الثلاثاء 8 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مُحاربات يقهرن الـ Cancer

مُحاربات يقهرن الـ Cancer
مُحاربات يقهرن الـ Cancer


عدوٌّ يَقتل بصمت تام.. مواجهته محفوفة بالوجع والترقّب.. يباغت بشراسة ويقضى على الجسد فى حالة الاستسلام له.. التمسك بالأمل والتشبث بالحياة ومعرفته جيدًا هى قوارب النجاة منه.. فكم هى كثيرة تلك القصص لمحاربات نجحن فى هزيمته والتغلب عليه.. فى الأول من أكتوبر المقبل يأتى اليوم العالمى لسرطان الثدى.. ذلك المرض الذى يُفتك بأجساد أعداد كبيرة من النساء حول العالم، ولذلك جاءت مبادرة تخصيص يوم له على المستوى الدولى فى 2006 من أجل التوعية والدعم وتقديم المعلومات ومساندة المرضَى أو المحاربات اللاتى يواجهن المرض اللعين.
دائمًا تراودنا بعض الأسئلة عن السرطان أو عن عمره ومتى بدأ وأين بدأ ومَن أول من سجّله كمَرَض، ليجيب كتاب «إمبراطور المآسى» عن الأسئلة التى أثارت فضولنا للمعرفة، الكتاب عبارة عن سيرة ذاتية للمرض وأيضًا حصيلة خبرات مؤلفه المهنية، فقد ألّفه سيدهارتا موكرجى، وهو طبيب ممارس معالج للسرطان، وأفصح موكرجى فى كتابه أن أول مَن شَخَّص السرطان كمرض الطبيب الفرعونى (أمحوتب)، وذلك من خلال مخطوط صُدر عام 2500 قبل الميلاد، يعلن فيه الظهور الأول بسرطان كمرض متميز، وأن الجرّاح القديم قدّم أول تشخيص لسرطان الثدى كُتب على بردية فرعونية قائلًا: «إذا صادفتك حالة بها كُتَل بارزة منتشرة فى الثدى وكانت بازرة من دون تحببات ولا تحتوى على سوائل ولا ينزل منها سائل، فيعنى أن الكتل البارزة فى الثدى تعنى وجود تورّمات كبيرة. منتهيًا بالقول عن أن هذا التورّم «لا يوجد له علاج».
أشار موكرجى فى كتابه بأن أول حالة استئصال كانت فى عام 500 قبل الميلاد، فقد شهد تسجيل الظهور الثانى للملكة الفارسية (أتوسا) التى أصيبت بسرطان الثدى وعانت منه طويلًا، فطلبت من عبد لديها أن يستأصل ثديها المصاب «بمدية» وفعل! ولم يجدوا تفاصيل أكثر عن الواقعة، فقد رجّح موكرجى شفاء الملكة شفاءً تامّا من السرطان.
 «الأنثى التى أنقذتنى»
واحدة من المحاربات اللاتى قررن إصدار كتاب لمشاركة تجربتها مع سرطان الثدى منذ لحظة إصابتها بالمرض مرورًا بكل مراحل العلاج، وصولًا لفصلها الأخير الذى وصفته بأنه الفصل الأهم فى الحدوتة؛ لأنه لا يحمل النهاية، بل إنه بداية حياة جديدة مليئة بالتحديات.
«غادة صلاح جاد» مؤلفة كتاب «الأنثى التى أنقذتنى»، بدأت غادة تروى قصتها مع السرطان، ففى يوم السبت 16 مارس 2013 وقفت تتحدث أمام المراية «إيه الكُلكيعة إلّى طالعة من صدرى لدرجة أنى أشوفها فى المرايا، هىّ عينيا شايفة صح، هىّ صوابعى لامسة صح؟»،   إلا أنها سألت «أشرف زوجها» لتتأكد من وجود «كُلكيعة» ونصحها بأنها لا بُدَّ من أن تذهب لزيارة طبيب، وسرعان ما أخبرت صديقتها لمعرفة دكتورة لفحص «الماموجرام» إلا أن صديقتها استطاعت أخذ ميعاد لها فى مساء اليوم التالى.
