وعد بلفور.. فى المنتزه

هاجر عثمان
لم يكن وعد بلفور الذى اغتصب الأرض العربية الفلسطينية ليسلمها إلى إسرائيل دون وجه حق الوحيد من نوعه، فهناك الكثير من الفاسدين بالدولة المصرية يمارسون نفس الأساليب باغتصاب الأراضى وطرد وتشريد الأهالى دون وجه حق، وهو ما تفعله الآن هيئة الأوقاف المصرية التى لا تملك شيئا فى الأراضى الزراعية لريف مثلث المنتزه بالإسكندرية، وتمنحها لمافيا الأراضى وعصابات السطو على قوت الغلابة والفقراء، والأبشع من ذلك هو تورط هيئات سيادية فى عملية البيع الفاسدة بدلا من الحفاظ على حقوق الفلاحين المعدمين.
«روزاليوسف» تكشف بالمستندات تفاصيل السطو على أكثر من 300 فدان فى ريف منتزه الإسكندرية، يعيش عليها أكثر من 5000 أسرة من الفلاحين الذين يمتلكون حيازة تملك الأراضى منذ قوانين الإصلاح الزراعى 1958، وتتم الجريمة من أجل مشروعات استثمارية سكنية فاخرة قرب المنطقة من شاطئ المعمورة وخط سكك حديد أبوقير، ولدى الفلاحين بطاقات الحيازة التى تثبت ذلك، ولكن الأوقاف لا تريد لهؤلاء الفقراء أن يهنأوا بإنجازات الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وثورة يوليو، وبعد مجىء السادات تولت هيئة الأوقاف الإشراف عليها.
وتكشف تفاصيل القضية فساد مراكز قوى عهد مبارك، التى تمت تبرئته من قتل المتظاهرين، لكنه لا يستطيع أن يغسل يديه من قتل الشعب المصرى وإفقاره وجهله ومرضه على مدار الثلاثين عاما الماضية، ومن المؤسف استمرار مراكز القوى والفساد للعهد المباركى إلى وقتنا هذا رغم قيام ثورتين شعارهما الحرية والكرامة الإنسانية، والمثير أن وزارة الأوقاف استغاثت فى الصفحات الأولى للجرائد بالمشير عبدالفتاح السيسى ووزير الداخلية ورئيس الوزراء ليتم طرد الفلاحين المنتفعين واتهامهم بالبلطجة والتعدى رغم كذب ذلك وحصول الأهالى على أحكام قضائية تثبت حيازتهم القانونية للأرض.
كما تكشف المستندات تورط هيئة الأوقاف فى بيع أراضى الفلاحين بعقود عرفية لجمعيات الإسكان التعاونى التى تتبع هيئات سيادية مثل أمن الدولة بالإسكندرية، والقضاء العسكرى ومديرية أمن الإسكندرية وجمعيات مستشارى محكمة النقض ووزارة العدل وغيرها!
والعجيب فى الأمر أنه بدلا من أن تحافظ منظومة العدالة المصرية على مصالح المواطنين وتكون أكثر الجهات حرصا على تنفيذ القانون بمنتهى الحسم، نجد العكس، حيث تهدد جمعيات الإسكان لضباط الشرطة أهالى عزبة الهلالية بالمنتزه وتروعهم وصولا إلى قتل أحد الفلاحين المناضلين بعد أن وقف ضد سياسات الرأسمالية المتوحشة فى طرد الفلاحين من أراضيهم الزراعية، وتم إلقاء جثته فى الحقول مكتوبا عليها رسائل تهديد ليكون عبرة لغيره من الفلاحين!
«روزاليوسف» نقلت أوجاع أهالى ريف المثلث واستغاثاتهم برئيس الجمهورية لكى يتدخل لوقف الفساد الذى قننه عهد مبارك لإنصاف المظلومين الذين دهسهم فساده وجبروته عبر مسئولين وسياسات رأسمالية تورطت فيها أذرع منظومة العدالة فهل من مستجيب؟!
