الثلاثاء 1 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«سانتا كلوز» المصرى!

«سانتا كلوز» المصرى!
«سانتا كلوز» المصرى!


‏كأن الاحتفال بميلاد السيد المسيح قد تحول من طقس دينى إلى احتفال سنوى تغلب فيه المشاعر الإنسانية، وتغمر الفرحة جميع المشاركين فيه بغض النظر عن انتمائهم أو معتقدهم، وتكتسى فيه الشوارع باللونين الأحمر والأخضر وهما لونا شجرة الكريسماس وزى بابا نويل أو سانتا كلوز من دون النظر إلى أبعاد الموضوع التاريخية أو الدينية.

دائما كان الأطفال ينتظرون أعياد الميلاد ليس فقط للاحتفال، فقد اقُترنت المناسبة بظهور بابا نويل، ظنا منهم أن عيد ميلاد هو عيد تحقيق أحلامهم وآمانيهم المؤجلة، ولم يعد الأمر الآن يقتصر  على الصغار، بل امتد للكبار  أيضًا الذين أصبحوا يبحثون عن «السانتا» الخفى الذى دائما ما كان يحقق أحلامهم فى الخفاء رافضًا الإفصاح عن هويته.
لمن لا يعرف فإن قصة سانتا كلوز هى قصة أسطورية أقتُبست من قصة قديس فى القرن الرابع الميلادى وهو القديس نيقولاوس فى مدينة مورا، حيث إن القديس عرف أن رجلا من رعيته قرر أن يجعل بناته يعملن بأعمال مهينة نظرًا لسوء حالته المادية، لذا بدأ القديس نيقولاوس بالذهاب إليه ليلا ليرمى له كيس مال من نافذة المنزل وبالفعل زوج الرجل ابنته الأولى ثم كرر القديس أيضا رمى المال له فزوج الثانية وفى المرة الثالثة اختبأ الرجل ليعرف من يرمى له الأموال ليجد أنه القديس نيقولاوس.
‏ أخذت الشعوب الأوروبية تقتبس القصة وتتبادل العطايا والهدايا بصورة خَفية، ومع اقتران الثقافات انتشرت قصة السانتا كلوز بشكل ترفيهى فى أعياد الميلاد وحفلات الكريسماس وأصبحت مجرد فلكلور وليست طقوسا دينية.
تنافس مصر بأجوائها الميلادية، الاحتفالات العالمية التى أصبحت لغة مشتركة تتحدثها جميع الشعوب تقريبا، إذ أصبحت زينة الكريسماس سمة سائدة فى عدد كبير من شوارع مصر، وأبرزها فى التجمع الخامس، الذى تحول لمقصد مهم للمحتفلين بالكريسماس فى القاهرة، بجانب عدد من الأماكن الأخرى وأهمها مدينة نصر والشيخ زايد وغيرهما.
 هدايا بابا نويل بتوقيع الكنيسة
فى القاهرة تعددت أشكال الاحتفال بسانتا كلوز ولم تعد حبيسة بين جدران الكنيسة المسيحية، وإن ظل التقليد داخل الكنيسة باقيا، ويقول القس قسطنطين راعى مطرانية السيدة العذراء ومارمرقس بمدينة 6 أكتوبر بالجيزة لروزاليوسف: يوم عيد الميلاد بعد الانتهاء من الصلوات يبدأ الاحتفال ويقوم أحد الشباب من خدام الكنيسة بتوزيع وارتداء ملابس بابا نويل وتوزيع الهدايا على الأطفال فى يوم العيد.
أيضًا فى مدارس الأحد وهى فصول تقوية فى الكنيسة لتعليم الصغار الدين المسيحى ولنشر الوعى، يبدأ المعلمون أو «الخدام» بتوزيع الهدايا على الأطفال لنشر البهجة فى أعياد الميلاد، ويتم التنسيق بينهم البعض.
‏الأباء والقسسون ليس لهم نصيب من هدايا سانتا كلوز قائلاً القس قسطنطين: «فرحة الراعى وهديته بأن يجد رعيته سعيدة، فهذه هى هدية الأبناء للآباء».
وبحسب القس قسطنطين فإن الهدايا تكون بسيطة لا تتعدى تكلفتها 15 جنيها وتكون هدية موحدة للمساواة بين الجميع وعدم التفرقة بين الغنى والفقير، وأضاف أن الكبار أيضا لهم نصيب منها، وأن الكنيسة توفر لرعاياها كل ما يحتاجونه وفى الأعياد فتتكلف بالأسر المحتاجة بالملبس والأطعمة والكسوة، وهذا يعتبر خدمة تدعى «خدمة أخوة الرب».
