الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بروتوكولات «حكماء المقطم»!

بروتوكولات «حكماء المقطم»!
بروتوكولات «حكماء المقطم»!


أكتب هذه السطور كرهاً وكنت قد آليت على نفسى أن أبقى بين صفوف المستقلين من أهل هذا الوطن لأنعم بتنافس الساسة على خدمة الشعب بعد ثورة 52 يناير الطاهرة والشعبية غير الملونة إلا أن الساسة قد أصروا على أن يكون تنافسهم مقصورًا على السيطرة والسلطة وحب الظهور، ثم وفى الفترة الأخيرة رأيت صراعاً مؤسفًا وبغيضًا بين جماعة الإخوان المسلمين فى طرف والجماعة الوطنية والمؤسسة العسكرية فى طرف آخر تجلت مظاهره وبلغ ذروته بالقرار الذى أصدره رئيس الجمهورية ليعطل به تنفيذ حكم المحكمة الدستورية القاضى ببطلان انتخابات مجلس الشعب وكذلك قرار أعضاء المجلس الباطل بإحالة حكم الدستورية إلى محكمة النقض للفصل فى صحة العضوية.
لقد فزع الناس من كثرة الآراء القانونية المتعارضة فى هذه المعركة إلى حد أن الناس قد بدأوا يصبون جام غضبهم على القانونيين دون أن يروا الفاعلين الأصليين الذين هم أطراف المعركة، بل إن تلك الجرأة على القانون دفعت بغير القانونيين من المنتمين إلى أطراف الصراع على السلطة إلى الجهر بالفتاوى الجاهلة فى شأن بطلان أو صحة القرارات والأحكام، لذلك وقبل أن نتحدث عن القانون علينا أن نقر الحقائق المؤسفة الآتية:

∎ أن اقتصار منطوق حكم الدستورية على الثلث هو أمر شكلى سببه أن الدعوى المحالة من المحكمة الإدارية تقتصر الطلبات فيها على الثلث الفردى من الأعضاء .. وأن المحكمة الدستورية يجوز لها أن تقدر الضرورات التى ترتبط بعدم دستورية الثلث الفردى .. وأن الدستورية قد أوردت فى أسباب الحكم تفصيلاً واضحاً لأثر الحكم بعدم الدستورية وأثره المؤدى لبطلان انتخاب المجلس بالكامل .. وأن الأسباب فى الحكم هى أقوى من منطوقه.


∎ أن قرار رئيس الجمهورية بسحب السند التنفيذى لحكم المحكمة الدستورية العليا الذى هو قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحل مجلس الشعب تأسيساً على حكم الدستورية، هذا القرار من الرئيس هو (قرار الرئيس) بوقف تنفيذ حكم المحكمة الدستورية، وهو الأمر غير المسبوق فى تاريخ مصر والذى يمثل جريمة بحسب أحكام قانون العقوبات.

∎ أن الرئيس فى ضوء صلاحياته من الإعلانات الدستورية وبما أقدم عليه من وقف لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية فهو بكليهما ليس حكماً بين السلطات ليس فقط لأنه لم يمنح هذه الميزة ليستغلها سياسياً لصالح جماعته، ولكن أيضاً لأن الرئيس إذا أصبح خصماً فى خصومة فيمتنع عليه الفصل فيهاً.

∎ أن إحالة حكم الدستورية لمحكمة النقض للفصل فى صحة العضوية هو تصرف غير مسبوق ويهدف إلى تصوير الأمر على أنه خلاف على صحة عضوية أفراد وكأن أسباب إبطال العضوية هى مخالفات فى تنفيذ العملية الانتخابية.. وذلك بهدف الوصول إلى إبطال عضوية عدد محدود مع بقاء المجلس فى أغلبه.. فى حين أن حكم الدستورية تعرض لصحة ودستورية القانون وصحة القواعد الأصلية لإجراء العملية الانتخابية وليس صحة عضوية الأفراد.

∎ أن قرار الإحالة للنقض هو تصرف يخالف نص قرار الرئيس الذى أمر بأن يمارس المجلس اختصاصاته الواردة بالإعلان الدستورى وهى على وجه التحديد التشريع.

 
∎ أن انعقاد المجلس فى حد ذاته يأتى باطلاً منعدماً وبالتالى فالإحالة باطلة.
 
∎ أن انعقاد الجلسات دون الثلث سبب المشكلة معناه أن المجلس قد قرر بذاته بالمخالفة للقانون أن يكون له نصاب جديد لكل القرارات لأن النسب ستنتج أعدادا مغايرة فى حال اختلاف أعداد الأعضاء بعد خصم الثلث.

∎ أن تلك الإحالة حتى فى حال نجاحها تهدف إلى إيجاد تعارض بين هيئتين قضائيتين وأين القانون من كل ذلك؟!
 
