
طارق الشناوي
كلمة و 1 /2.. محمد حمزة المتحدث الرسمى لمشاعرنا!!
قبل يومين عشت عبر أثير محطة الأغانى مع أشعار محمد حمزة فى ذكراه الخامسة عشرة، الشاعر الموهوب، الذي واجه فى حياته ضربات عشوائية تشكك فى موهبته، عدد من أبناء جيله كانوا يرددون أن بليغ يكتب له من الباطن، فهل محمد عبدالوهاب وكمال الطويل ومحمد الموجى ومنير مراد ومحمد سلطان وسيد مكاوى وغيرهم كانوا أيضًا يكتبون من الباطن لحمزة؟
عبدالحليم نبهه إلى أن بليغ بالصمت يسهم فى سريان هذه الشائعات، بليغ ومع أغلب الشعراء الذين تعاون معهم منذ منتصف الستينيات، يُقدم لمحات شعرية غير مكتملة، تحتاج إلى قدرة على توظيفها ومنحها السحر، حمزة هو الأكثر قدرة بين أبناء جيله على التعامل مع تلك الشذرات، ومنحها السحر.
رصيد 1200 لو قلنا مثلًا بينها 200 أو حتى 400 مع بليغ، فمن الذي كتب له الباقى؟
تكتشف على مدى يقترب من 50 عامًا عُمر تجربته الغنائية أن شاعرنا هو لسان حالنا عاطفيًا ووطنيًا واجتماعيًا، لو أدرت مؤشر الراديو أو ريموت التليفزيون فى أى وقت سوف تستوقفك واحدة من أغنياته.
كان لى حظ أن ألتقى الأستاذ حمزة فى مؤسسة (روز اليوسف) فى نهاية السبعينيات، فهو صحفى كبير فى مجلة «صباح الخير» التابعة لـ«روزاليوسف»، شاعرنا الموهوب مارس الكتابة الصحفية فى مجالى الفن والرياضة.
بدايات «حمزة» فى منتصف الستينيات، شاب صغير فى مطلع العشرينيات من عمره، يذهب مع صحفى أسبق إلى بيت فايزة أحمد، وهو نفس البيت الذي ظل يقطنه الموسيقار محمد سلطان، حتى رحيله، ويعرض على «فايزة» أشعاره (أؤمر يا قمر أمرك ماشى) و(رشوا الورد على الصفين) والأغنية الأخيرة كتبها بمناسبة عودة جنودنا من اليمن، كانت «فايزة» فى بداية زواجها من سلطان، وحققت (أؤمر يا قمر) نجاحًا جماهيريًّا ضخمًا، انتقل «حمزة» من بيت «سلطان» و«فايزة» إلى بيت عبدالحليم حافظ بصحبة بليغ حمدى، القفزة الكبرى تحققت مع أغنية (سواح وماشى فى البلاد سواح/ والخطوة بينى وبين حبيبى براح/ مشوار بعيد وأنا فيه غريب/ والليل يقرب والنهار رواح).. صورة شعرية رائعة، ويحقق هذا الثالوث العديد من النجاحات: (زى الهوى)، (موعود)، (أى دمعة حزن لا)، (جانا الهوى)، (حاول تفتكرنى)، (قدك المياس يا عمرى) (وفدائى) وغيرها، وعندما تحدث جفوة بين «عبدالحليم» و«بليغ حمدى»، يختار «حمزة» الوقوف على شاطئ «عبدالحليم»، ويكتب له من تلحين عبدالوهاب (نبتدى منين الحكاية).. «حمزة» لصيق بالتجربة (الحليمية) له أكثر من 70 أغنية، صحيح أن العديد من الشعراء مثل صلاح جاهين ومرسى جميل عزيز ومأمون الشناوى وحسين السيد وعبدالرحمن الأبنودى وغيرهم سبقوه إلى «حليم» ولكن «حمزة» هو صاحب الرصيد الأكبر.
من أنقى وأصدق وأبهج أغانى الوطن (يا حبيتى يا مصر)، قدمت بعد هزيمة 67، كان حمزة وبليغ فى زيارة لشادية، فجأة قالت (يا حبيبتى يا مصر)، التقطها حمزة وأكمل (ولا شاف إصرار فى عيون البشر/ بيقول أحرار ولازم ننتصر)، مثلما كتب للغربة بصوت نجاة (وبعتنا مع الطير المسافر جواب/ وتراب من أرض أجدادى/ وزهرة م الوادى)!!. إذا لم يكن هذا هو الشعر، فى اسمى تجلياته، فما هو الشعر إذًا؟!!.