السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

آية عباس.. سباحة أوليمبية نهارًا.. بطلة مسرح ليلًا

آية عباس.. سباحة أوليمبية نهارًا.. بطلة مسرح ليلًا
آية عباس.. سباحة أوليمبية نهارًا.. بطلة مسرح ليلًا


من رحم الألم تولد الفرصة ومن قلب المعاناة يكون التحدى، هكذا كانت حكاية آية الله عباس، لاعبة المنتخب الوطنى للسباحة لذوى القدرات الخاصة، وأول مصرية تحصد ميدالية فى البطولات الأوليمبية، وهى الآن تستعد لبطولة العالم للسباحة لذوى القدرات الخاصة والتى تقام بماليزيا فى إبريل المقبل لتحقيق حلمها فى الحصول على ميدالية عالمية.

خطأ أثناء عملية الولادة تسبب فى إصابة الرياضية الصغيرة بالإعاقة فى قدميها، ولكن باقى الجسد تمتع بنشاطه الطبيعى، «قالوا لأمى أننى سأموت، قال لها الأطباء  لا تنفق الكثير من الجهد معى لأنى سأموت على أى حال»، تروى آية بدايتها مع إعاقتها، لكن الأم منذ النظرة الأولى كانت مؤمنة وعلى يقين بقدرات فتاتها ولم تتردد يومًا فى جعلها مختلفة عمن حولها تقول آية: «استثمرت أمى كثيرا فىّ ورأت أن لدىّ شغفا عميقا بالسباحة، كما قدمت لى أفضل تعليم يمكن أن يحصل عليه أى طفل وعلمتنى مهارات مذهلة فى إدارة الوقت».
ترجع قصتها مع الكرسى المتحرك، إلى إصابتها بمشكلة فى العمود الفقرى، لكن أسرتها تمسكت بالأمل فى الشفاء وتطلب ذلك إجراء جراحة خطيرة بالعمود الفقرى، وكان عمرها أسبوعا حينها، قام خلالها الطبيب بالخطأ بقطع العصب الخاص بالحركة والإحساس مما أدى إلى إصابتها بشلل نصفى، ثم تلاها بأيام قليلة جراحة أخرى فى المخ لشفط المياه الزائدة، بعد ذلك بدأت رحلة العلاج الطبيعى وعمرها لم يتجاوز الشهر لتقوية العضلات والأعصاب.
بدأ كل شىء فى عام 2006، عندما أنشأ القائمون على نادى الشمس فريقًا لذوى الاحتياجات الخاصة، كانت آية واحدة من أوائل الرياضيين الذين التحقوا بهذا الفريق، حلمها بدأ مع التعليم، الذى كان يعتبر من أصعب مراحل حياتها، أمنيتها الأولى كانت أن تصبح طبيبة لتساعد ذوى القدرات الخاصة، لكن الأمر لم يستمر طويلًا، حتى وقعت فى حب السباحة، فبدأت مسيرتها الرياضية مع نادى الشمس بعمر الـ6 سنوات، ضمن فريق ذوى القدرات الخاصة، بدأت ممارسة السباحة بشكل بسيط بالنادى، ليس بهدف التمرين ولكن رغبة فى العلاج، لأنها بداخل المياه، كانت تتحرك بحرية جعلتها تقضى ساعات طويلة متواصلة تحت الماء، كانت تصل فى أحيان كثيرة إلى ٩ساعات.
حصلت آية على بطولة الجمهورية للمرة الأولى وعمرها لم يتجاوز التسع سنوات، عام 2014، ثم انضمت إلى منتخب مصر للسباحة الباراليمبية وكانت تتدرب بشكل شبه يومى من الخامسة صباحا حتى السابعة، ثم تذهب مباشرة إلى المدرسة، لتواصل يومها الدراسى بشكل طبيعى حتى ينتهى، بعدها تعود مرة أخرى إلى النادى، لتؤدى تمرينات اللياقة البدنية والتى تستمر من الساعة الرابعة عصرا لمدة ساعتين.