وقد رأيت فى تلك الأحداث أجزاء من صورة غير مكتملة بعد، وبالنظر إلى جزء آخر هو ترشيح المهندس خيرت الشاطر رئيسا للجمهورية بقرار من جماعة الإخوان المسلمين تحديداً ثم ترشيح الدكتور محمد مرسى احتياطياً ثم خروج الشاطر دون إرادته ثم حرص الشاطر على عدم دعم فرق الإسلام السياسى كالدكتور عبد المنعم أبوالفتوح والدكتور العوا.. فضلاً عن العزف الدائم لأشهر لحن فى مصر وهو لحن الفلول ضد أحمد شفيق وكأن الإخوان بصفقاتهم مع الوطنى المنحل فى انتخابات وإخلاء الدوائر لقيادات الحزب الوطنى وعدم الممانعة فى أن يرشح مبارك نفسه وعدم الممانعة للتوريث واعتزالهم القوى الوطنية وكأنهم بذلك بعيدون عن وصف الفلول.. وقد بدت لى الصورة أوضح بعد اجتماع أجزائها أو معظم هذه الأجزاء بإضافة الأجزاء القديمة ومنها تصريح الإخوان بعزمهم شغل 30٪ فقط من مقاعد البرلمان، ثم إذا بهم يستهدفون كامل مقاعد البرلمان فيحصلون بالفعل على ما يجاوز 45 ٪ من مقاعد البرلمان، ثم تكرار المشهد فى انتخابات مجلس الشورى.. ثم الاستيلاء دون سند أو حق على الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع مشروع الدستور الجديد مرتين.
 
 
وجزء آخر من الصورة هو الغرور والتعالى على القوى الوطنية الحقيقية اللذان أصابا الإخوان دون أى أمارة، فأولاً هم يظنون أنهم أغلبية تمثل أغلبية من الشعب المصرى دون أن يدركوا أنهم أغلبية برلمانية تمثل أقلية من الشعب المصرى لأن ممثلى الإخوان والسلفيين فى مجلس الشعب مجتمعين لا تصل نسبتهم إلى 80 ٪ إلا أن هذه النسبة تمثل 52 ٪ فقط ممن لهم حق التصويت من المصريين لأن هذه نسبة من صوتوا بالفعل أى أنها يقينا أغلبية برلمانية لا تعبر عن أغلبية شعبية، والحال أسوأ فى مجلس الشورى فالإخوان والسلفيون يمثلون أقل من 90 ٪ من عضوية مجلس الشورى الذى تشكل بأصوات أقل من 12 ٪ ممن لهم حق التصويت من المصريين، ولا أدرى إلى متى سيظل الإخوان والسلفيون يرددون تلك المغالطة بأنهم أغلبية تمثل أغلبية وحتى بعد انتخاب الدكتور مرسى رئيساً فقط بنسبة 5,51 ٪ من نسبة الحاضرين التى لم تجاوز 56 ٪ من إجمالى الناخبين وجدنا احتفالات إخوانية بالفوز الساحق والزعامة التاريخية للدكتور مرسى وأنا شخصياً لست ضد أفراح الإخوان أو غيرهم، ولكن أريد أن يشرحوا لى كيف يكون الفوز ساحقا والفارق 5,1 ٪ عن شفيق؟!

