل الأسماء الكبيرة والشهيرة فنيًا وسياسيًا وقضائيًا.. هو صدع فى الحائط الأمريكى الصلب / المتصدع من قديم.. الحائط الخادع المُزَيّن بتمثال الحرية ومبنى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومعظم منظمات حقوق الإنسان.