إلا أنه بعد فحص «الماموجرام» ذهبت لعمل أشعة السونار على الثدى، وقد صرّحت لها الدكتورة بأنها تشعر هى الأخرى بالقلق تجاه هذه الكتلة البارزة لتطلب منها أخذ عينة منها، وصرّحت لها بأنها تطلب منها زيارة دكتور جراحة أورام، وبعد مرور 5 أيام ظهرت نتيجة التحليل «التى كانت متأكدة منها غادة بإصابتها بسرطان الثدى منذ اللحظة الأولى ووصفت شعورها بأنه قلب الأم»، ذهبت للدكتور الجراح وطمأن قلبها بأنها لاتزال فى مرحلة مبكرة وإنها كشفت حالتها وهى لاتزال فى المرحلة الثانية، وأن نسبة الشفاء منه 95 %، وأنه لا حاجة لاستئصال الثدى بأكمله، وأنها سوف تدخل لعملية الاستئصال بعد يومين.
بعد العميلة وعمل الأشعة وتأكد بأن جسمها خالٍ تمامًا، كان لا بُدّ من أخذ علاج كميائى كوقاية من رجوعه مرّة أخرى. وأشارت إلى أن زوجها كان من المعجبين بالنيولوك، وشبّهها بـ«ديمى مور» عندما كانت حليقة الرأس.
أمّا عن يوم 20 يونيو بعد الجلسة الأولى من الجزء الثانى من العلاج الكميائى، فالتقطت أختها ريهام صورة لها فى صالون المنزل من دون باروكة، وسيطرت على غادة رغبة مُلحّة فى نشرها عبر الفيسبوك وسَمّتها «تحدى الجاذبية»، وقالت: «كانت هذه طريقتى لقهر الخوف، وإعلانًا للتحدى والتمرد، فإنى واثقة من نظرتى وابتسامتى فى هذه الصورة التى فاقتا سحرهما لسحر الموناليزا».
وفى 4 فبراير، قرر محمد سامى- عارض الأزياء- عمل ديفليه لمُحاربات سرطان الثدى، وبالفعل استطاع تصميم لغادة فستان وشاركت فيه مع مصممها محمد سامى، وقالت «بعد الديفليه كل منا فازت بالجائزة الأهم، بإحساسها أنها لسّه جميلة».
 «من دون سابق إنذار»
 كتبت الباحثة السياسية ونائبة مجلس النواب المصرى أنيسة عصام حسونة كتابًا حول تجربتها مع السرطان وقصص الألم والمقاومة وشجاعة النفْس فى التغلب على الشدائد، ولتساعد وتنفع أحدًا يمر بمثل ما مرّت به يومًا.