 
لذلك أجد نفسى أتساءل: ما الذى نجح فيه الإخوان كى نجلسهم مجالس الناجحين منذ أن أنشئت الجماعة حتى يومنا هذا فحتى مبارك لم يستطيعوا هزيمته فتحالفوا معه فى انتخابات 2005 ومن قبله السادات لم يغلبوه، بل أخرجهم من السجون واستخدمهم ضد قوى وطنية أخرى، بل إن السؤال الأكثر إلحاحاً علىّ الآن: أين كوادر الإخوان التى تمثل خبرات تحتاجها مصر؟ فكوادر الجماعة كان كل تدريبها على أنشطة سرية تنحصر إما فى الهجوم سياسياً أو عسكرياً على خصومهم أو فى توفير الدعم والتمويل الذى بدأ بالتمويل الأجنبى ولايزال حتى الآن، بالإضافة إلى المشروعات الاقتصادية الفردية، فضلا عن بعض الأنشطة التكتيكية كإدارة العمليات الانتخابية أو تجنيد وهيكلة الأعضاء.. وبهذا المتاح من الكوادر لا يمكن أن تجد مصر ضالتها فى الإخوان.
أما الجزء الآخر من الصورة فهو المصداقية فدائما ما تقدم التنظيمات التى تقوم على أساس دينى نفسها بتقديمات مصطلحية مشتقة من الكتاب والسنة ومن صفات الرسول عليه الصلاة والسلام وكذلك الصحابة، بل إنهم يلتزمون فى حديثهم بالتمثيل دائما بذات المقاطع من الكتاب والسنة أو المواقف والأقوال المأثورة للصحابة وكأن الدنيا التى خلقها الله ومد فى أجلها فوصلت ليومنا هذا قد وقفت عند السلف الصالح، بل أكاد أظن أن لديهم ما أجهله من سند يأمرنا بالتوقف عند ما أنتجه السلف الصالح
ومما يحرصون على ذكره وترديده ميزة الصدق وهى ميزة يسبغونها على أنفسهم ليل نهار وحين نشير لهم على كذاب منهم يطلقون قنابل الدخان لفرض ضبابية على الصورة ثم يغيرون الموضوع، وحين نشير إلى وعد أخلفوه أو عهد قطعوه فنقضوه يتعمدون ترك الموضوع والهجوم على من يشير إلى فعلتهم بوصف النقد بأنه ضد الإسلام، بل إلى حد أنهم يرون فى النقد الموجه ضدهم عملا غير أخلاقى.
وتأتى وعودهم وعهودهم منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن شاهداً ودليلاً على ما سبق، فهاهى الأدلة والشهادات تتعدد عن مفاوضاتهم مع رموز نظام مبارك أثناء أيام الثورة والتى كان من بين خياراتها الانسحاب من الميدان ثم هاهم الإخوان يبادرون فيكونون هم الفصيل الأول الذى يغادر الميدان بالفعل قبل حملة تشويه الكيانات الشبابية المشاركة فى الثورة والمستمرة فى الميدان، ثم نرى الإخوان يسيرون وحدهم عكس تيار الثورة فيؤيدون حكومة الجنزورى عند تكليفها ثم ينقلبون عليها لمصالحهم كما أسلفنا ثم نرى الإخوان وهم يقدمون الوعد تلو الآخر بشأن نسبة تمثيلهم فى البرلمان وعند الفعل يخالفون ما وعدوا عمداً ثم يأتى ترشيح الشاطر ومرسى ليعصف بما تبقى لهم من مصداقية ليس فقط أمام القوى الوطنية، بل أيضاً أمام أبناء جماعة الإخوان غير المشاركين فى الحوارات مع المجلس العسكرى لأن ترشيح الشاطر لم يمثل فقط مخالفةً لعهد قطعوه، بل مثل فى الوقت ذاته مفارقةً غير مفهومة أو مقبولة للمخلصين من الإخوان فى ضوء ما تعرض له الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح سواء قبل ترشحه للرئاسة أو حتى بعده.. فخروج أبوالفتوح من الإخوان كان على يد الشاطر وإعلان الجماعة رفض ترشيح أى من كوادرها أو كوادر الأحزاب الإسلامية لمنصب الرئيس كان أيضا على يد الشاطر، ومخالفة كل ذلك كان أيضاً على يد الشاطر، بل بالشاطر شخصياً مضافاً له مرسى.
 
ومن المهم أن ننظر كيف أن الشاطر نفسه بكل «شطارته» قد ترشح للرئاسة بمناورة تنظيمية بالغة الوضوح فقام بتأجيل مناقشة الموضوع مرتين فى جلسات مكتب الإرشاد التى كان فيها مؤيدوه أقل من مخالفيه ثم عقد جلسة فى غير موعدها مستغلاً أغلبية فى هذه الجلسة لصالحه، وفاز فيها بالقرار، بل إن نتيجة التصويت فى هذه الجلسة تأتى قاطعة بأن منطق المغالبة هو السائد لدى الإخوان ليس فقط خارجهم، بل حتى داخلهم لأن الأصوات المؤيدة لترشيح الشاطر وعددها 56 صوتا تزيد على الأصوات المعارضة لترشيحه وعددها 52 صوت بأربعة أصوات فقط، وهو ما يعرف تنظيمياً باسم اختطاف القرار.

فأى مصداقية نبحث عنها وأى صدق نزعم.
 
وأمام أجزاء الصورة أقول للتنظيم السياسى غير الدعوى المخالف للقانون الذى يلقب نفسه بالإخوان المسلمين.. لكم ما لنا وعليكم ما علينا ولا تتمايزوا عن غيركم ممن كانوا أكثر صدقاً ووضوحاً مع الشعب فالدين يزين رءوسنا ويملأ قلوبنا جميعاً ولستم قيمين عليه أو علينا.
 
وأخيراً أرى الصورة تقطع بأن قانونيى الإخوان قد سقطوا وبرلمانييهم قد فشلوا وأن سياسييهم قد كذبوا وأن الرئيس منهم لن يعمل إلا لهم وأنهم بما قدموا وبما كشفوا لا يملكون ما يحتاجه أهل هذا الوطن.. وأن ما لم أكتب هو أكثر مما كتبت.
وأنى سأكمل الصورة بما يقدم الإخوان وما تقدم فصائل القوى السياسية التى لا تتميز صورتهم  كثيراً عن صورة الإخوان.