أغرب عادات قبائل الأمازون

امتدت ألسنة اللهب من الحرائق التى اندلعت فى أجزاء من غابات الأمازون بأمريكا اللاتينية قبل أيام لتطال أجواء النقاش بين رواد شبكات التواصل الاجتماعى حول العالم، وامتزجت خلال المناقشات الحقائق بالشائعات والمعلومات العلمية بالخرافة والتهويلات، غير أن جانبًا آخر لم يلتفت إليه أغلب من تعاطوا القضية، سواء المهتمين بالبيئة أو المقللين من شأن الحرائق وهو حجم الأثر الذى أحدثته هذه الحرائق فى السكان المحليين فى هذه الغابات.
قبائل الأمازون هى تلك التجمعات البشرية التى تعيش فى غابات الأمازون المطيرة والتى تمتد على مساحة تبلغ 550 مليون هكتار حول نهر الأمازون فى قارة أمريكا الجنوبية، يعتبر أفراد هذه القبائل هم السكان الأصليون لهذه القارة ويطلق عليهم الهنود الحمر.
هناك ما يقارب 50 قبيلة من شعوب الأمازون ليس لها أى تواصل مع العالم الخارجى، حيث لها ثقافاتها الخاصة يتناقلها أبناء القبيلة عن آبائهم وأجدادهم دون الحاجة لإرسالهم للمدارس النظامية، وتتألف أكبر قبيلة وتدعى يانومانى من 20 ألف فرد وتتواجد على الحدود الفنزويلية البرازيلية أما أصغر قبيلة فتتألف من عدد لا يتجاوز ثلاثين فردًا وتدعى «أكنوتسو»، تمثل كل قبيلة من هذه القبائل كنزًا غنيًا بالمعلومات الغريبة والمثيرة.
قبيلة تيكونا
تمثل قبيلة تيكونا إحدى أكبر القبائل التى تسكن غابات الأمازون وهم من السكان الأصليين ويبلغ عدد أفرادها فى البرازيل 36000 شخص وفى كولومبيا 6000 شخص، وبيرو 7000 شخص وكانت Ticuna فى الأصل قبيلة تعيش بعيدًا عن الأنهار وظلت تتوسع فى الشعوب المجاورة ويتحدث سكانها لغة خاصة تسمى بنفس اسم القبيلة Ticuna التى تعتبر إحدى اللغات المعزولة وقد تكون مرتبطة بلغة Yuri المنقرضة.
يعتنق شعب تيكونا الشامانية وهى ظاهرة دينية موجودة بعدة أشكال حول العالم وعرفت كديانة بدائية من أديان شمالى آسيا تتميز بالاعتقاد بوجود عالم محجوب هو عالم الآلهة والشياطين وأرواح السلف وأن هذا العالم لا يستجيب إلاّ للشامان وهو كاهن يستخدم السحر لمعالجة المرضى ولكشف المستور والسيطرة على الأحداث الجارية والمستقبلية والشامان هم أيضًا أول من زرعوا التبغ وأول من استخدموا السجائر فى الاحتفالات الدينية.
لا يزال معظم سكان تيكونا يرتدون ملابسهم التقليدية المصنوعة من لحاء الأشجار وفى احتفالاتهم ومناسباتهم الخاصة يمارسون طقوسًا غريبة وأكثرها غرابة احتفال الفتيات ويطلق عليه اسم Pelazon حيث يجبرن الفتيات عندما يصلن إلى سن البلوغ بعد الحيض الأول بطلاء أجسادهن بالكامل باللون الأسود مع رمز العشيرة المرسوم على الرأس بعد حلق الشعر بالكامل، وتجبر الفتيات على القفز عدة مرات من فوق النار وبعد أربعة أيام من الطقوس الغريبة تعتبر الفتاة امرأة ومؤهلة للزواج ويجب أن يتزوج رجال ونساء تيكونا من خارج العشائر الخاصة بهم ولا يسمح لأفراد من نفس المجموعة بالزواج على عكس ما كان يحدث فى الماضى كان من الممارسات الشائعة أن يتزوج عم الأم من ابنة أخته.
حدث أول اتصال مع الغرباء عند استعمار البرازيل عندما دخل أسطول برتغالى يستكشف الأمازون فى تيكا بدأ الاتصال المستمر مع البرتغاليين والأجانب الآخرين فى عام 1649.
قبيلة يانومامى
هى أيضًا قبيلة كبيرة من قبائل غابات الأمازون تضم 35000 فرد من السكان الأصليين الذين يعيشون فى حوالى 200 إلى 250 قرية فى غابات الأمازون على الحدود بين فنزويلا والبرازيل ويانومامى تعنى البشر تم اكتشافها أول مرة عام 1759 بواسطة بعثة إسبانية.
تعيش مجموعات اليانومامى فى قرى تتكون عادة من أطفالهم وعائلاتهم الممتدة وتختلف القرى فى المساحة ولكنها عادة ما تحتوى على ما بين 50 إلى 400 شخص من السكان الأصليين تعيش القرية بأكملها تحت سقف مشترك يسمى الشابون shabono يمتلك شابون شكلًا بيضاويًا مميزًا بمساحات مفتوحة فى الوسط تبلغ مساحتها 100 ياردة (91) مترًا مربعًا وتبنى من المواد الخام الموجودة فى الغابات المطيرة المحيطة مثل أوراق الأشجار والكروم وجذوع الأشجار، ولكنها عرضة لأضرار جسيمة من الأمطار والرياح وانتشار الحشرات نتيجة لذلك يتم بناء شيبونوس جديد كل 4 إلى 6 سنوات كما يعيش أفراد القبيلة على صيد الحيوانات والأسماك وزراعة الموز.