‏ويعتبر فريق سانتا كلوز هو فريق خادمى الكنيسة وتبدأ أعمارهم من 18 سنة، وتكون هذه الخدمة خدمة تطوعية لا يتقاضوا عليها أجرًا، إنما هدفهم توزيع الهدايا للبهجة والاحتفال.
‏وأشار القس إلى أن توزيع الهدايا يكون فى الكثير من الأعياد الشعبية وليس مقتصرا فقط على عيد الميلاد المجيد، بينما طريقة الاحتفال بالأعياد هى التى تختلف كل عيد عن الآخر، وأضاف أنه مع صعوبة الأحوال المادية لدى الكثير من الرعية تُصر الكنيسة على إبهاج رعيتها وإيجاد أساليب للترفيه، ‏وتبدأ عمليات توزيع الهدايا يوم 6 يناير ليلا ويستمر توزيع الهدايا طوال الأسبوع الذى يلى العيد.
رحلة كيرلس من شبرا لمدينة نصر
‏ شاب اسمه «كيرلس ماهر» يبلغ من العمر 21 عامًا، فى عامه الدراسى الأول بكلية الإعلام، ارتدى زى بابا نويل، وراح يتجول فى بعض أحياء القاهرة، خاض كيرلس التجربة السنة الماضية، وتواجد فى مدينة نصر، وكرر التجربة السنة الحالية فى حى شبرا وخاصة فى منطقة روض الفرج، وأقبل المارة بالشوارع فى التقاط الصور مع بابا نويل، معربين عن سعادتهم الشديدة بتواجد بابا نويل بزيه المبهج وسطهم، كما تم التقاط صورة له وهو يلعب الشطرنج فى أحد المقاهى البلدى، وصورة أخرى له يقود «توك توك» فى أحد شوارع شبرا.
سيكريت سانتا بين موظفى الشركات
شكل آخر من أشكال احتفال المصريين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين بقدوم عام جديد يتمثل فى لعبة secret santa أو سانتا الخفى التى يتبادلون من خلال الهدايا بشكل خفى والتى انتشرت بين موظفى الشركات والعاملين داخل مؤسسات معينة كنوع من التفاعل الاجتماعى فيما بينهم.
«علاء» يعمل بإحدى شركات الدعاية والإعلان بمنطقة المهندسين، وأشار إلى أنه بدأ بالعمل معهم منذ عامين واستطاع الاحتفال معهم برأس السنة السابقة، قائلا أنها كانت المرة الأولى التى يحتفل بها بالعام الجديد مع زملائه بالعمل، وأشار إلى أنه تلقى هدية من «سيكريت سانتا» فى العام الفائت مرحبين بوجوده معهم لأول مرة.
أشار علاء إلى أنه مع بداية شهر ديسمبر بدأوا  بكتابة أسمائهم فى ورقة ووضعوها فى صندوق وكل شخص كان عليه أن يسحب ورقة تحمل اسما، والاسم الذى يجده لابد من أن يحضر له هدية، وبالفعل الكل سوف يحضر لزملائه هدايا وأضاف أن رؤساءه بالعمل شاركوا معهم هذا العام وليس هذا فقط ولكنهم اتفقوا أنهم يوم 31 ديسمبر سوف يحتفلون بعد الانتهاء من دوامهم، ويبدأوا  بالتجمع فى الشركة وجلب الطعام وتقديم الهدايا لبعضهم.
«مصطفى يونس» يعمل بإحدى شركات التطوير العقاري، أشار إلى أنهم يحتفلون كل بداية عام سويا، ولفت إلى أنه قبل الكريسماس يبدأون بتزيين الشركة والمكاتب ووضع شجرة الكريسماس ويزينونها سويا وفى ليلة رأس العام يبدأون بوضع هداياهم أسفل الشجرة ويكتب عليها اسم المرسل إليه، إلا أنهم بعد الانتهاء من تزيين الهدايا يبدأون بالأكل والاحتفال سويا.
‏هدايا بابا نويل فى وسط البلد
فى شوارع وسط البلد، لم يكن الاحتفال بقدوم عام جديد مقتصرا على طبقة معينة أو دين معين فقد كانت الشوارع مليئة باللون الأحمر وملابس بابا نويل وشجرة أعياد الميلاد وتخفيضات على الهدايا فى عيد الهدايا.