تدرس عروس السباحة بالفرقة الأولى فى الجامعة الأمريكية، إدارة أعمال كما تدرس المسرح، وذلك ولأنها تهوى التمثيل وتحلم بأن تقدم عملا مسرحيا فى المستقبل القريب، كما تأمل فى تأسيس دار لرعاية الأشخاص الكبار الذين فقدوا ذويهم أو انقطعت الصلة بينهم لتوفر لهم حياة تعوضهم عن أهلهم، ويصبح كل الموجودين بالدار أسرة واحدة، كما تتمنى الحصول على الماجستير والدكتوراه فى مجال دراستها.
تمكنت السمكة الذهبية من خوض بطولة البارليمبيات، لتصل إلى النهائيات فى عمر الـ16 عاما، وحصلت على الميدالية البرونزية، فى منافسات بطولة العالم التى أُقيمت بالمكسيك سباق 400 م عام 2017، لتكن أول مصرية تحصد هذه الميدالية، وأكملت إنجازها بحصد الميدالية الفضية فى سباق 100 م، رغم كونها لم تتجاوز المرحلة الثانوية حينها.
 حققت فتاة الـ18 عاما إنجازات غير معتادة فى رياضة السباحة لذوى الاحتياجات الخاصة، وهى رياضة تراكمية تحتاج إلى تدريب متواصل، من لياقة وحضور ذهنى، ففى العام 2017، شاركت فى دورة برلين، وحصلت على الميدالية الفضية فى سباق 50 (متر حر)، والميدالية البرونزية فى سباق 100 متر حر، والميدالية البرونزية فى سباق 500 متر حر، لتؤهلها نتائجها إلى بطولة العالم فى المكسيك.
حققت اللاعبة إنجازًا تاريخيًا فى دورة المكسيك كونها اللاعبة الأولى فى مصر وإفريقيا منذ عام 1910، التى تحصد ميداليات، قبل ذلك فى عام 2015، شاركت «آية الله» فى البطولة البولندية، وحصلت على ميدالية ذهبية وأخرى فضية فى سباقات 100 متر حر و400 متر حر، حيث تأهلت للباراليميات فى البرازيل لعام 2016، وفى البطولة الإسبانية التى أقيمت عام 2015، تُوجت اللاعبة بميداليتين ذهبيتين وميدالية فضية فى سباقات البطولة الحرة، لتختم إنجازاتها عام 2018 بوسام الجمهورية، المقدم من الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومن إنجازاتها أيضا حصولها على كأس أحسن سباحة فى مصر ثلاث مرات، بالإضافة لإكمال شهادة الـIGCSE، والتحقت بالجامعة الأمريكية فى القاهرة.
بفوزها بالميدالية البرونزية فى البارليمبيات التى أُقيمت بالمكسيك عام 2017، أصبحت ثانِى مصرية تحرز برونزية بطولة العالم فى السباحة بعد اللاعبة فريدة عثمان، والأولى بين ذوى القدرات الخاصة، لذلك كرمها الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومنحها وسام الجمهورية للرياضيين من الطبقة الثانية، لتصبح أصغر سباحة مصرية حاصلة على وسام الجهورية للرياضيين.
ترجع آية الفضل فى نجاحها إلى أسرتها بداية من والدتها التى تفرغت من عملها لأجلها وعلمتها أهم قاعدة فى حياتها وهى الرضا والسعى المتواصل، علاوة على أنها كانت ترافقها خطوة بخطوة إلى التمرين والمدرسة، وحاليًا الجامعة، وكذلك والدها يسافر برفقتها فى البطولات رغم انشغاله بعمله، كذلك أخيها الذى دعمها منذ اللحظة الأولى لها بالعالم الرياضى وقد لعب دورا مهما فى حياتها، حيث كانت تذهب معه إلى البطولات التى يشارك فيها كبطل عالم ناشئين فى الجمباز وكان ذلك يشجعها أكثر على احترافها الرياضة.