أحمد الشاذلى - المسئول بملف العدالة الاجتماعية والاقتصادية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية الإسكندرية - يقول: أزمة أرض مثلث المنتزه بالإسكندرية التى تسعى هيئة الأوقاف ومحافظة الإسكندرية لإخلاء أكثر من 300 فدان وطرد وتشريد أكثر من 5000 أسرة بالشارع، تعود إلى قصة كبيرة وتاريخية تثبت حق الأهالى فى الوقف الذى خصصه الخديو إسماعيل لأكثر من 1165 فدانا من أراضى المنتزه لأعمال الخير والبر، وكانت وزارة الأوقاف تدير هذه الأراضى قبل ثورة 23 يوليو ,1952 وظل الفلاحون يزرعون هذه الأراضى جيلا بعد جيل باعتبارها مستأجرة، إلى أن صدر قانون الإصلاح الزراعى فى ,1953 وبدأ التعامل مع الأراضى الزراعية التى تمتلكها وزارة الأوقاف من أجل توزيعها على صغار الفلاحين.
أضاف الشاذلى: بموجب سياسات الإصلاح الزراعى التى اتخذها جمال عبدالناصر تم إلغاء نظارة الأوقاف ومنح عبدالناصر أراضيها لهيئة الإصلاح الزراعى لتوزيعها على صغار الفلاحين، وبناء عليه اتخذ مجلس الأوقاف الأعلى قرارا فى 10 فبراير 1958 بموجب القانون 152 لسنة 1957 الخاص باستبدال الأراضى الزراعية الموقوفة جهات البر العامة بنقل ملكية الأرض إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، إلى أن تم نهائيا تسجيل مساحة 1162 فدانا فى الشهر العقارى باسم هيئة الإصلاح الزراعى تحت رقم 4664 فى ديسمبر .1960
وأوضح أن هيئة الإصلاح الزراعى قامت بتمليك أكثر من 85٪ من هذه الأراضى للفلاحين وأبقت 15٪ مؤجرة لمن يزرعها لأكثر من 22 عزبة بالمنتزه، وطوال المدة الماضية ومنذ توزيع الأرض عليهم كان الفلاحون يسددون أقساط الإيجار التمليكى للهيئة إلى أن انتقلت حيازة الأرض رسميا لهم ولورثتهم بموجب هذا القانون.
وذكر أن الأزمة بدأت مع عصر السادات الذى قرر عودة هيئة الأوقاف فتداخلت أرض ريف المنتزه مع ما تسلمته الهيئة على سبيل الإدارة والاستغلال نتيجة تقاعس الهيئة العامة للإصلاح الزراعى فى سنة 1973 عن مباشرة اختصاصاتها رغم ثبوت ملكية الأرض لهيئة الإصلاح الزراعى بنص قانون 3 لسنة .1986
واختتم الشاذلى: متاعب الفلاحين بدأت مع هيئة الأوقاف منذ ثمانينيات القرن الماضى حتى اليوم وظل الوضع كما هو عليه، حيث لم تباشر هيئة الإصلاح الزراعى اختصاصاتها على هذه الأراضى، بينما استمرت هيئة الأوقاف فى مخالفتها للقانون وممارسة جميع الأساليب التى تثبت بها ملكيتها لأراضى الفلاحين.
محمد الكاشف - مسئول التوثيق الميدانى بمكتب شمال غرب الدلتا بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية - يقول: منذ الثمانينيات حتى 2008 بدأت تتجدد أوجاع الفلاحين وأزماتهم مع هيئة الأوقاف فى عدة مراحل أولها استمرار هيئة الأوقاف فى تمليك الأراضى محل النزاع لجمعيات إسكان تعاونية مختلفة تابعة لجهات سيادية بالمخالفة للقانون من خلال عقود استبدال تتحايل بها هيئة الأوقاف على فكرة البيع لأنها لا تمتلك أى مستند أو وثيقة قانونية تثبت ملكيتها فى أراضى الفلاحين الذين تملكوها عبر هيئة الإصلاح الزراعى.
وأوضح أن هيئة الأوقاف تعتمد على شركة المحمودية للمقاولات كغطاء لها يقوم بالبيع لجمعيات الإسكان التعاونى، ومنذ 2008 باعت الهيئة الأراضى لهذه الجمعيات بعقود عرفية وعددها ثمانى جمعيات تابعة لهيئة سيادية مثل جمعية الحسام لضباط أمن الدولة بكفر الشيخ وجمعية الفرسان للعاملين بمديرية أمن الإسكندرية وجمعية مستشارى محكمة النقض وغيرها من الجمعيات!