‏فى أحد محال بيع الهدايا، بدأ الاستعداد بتجهيز ديكوراته ووضع هدايا عيد الميلاد قبل الاحتفال بعشرين يوما، «محمد» شاب عشرينى يعمل بالمحل أوضح أن أسعار الهدايا وشجر الكريسماس ارتفع عن السنوات الفائتة مما أثر عليهم بالسلب فى عملية البيع والشراء، وأضاف أن الإقبال كله على زينة الشجرة والهدايا العينية، أوضح أن سعر شجرة الكريسماس 350 جنيها بالزينة والأضواء، والمقاس الأكبر سعره 450 جنيها، وبضاعته يحضرها من أحد تجار مدينة نصر هو مكلف بإحضار هدايا عيد الميلاد، أضاف أن زيائنه تتراوح أعمارهم من 17 عاما إلى 30 عاما.
‏ محمد صاحب ال 24 عاما.. بائع متجول قرر أن يبيع عرائس بابا نويل فى موسم ظهور بابا نويل، منذ 15 يوما وضع محمد بضاعة بابا نويل وقبعته وشجرة الكريسماس باحثا عن مجيب يبدأ يومه يوميا من 1 مساء إلى 12 صباحا، وأشار إلى أن أسعار البضاعة ارتفعت مما جعلته يزيد بضع جنيهات مكسبًا على كل دمية يبيعها، وأسعار الشجرة يبدأ من 35 جنيها إلى 100 جنيه أما عن دبدوب بابا نويل يتراوح سعره من 40 جنيها إلى 190 جنيها، أما «طاقية بابا نويل» فيبدأ سعرها من 15 جنيها.
‏وأشار محمد إلى أن أعمار زبائنه تتراوح من 20 عاما إلى 60 عاما، وأوضح بأنه إذا لم يبع بضاعته إما يحاول تخزيينها للعام القادم أو يبدأ بإرجاعها لتجارها.
مصابيح السماء فى المعادى
على ضفاف النيل وقف الكثير من المصريين على اختلاف أعمارهم مستعدين لإطلاق أمنياتهم وأحلامهم آمليينأن تتحقق مع بداية العام الجديد، أضواء مناطيد الأحلام بدأت تلمع فى عتمة السماء، ظننا ممن أطلقوها أنه مع إطلاقها فى السماء سوف تتحقق أحلامهم لأن المناطيد ستصل بشكل أسرع.
على كورنيش المعادى قرر صاحب حديقة «هيفين47» تنفيذ هذا النوع من الاحتفال لأول مرة فى مصر من خلال مهرجان مصابيح السماء الذى يستمر من 3 عصرا إلى 12 مساء  على غرار المهرجانات العالمية شعاره «لتبدأ بسعادة، بأمل، بسلام» هذا ما يأمل به بالعام الجديد.
أبرز ما فى المهرجان هو تقليد «sky lantern» وهو تقليد متبع فى دول آسيا، إذ يقوم المحتفلون بإشعال مناطيد ورقية كُتبت عليها أحلامهم، وظهر هذا النشاط لأول مرة فى الصين، ‏أما الهند فقد  استخدمته فى مهرجانتها وأعيادها بشكل سنوى.
‏المصابيح السماوية مصنوعة من نوع معين من الورق «ورق الحرير أو ورق الأرز» ويتم تصنيعها على شكل دائرى به فتحة بالقاع من داخلها يخرج طوق يتم تعليق مصدر اللهب به، وعندما يتم إشعال فتيل اللهب تبدأ بالارتفاع إلى أعلى، فهو بالون هوائى ملون يطير بوساطة اللهب راسما أضواء تنير ظلمة الليل.
‏‏صاحب فكرة المصابيح هو مؤسس فريق «هيفين 47» هو وليد حداد ويقول أن الغرض من المهرجان كان تحقيق كثير من الآمانى ومن ضمنها أمنيته بإعادة فتح مشروعه الذى أغلق من قبل بمنطقة الزمالك، ويشير إلى أن مكان الاحتفال يتسع لحوالى 1000 فرد، وسعر التذكرة 270 جنيها شاملة جميع الأنشطة طوال المهرجان.
يذكر يوسف كامل أحد أعضاء فريق «هيفين 47» المكون من حوالى 30 شخصا، أنهم بدأوا بالتجهيز للمهرجان منذ 10 أيام، وأن الفريق استطاع توفير المصابيح السماوية فى مصر من خلال «Cairo sky lanterns»، وأضاف يوسف أن المهرجان سوف يبدأ بتوزيع بالونات هيليوم على الحاضرين لكتابة أمانيهم وأحلامهم عليها ثم يبدأون إطلاقها فى السماء ويستمر المهرجان إلى الساعة العاشرة ثم يبدأ وقت إطلاق المصابيح السماوية من الساعة العاشرة إلى الساعة الثانية عشرة صباحا.