بدأت رحلتها فى 2016، وقد بدأت السَّنَة على «أنسية» بالأخبار الجيدة، فقد أخُتيرت كأحد الأعضاء فى مجلس النواب الجديد، وكان فى الوقت نفسه قد بدأت سَنتها الثامنة فى عملها كمدير تنفيذى لإحدى المؤسسات الخيرية الكبرى، ولكن فى يناير 2016 أجُبرت على الاستقالة لأسباب لا تعرفها، وكان هذا بمثابة ألم نفسى تسبب بعد ذلك فى بدء صفحات آلام السرطان، بدأت بعمل فحوصاتها الطبية التى اعتادت عملها كل 6 أشهر، ولكن فى هذا الوقت قد تأخرت فى عملها لمدة شهرين، لتفاجأ أنها بعد الأشعة وعمل التحاليل اللازمة أنها مريضة بالسرطان، وقد أضاف دكتور الأورام أنها لا بُدّ أن تبدأ بالعلاج الكيماوى ثم عملية الجراحة، وقد أشار لهم الطبيب بأنه من الأفضل عمل عملية الجراحة بالخارج إذا كانت تسمح مواردهم المادية نظرًا لتعقيدها، وذلك لانتشار السرطان بأكثر من منطقة (الرحم والمبايض وعلى الغشاء البيريونى وهنالك شكوك بوجوده بمنطقة قريبة من الكبد)، وبالفعل بدأت بجلسات الكيماوى واستمرت جلستها الأولى 5 ساعات، واستمرت جلسات الكيماوى التى تأكل من جسدها وتزدادها مرضًا- كما وصفت-، إلى أن ذهبت برفقة ابنتها سلمى فى لندن لاستشارة أكثر من طبيب حول حالتها، فزارت طبيبًا إنجليزيّا، كان هذا الطبيب الأكثر صراحة الذى لم يراعِ أى مشاعر أو إحساس لديها، فقد صارحها عندما سألته الفترة الباقية لها فى الحياة، ليجيبها ويكأن الأمر عادى، فقد توقّع أن تنتهى من إجراء العملية والعلاج فى خلال عامين، ثم تنعم بفترة سماح من دون عامين آخرين ثم يعود المرض مرّة أخرى ويقضى عليها.. ثم عادوا للقاهرة مرّة أخرى وبعد الانتهاء من الجلسة التاسعة كان لا بُدّ من إجراء العملية فى أسرع وقت ممكن، فتم حجز لها بمشفى بألمانيا لإجراء العملية به، وبالفعل سافرت 2 نوفمبر لإجراء العملية هناك.
فى صباح 4نوفمبر بدأت عمليتها الجراحية قبل الـ 8 صباحًا واستمرت لأكثر من 12 ساعة، وقد أكد البروفيسور الألمانى الجرّاح بأنه تم استئصال جميع الأورام التى وجدوها..وظلت «أنيسة» قرابة أكثر من يوم فى إحدى غُرَف العناية المركزة، وقد استمرت بالمشفى طوال 42 يومًا، وذلك لتدهور حالتها الصحية وحدوث تلوث ثم وجدوا مياهًا على الرئة واستمرار ارتفاع درجة حرارتها، ثم عادت مرّة أخرى للعلاج الكيماوى، مرّت على أنيسة لحظات كانت تتمنى الموت وأخرى أنها فقدت الأمل فى استكمال واستئناف الحياة بشكل طبيعى.
أضافت أنيسة إنه رُغم كل هذا فإن الشىء الوحيد الذى يُذكرها بأنها مريضة سرطان هو الأدوية، فتقول أنها لاتزال تستمتع باللعب مع أحفادها بطريقة مستمرة والحكى مع بناتى وأخواتى ولاتزال تضع خططا مستقبلية للسنوات التالية وهى تعلم بأنها من الممكن لن تراها تتحقق ولكنها لاتزال تحلم.
كتبت أنيسة «دائمًا ما كنت أحب النهايات السعيدة وأبكى حتى الآن من النهايات الحزينة التى يفترق فيها الأبطال أو يموتون، فلا شك أن كل شىء مقدور لنا جميعًا، ويجب أن نتقبله بنفْس راضية، ولكننى أرغب فى توجيه رسالة إلى كل سيدة مصابة بالسرطان، ومنهن شقيقتى منال، مفادها ألا تخافى ولا تجزعى فأنتِ بالقطع بطلة حتى من قَبل أن تُصابى بالمرض الخبيث، فقد كنتِ وستظلين دائمًا عمود الخيمة بالنسبة لأسرتك، وسواء كنتِ أو متمتعة بالصحة فأنتِ الأم الحانية والجدة المُحبة والزوجة المتفانية وستظلين دائمًا كذلك مَهما ساءت الظروف»، وأن كلمة السّر فى هذه القصة هى الحُب. 