أضاف: المرحلة الثانية من تصاعد وتيرة الأزمة جاءت مع التنفيذ الفعلى لهذا البيع الذى تتولاه هيئة الأوقاف وتسليم الأفدنة لجمعيات الإسكان التعاونى الخاصة برجال الشرطة وأمن الدولة وتم ذلك فى أواخر ,2010 حيث نزلت قوة جبرية من الشرطة على أهالى عزبة الهلالية، وقامت بحرق عشش الأهالى وطردهم من أراضيهم وتسليمها إلى جمعيات الإسكان التعاونى.. ومنذ اندلعت ثورة يناير 2011 وحتى 2014 لم تتخذ الدولة أى خطوات فى الأزمة التى تظل معلقة بدون حل، بين أحقية الأهالى فى أراضيهم التى يمتلكونها من الإصلاح الزراعى وبين تمسك هيئة الأوقاف الباطل بأحقيتها فى ملكية الأراضى دون وجه حق!
وتجددت الأزمة فى مرحلتها الثالثة خلال الأيام الماضية فى الاستغاثات المتكررة التى قامت بها هيئة الأوقاف بجريدة الجمهورية فى أكتوبر ونوفمبر 2014 إلى رئيس الجمهورية المشير عبدالفتاح السيسى، تدعى فيها قيام أصحاب النفوذ بالاستيلاء على أراض مملوكة لها وتطالب محافظة الإسكندرية بإخلاء 300 فدان من أراض تعيش عليها أكثر من 5000 أسرة بادعاء امتلاك الهيئة للأراضى المقام عليها المنازل على خلاف الحقيقة!
∎ مشكلات عديدة
تجولت «روزاليوسف» بين عزب ريف مثلث المنتزه للاستماع إلى الأهالى ومشكلاتهم، لنجد عجوزا تجاوز الثمانين من عمره عاد إليه الحماس عندما علم أن هناك وسيلة إعلامية سافرت ووصلت إلى الإسكندرية لتستمع إلى مشكلته، رغم كبر سنه وعدم قدرته على الحركة، فإنه كان متحمسا جدا فى الدفاع عن قطعة أرضه ويخشى الطرد والتشريد منها.
ويحكى عبدالسلام حسن العاصى - 81 عاما، مزارع - مأساته قائلا: تسلمت بطاقة حيازة الملكية من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر شخصيا، وكنت فى غاية السعادة والفخر عندما وقف بجوار الفلاحين، واستمررت فى دفع الإيجار للأرض لهيئة الإصلاح الزراعى وصولا لهيئة الأوقاف، رغم عدم أحقيتها فى الإشراف على الأراضى التى تم توزيعها على المنتفعين، ومع ذلك التزم جميع الفلاحين بالسداد.
أضاف: عبدالناصر هو الرئيس الوحيد الذى وقف مع الغلابة، لكن كل الرؤساء الذين لحقوا به أفسدوا ما صنعه، وأبرز فساد ما يحدث لنا اليوم من إصرار هيئة الأوقاف على طرد 5000 أسرة من على أكثر من 300 فدان بالمثلث، لاستغلال الأرض فى مشروعات الإسكان.
تابع: أنا من مواليد سنة 1933 وليس لى مكان سوى هذه الأرض، التى كبرت فيها وزرعتها وتزوجت عليها وأنجبت أولادى وأحفادى بها، والفلاحة هى عملى وعمل أولادى الوحيد الذى لا يعرفون غيره، وتساءل: هل يعقل لدولة أن تقوم بتبوير الأراضى الزراعية لبناء المساكن عليها؟! المحافظة والأوقاف تتواطآن على إفساد الأرض وقام حى المنتزه بسد ماسورة الصرف لتنفجر فى أرضى المياه الفاسدة وتغمرها لتصبح غير صالحة للزراعة، هل ثورة يناير جاءت لتحقيق العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة أم لسلب الفلاح أرضه؟!
واختتم: ذهبت أكثر من 10 مرات لمديرية الرى بالمحافظة لإرسال مهندسين لتطهير ترعة «الشراينة بالمنتزه» من مياه الصرف الصحى المختلطة بها والقمامة والحيوانات النافقة من أجل رى الأرض الزراعية بمياه نظيفة، ولكن لا حياة لمن تنادى ولم يستجب أحد حتى الآن، واتهم وزارة الرى والمحافظة والأوقاف بالتواطؤ على أراضى المنتزه من أجل تنفيذ مخططاتهم لطرد الأهالى والفلاحين منها.