وتعتبر الطقوس جزءًا مهمًا جدًا من ثقافة يانومامى حيث يخصصون لكل مناسبة احتفالية ويعتبر طقوس الحصاد الجيد أهم الطقوس لديهم حيث يحتفلون مع وليمة كبيرة تدعى إليها القرى المجاورة ويجمع أعضاء قرية يانومامى كميات كبيرة من الطعام مما يساعد على الحفاظ على علاقات جيدة مع جيرانهم كما يزينون أجسادهم بالريش والزهور ويبيحون استخدام المهلوسات المعروفة باسم yakoana أو ebene كجزء من طقوس الشفاء لأفراد المجتمع الذين يعانون من المرض.
يزرع أهل القبيلة المخدرات ويمزجون اللحاء المجفف لـ Virola elongata مع بذور يوبود المسحوقة لصناعة عقار الإيبين وهو من العقاقير التى يعتقدون أنها تسهل التواصل مع الهيكورا أو الأرواح التى تحكم جوانب كثيرة من العالم المادى ولا تشارك النساء فى هذه الممارسة المعروفة باسم شابورى.
أيضًا يعد طقس البلوغ أحد أهم الطقوس التى تحافظ عليها القبيلة حيث يقومون ببناء هيكل يشبه الخيمة مصنوعًا من أوراق الشجر داخل حفرة عميقة للفتيات عند سن البلوغ لتجلس بداخله الفتيات طيلة فترة الحيض فى وضع القرفصاء لتخليصهن من دم الحيض نظرًا للاعتقاد بأن دم الحيض سام وخطير، وتعتبر هذه الهياكل بمثابة شاشات عزل، كما أن لهذه القبيلة عادة فريدة من نوعها إذ على كل امرأة إلى أن تلد صبيًا أن تقتل كل أطفالها من الجنس الآخر حتى إذا ما ولد أول مولود ذكر يتوجب عليها الاحتفاظ بكل أولادها اللاحقين من ذكور أم إناث.
قبيلة الجوارانى
تعتبر أكبر قبائل الأمازون اليوم واسم جوارانى يعنى فى لغة توبى «المحارب» ويبلغ عدد أفرادها حوالى 51000 نسمة، ويمارس أفراد القبيلة شكلًا من أشكال الوجود الباطنى المتحرك حيث كانوا يعيشون فى عشش متحركة مشتركة لعشرة إلى 15 عائلة ومارسوا أكل لحوم البشر فى وقت من الأوقات ربما كطقوس جنائزية لكن بعد ذلك تم التخلص من الموتى فى الجرار الكبيرة المقلوبة على الأرض.
لكن لم يتبق لهم الآن سوى القليل جدًا من الأراضى خلال المائة عام الماضية بعد أن سرقت جميع أراضيهم تقريبًا وحولتها موجات إزالة الغابات بعد أن كانت خصبة ذات يوم إلى شبكة واسعة من مزارع الأبقار ومزارع قصب السكر حيث تمتلك البرازيل واحدة من أكثر صناعات الوقود الحيوى تطورًا فى العالم كما يعانى أبناء القبيلة فى فى ماتو غروسو دو سول من العنصرية والمضايقات من الشرطة، تشير تقديرات منظمة البقاء الدولية إلى أن هناك أكثر من 200 جوارانى فى السجن لا يحصلون إلا على قدر ضئيل من المشورة القانونية والمترجمين الفوريين أو محاصرين فى نظام قانونى لا يفهمونه وقد أدى ذلك إلى إدانة الأبرياء كثير منهم يقضون عقوبات قاسية بشكل لا يتناسب مع الجرائم البسيطة.
قبيلة أكونتسو
من قبائل الأمازون التى تعرضت بالفعل للانقراض ولم يتبق منهم إلا أربعة أشخاص يعيشون فى منزلين صغيرين مصنوعين من القش ويعيشون على صيد الخنازير البرية بعد أن تعرضت القبيلة بأكملها للإبادة الجماعية فى الخمس سنوات الماضية من قبل رعاة المواشى وكانوا يعيشون فى ولاية روندونيا، غرب البرازيل ويعملون فى صناعة المزامير الخشبية التى تستخدم فى الرقصات والطقوس يلبسون عصابات الذراع والخلخال المصنوعة من ألياف النخيل.
وقامت بعض القبائل بمواجهة الحرائق التى تتعرض لها غابات الأمازون مؤخرًا بالصلاة وإقامة بعض الطقوس الغريبة من بين تلك القبائل قبيلة شانيناوا التى تستوطن غرب البرازيل بالقرب من الحدود البرازيلية مع بيرو بأداء طقوس معينة مع الإنشاد والصلاة من أجل الحياة ولنشر السلام بين الإنسان والطبيعة حيث قام أفرادها بطلاء وجوههم باللون الأسود والانتظام فى دوائر وأداء رقصات شعائرية أثناء الصلاة من أجل إنهاء الحرائق.
وهناك أكثر من 150 مليون شخص قبلى معتمد فى جميع أنحاء العالم كما يوجد ما لا يقل عن 100 قبيلة غير معتمدة فى 60 دولة مهددين بالانقراض تدعمهم منظمة البقاء الدولية Survival International غير الحكومية والتى تهدف إلى حماية الشعوب القبلية للحفاظ على أراضى أجدادهم وإلى القضاء على ما تسميه المفاهيم الخاطئة المستخدمة لتبرير انتهاكات حقوق الإنسان.