الحاج محمود -أحد أهالى عزبة العرب الكبرى بمثلث المنتزه- يلتقط طرف الحديث: إن الفلاح لديه قاعدة صريحة تقول «الأرض عرض» ولا يمكن التنازل عنها إلا ونحن جثث، فنحن مزارعون تحملنا الكثير على مدار 40 سنة ماضية من إهمال الدولة لحقوق الفلاح والأرض وعدم توفير الأسمدة وغياب دور الجمعيات الزراعية على مدار حكم السادات ومبارك ومرسى، والآن فى عهد السيسى تستغيث هيئة الأوقاف به ليأمر الجيش والشرطة بطرد الفلاحين من الأرض نهائيا، مضيفا: نحن لسنا بلطجية كما تدعى هيئة الأوقاف فى إعلانات استغاثاتها بوزير الدفاع ورئيس الوزراء ووزير الداخلية ليطردونا بالقوة الجبرية كما فعلوا من قبل مع أهالى عزبة الهلالية والقومبانية والبرنس والمنشية الكبرى، فالذى يمارس البلطجة الحقيقية هو وزارة الأوقاف ومحافظة الإسكندرية التى تقوم بتنفيذ مطالبها!
وأوضح أن الفلاحين يمتلكون حيازات لملكية الأراضى منذ خمسينيات القرن الماضى، أما هيئة الأوقاف فلا تمتلك أى دليل لصحة ادعاءاتها بأنها صاحبة الملكية، وهذا ما أكدته محكمة القضاء الإدارى وأحكام قضائية متعددة، بالإضافة إلى فتوى من المستشار طارق البشرى عام 1982 تؤكد ملكية الفلاحين لأراضيهم، عندما أعاد السادات ملكية الأراضى الزراعية لهيئة الأوقاف بالاستغلال والإدارة بدلا من هيئة الإصلاح الزراعى، حيث حدث خلط فى أراضى المنتزه وعندما تقاعست هيئة الإصلاح الزراعى عن دورها فى مباشرة أراضى المثلث تم توزيعها على المنتفعين من صغار المزارعين.
وفى ابتسامة ودودة لا تخلو من الهم والخوف على مستقبل أولادها، تقول روحية أحمد: عمرى 61 عاما لم أر مكانا آخر غير عزبة العرب، حيث ولدت ونشأت وعمل والدى وزوجى فى زراعة هذه الأراضى، ونحن كأهالى المثلث لم نكن على أجندة اهتمامات أى حكومة سواء بعد الثورة أو قبلها، ولم نشك نقص الخدمات الأساسية مثل غياب المياه النقية أو الخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية بريف المنتزه، ولكن نتعجب أنه عندما تتذكرنا الحكومة يكون هدفها طرد وتشريد الأهالى من أراضيهم التى عاشوا عليها مع أجدادهم لأكثر من 200 عام!
وتهدد: لن نخرج من أرضنا ومنازلنا حتى آخر نفس، وإذا كانت وزارة الأوقاف تستقوى بالجيش والشرطة لطرد الأهالى كما فعلت مع فلاحى عزبة الهلالية، فلن نخرج إلا ونحن قتلى تحت مدرعات جيشهم وشرطتهم!
وقال رمضان عبدالهادى - مزارع: وزارة الأوقاف تريد بيع الأراضى إلى جمعيات الإسكان التعاونى، نظرا للموقع الاستراتيجى لأراضى المثلث، حيث تقع بالقرب من شاطئ البحر وبجوارها المعمورة.
∎ عزبة الهلايلة
«روزاليوسف» زارت عزبة الهلايلة التى تعرضت لهجوم الأمن فى 2010 وطردهم لعدد كبير من أهلها والتقينا إبراهيم شندى شقيق الشهيد الفلاح حسن شندى الذى مات من أجل الدفاع عن أرضه ضد جمعيات الإسكان التعاونى التابعة لرجال الشرطة وأمن الدولة والقضاء العسكرى، ويقول إبراهيم: الأزمة بدأت مع هيئة الأوقاف منذ عام 2007 عندما باعت الهيئة 66 فدانا من أجود هذه الأراضى مزروعة بالجوافة وتطل مباشرة على طريق المنتزه - أبو قير الملاصق لخط السكك الحديدية، وتبعد عن شاطىء البحر مائة متر بسعر يتراوح بين 3 - 5 ٪ من القيمة الفعلية، ثم مع تحرك الأوقاف لبيع أراضى الفلاحين لجمعيات الإسكان التعاونى وخاصة لهيئات سيادية وهى أمن الدولة 9 أفدنة، وشرطة كفر الشيخ 10 أفدنة، ومثلها لشرطة الإسكندرية، والقضاء العسكرى 7 أفدنة، ومستشارى محكمة النقض 15 فدانا، ومثلها لقضاة وزارة العدل، وقد تسلمت الجمعيات الأربع الأولى الأرض بعد طرد الفلاحين منها، وكان فى هذه الآونة أخى حسن شندى من المدافعين عن حقوق الفلاحين ويرفض طردهم عن الأرض.
وأوضح أن حسن شندى قتل فى سبتمبر 2009 بعدما وجده أهالى العزبة جثة ملقاة بين الزراعات مقيدة من أطرافها ومكتوب على جلبابها رسالة تهديد لزميله فى النضال «الدور عليك يا سلامة كريم رميا بالرصاص يا زعماء الفلاحين».
ويتذكر إبراهيم شندى: تم استدعاء شقيقى حسن قبل مقتله من قبل أجهزة الشرطة وجمعية ضباط شرطة كفر الشيخ للحصول على تنازله عن الأرض مع عدد من الفلاحين، الذين ادعوا شراءها من وزارة الأوقاف، لكن الفلاحين رفضوا رغم جميع التهديدات التى واجهوها بل قاموا برفع دعوى قضائية ضد الأوقاف ببطلان عملية البيع.
وأشار إبراهيم إلى أنه وسط صراع الشهيد حسن لإثبات فساد هيئة الأوقاف فوجىء الجميع باغتياله فى 22 سبتمبر 2009 ليكون عبرة لغيره من الفلاحين وتم إلقاء جثته على بعد 100 متر من منزله، ولقد أبلغ أهله النيابة وانتهت التحقيقات وصدر تقرير الطب الشرعى بعد ستة أشهر من الجريمة مخيبا للآمال ينص على «تناول المجنى عليه مادة سامة»!! ولم يحدد التقرير كيفية دخولها جسمه، وأصبح الطعن فى التقرير بلا جدوى بعد أن جفت كل السوائل وتلاشت كل أشلاء الجثمان وتبددت كل الأدلة والقرائن.
∎ الموقف القانونى
عن الموقف القانونى لأهالى ريف المنتزه يقول محمود حمدى الكبير- المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة - والموكل عن الأهالى: هيئة الأوقاف تصر على ادعائها بملكية أراضى مثلث ريف المنتزه، رغم صدور عدة قرارات وتشكيل لجان بخصوص هذا النزاع على مدار السنوات الماضية، خاصة أن نفس الفلاحين الذين يعيشون فى الأرض ويزرعونها هم من استأجروها من هيئة الإصلاح الزراعى منذ عام 1960 وكان أجدادهم يزرعونها منذ عهد الخديو إسماعيل 1880 وحتى ثورة يوليو .1952
أضاف: آخر اللجان التى تشكلت عقدتها لجنة التنمية المحلية والقوى البشرية بمجلس الشورى بتاريخ 27/2/2013 وأصدرت اللجنة التى حضرها ممثلون عن جميع الهيئات من الشهر العقارى- وزارة العدل- هيئة المساحة- الإصلاح الزراعى- الأوقاف- رئيس حى المنتزه- ممثلا عن معامل أبحاث التزييف والتزوير، وعملت اللجنة التى صدر تقريرها 20 -6- 2013 من الإدارة المركزية للملكية وحيازة الأراضى، وأكد تقريرها أنه سبق قيام الإصلاح الزراعى بالتصرف فى الأرض بتوزيعها بالتمليك منذ .1959
أضاف: تقرير اللجنة اعتمد على سبق صدور فتوى من مجلس الدولة بمعرفة المستشار طارق البشرى عن ذات الأرض محل النزاع منذ عام ، والتى تفيد جميعها وفقا لصحيح الواقع أو القانون أن أهالى مثلث زراعة المنتزه هم الملاك لذلك المسطح، وحقيقة الأمر أن هيئة الأوقاف لا يحق لها التعامل على هذه الأراضى وفقا للمادة من قانون إنشاء هيئة الأوقاف رقم 80 لسنة ,1971 حيث استثنى القانون بنص صريح تلك الأراضى من تعاملات الهيئة بالإضافة إلى إلغاء الوقف فيها بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة (2) من القانون رقم 3 لسنة 1986 وذلك لسابقة توزيعها بالتمليك قبل العمل بقانون 42 لسنة 1973 وتنفيذا لأحكامه.
وأوضح أن لدينا صورة ضوئية رسمية من تقرير الهيئة العامة للإصلاح الزراعى الصادر من الإدارة المركزية للملكية الزراعية والحيازة فى 20/6/2013 والذى صدر بشأن المساحات الواقعة بأرض المثلث- الإسكندرية حيث ورد به وبحصر اللفظ بضرورة استصدار التوجيهات اللازمة والتى من شأنها رد تلك المساحات للإصلاح الزراعى والبالغة 1162 أشهرت للإصلاح مضافا إليها مساحة 388 فدانًا لسابقة توزيعها بالتمليك قبل العمل بالقانون 42 لسنة 1973 وتنفيذا لأحكامه وعلى ضوء ما صدر بشأنها من قرارات مجلس إدارة الهيئة.
وقال الكبير: من المستندات والوثائق القانونية التى تثبت حق أهالى المنتزه فى أرضهم، تلك الوثيقة الرسمية من قسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة 3-2-1982 برقم 90-2-276 والتى أصدرها المستشار طارق البشرى والمنتهية إلى أنه: لايجوز رد الأراضى التى تصرفت فيها الهيئة العامة للإصلاح الزراعى إلى هيئة الأوقاف المصرية، سواء أكان التصرف توزيعها بالتمليك أو تخصيصها لبناء مركز التدريب عليها، وأن أحقية هيئة الأوقاف المصرية تنصرف إلى اقتضاء ثمن هذه الأراضى نقدا، وتقدر بقيمتها وفقا لقانون الإصلاح الزراعى والعبرة بقيمتها وقت استلامها فى عام .1958
بالإضافة إلى هذه الفتوى المتأخرة فى ,1982 توجد عدة قرارات تفيد بأحقية الأهالى أبرزها قرار رقم 19 بجلسة مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بالجلسة الرابعة بتاريخ 17 - 2-1958 بشأن استلام الإصلاح الزراعى لأراضى الأوقاق حيث قرر المجلس بالبند سادسا «تسليم التفاتيش الآتية ومنها المنتزه».
بالإضافة إلى قرار رسمى رقم 13 صادر بتاريخ 28/6/1959 من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى باعتماد التوزيع الابتدائى بالمناطق والنواحى التالية (المنطقة الإسكندرية - الزراعة - المنتزه - النواحى - الموزعة «المندرة والقومبانية الإنجليزية» المركز قسم المنتزه، واسم المالك السابق وقف الخديو إسماعيل .
تابع: أرض الخديو إسماعيل تم استبدالها من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بمقتضى القانون 152 لسنة 1957 بتنظيم استبدال الأراضى الزراعية الموقوفة على جهات البر العام وذلك قبل توزيعها على صغار الفلاحين والمزارعين بالنواحى المحددة بالقرار ومنها أرض المثلث، كما نصت المادة (9) من القانون 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى توزع الأراضى المستولى عليها فى كل قرية على صغار الفلاحين، بحيث يكون لكل منهم ملكية صغيرة لا تقل عن فدانين ولا تزيد على خمسة أفدنة.
وكشف الكبير لـ«روزاليوسف» عددًا من المستندات تكشف فساد هيئة الأوقاف وتوقيعها دون وجه حق بالرغم من كل القرارات السابق ذكرها، وهناك بروتوكول 31 يناير 2008 بين وزير الأوقاف الأسبق الدكتور حمدى زقزوق، ومحافظ الإسكندرية اللواء عادل لبيب يفيد اتفاقهما على منح الهيئة للمحافظة 100 فدان زراعية من أصل 300 فدان بمنطقة ريف المنتزه مقابل قيام المحافظة بطرد المتعدين- أى الفلاحين المنتفعين- وإزالة مزروعاتهم كما نصت بنود البروتوكول الخامسة والسادسة، وتوصيل المحافظة للمرافق إلى هذه الأراضى للقيام بمشاريع استثمار عقارى على الأراضى الزراعية التى يمتلكها صغار الفلاحين حسب مخطط تفصيلى جديد، سعت هيئة الأوقاف إلى تنفيذه بمشاركة المحافظة.
ومنذ هذه اللحظة وتوقيع البروتوكول الذى سعت من خلاله هيئة الأوقاف إلى بيع الأراضى لجمعيات الإسكان التعاونى، انتقل الصراع على الأرض إلى مستوى متقدم وقعت فيه حادثة قتل للشهيد حسن شندى زعيم الفلاحين الثائر ضد جمعيات الإسكان التعاونى فى سبتمبر .2009
∎ عقود عديدة
وحصلت «روزاليوسف» على مستندات خطيرة حول بيع هيئة الأوقاف أراضى بعقود بيع إلى هيئات سيادية للقضاء العسكرى وأمن الدولة، ومنها صورة من عقد استبدال مسطر به أنه سرى شخصى لجمعية الحسام التعاونية للبناء والإسكان «القضاء الشرطى العسكرى» بتاريخ 13 نوفمبر ,2008 صورة من عقد استبدال جمعية ضباط كفر الشيخ بتاريخ 13 إبريل 2008 ، وصورة من عقد استبدال جمعية الأمل «مديرية أمن الإسكندرية» بتاريخ 22 أكتوبر 2008 ، صورة من عقد استبدال جمعية مباحث أمن الدولة بالإسكندرية وأسرهم بتاريخ 19 يونيو 2008 والغريب أنهم اجتمعوا فى توقيت متقارب وأسسوا جمعيات الإسكان وبالاشتراك مع المحافظة فى توقيت واحد.
ويستنكر الكبير تورط منظومة العدالة مع هيئة الأوقاف فى الاستيلاء على أراضى الفلاحين، ويكشف صورة من إعلان لنادى خبراء وزارة العدل بالإسكندرية بتوافر عدد من الشقق بأراضى النزاع «ريف المثلث» للسادة الخبراء ولأقاربهم حيث توافر عدد محدود من الشقق كاملة التشطيب بمساحات 90 - 100 متر، متعجبا من الأيادى الخفية التى تبحث عن مصالحها داخل أروقة وزارة العدل؟!
والأراضى محل النزاع ذات موقع استراتيجى فخم، حيث تنتج أجود أنواع الفواكة والموالح فى مصر، علاوة على أنها لا تبعد عن شاطىء البحر المتوسط وبلاج المعمورة الشهير بأكثر من 100 متر ويتجاوز ثمنها جميع الأراضى الزراعية فى مصر فمتر الأرض على الجانب البحرى من شريط سكة حديد أبى قير يقدر بستين ألف جنيه، وينخفض ثمنه إلى 30 ألفا على الجانب القبلى للسكك الحديدية وثمن الفدان = 30000 جنيه * 4200 متر مربع = 126 مليون جنيه.
لذلك كانت هذه الأراضى مطمعًا لأصحاب السلطة والنفوذ ورغم أن الأرض ليست ملكا للأوقاف بل للهيئة العامة للإصلاح الزراعى ويقتصر دور الأوقاف على إدارتها أى تأجيرها لمن يزرعوها، وليس من صلاحيتها التصرف فيها بأى شكل أو بيعها، إلا أن أغلب المسئولين المعنيين بالموضوع وعلى رأسهم محافظ الإسكندرية اللواء عادل لبيب تواطأوا وقتها على بيعها قطعة قطعة للهيئات السيادية بالترهيب والتهديد الذى وصل لقتل زعيم الفلاحين حسن شندى، الذى رفض استيلاء جمعية ضباط شرطة كفر الشيخ على القطعة الثانية من الأرض ومساحتها 10 فدادين بعد أن تمكنت جمعية ضباط أمن الدولة بالإسكندرية من الحصول على القطعة الأولى ومساحتها 9 أفدنة.
وتمكنت روزاليوسف من الحصول على صورة رسمية من تقرير الطب الشرعى صدر فى 20 أكتوبر 2010 ونص على أن حسن شندى قتل بدم بارد.
كما حصلت روزاليوسف على صورة من الدعوى القضائية التى رفعها الشهيد قبل وفاته فى أبريل 2008 بطلب تثبيت ملكيته على أرضه وسبب مقتله فيما بعد، ثم كشف المحامى عن عقد استبدال موقع فى 28/8/2008 على أرض الشهيد حسن شندى والمخصصة «للجمعية الاجتماعية لقضاة محكمة النقض»، ضاربين بالقوانين عرض الحائط حيث إن القانون المدنى القائم حظر على القضاه لا بأسمائهم ولا بأسماء مستعارة شراء الحقوق المتنازع عليها وهى محل طلب رد وبطلان لهذا العقد.∎