
طارق الشناوي
خان المصرى قبل وبعد جواز السفر الأخضر!!
هل هناك من شك لحظة واحدة أن محمد خان بحاجة إلى وثيقة رسمية تُثبت جنسيته المصرية أكثر مخرج ألتقى به خارج مصر فى المهرجانات هو محمد خان، بعد أن صار واحدا من أكثر الأسماء بين المخرجين تمثيلا للسينما المصرية، الدورة الأخيرة فى مهرجان دبى كان لديه فيلم «فتاة المصنع» الذى حصد جائزتى الفيبرسكى للنقاد الدوليين وأحسن ممثلة لياسمين رئيس، لا أحد حتى الآن يصدق أن خان من الناحية الرسمية ليس مصريا، لمجرد أن أباه باكستانى وكأن أفلامه ووجدانه ومشاعره المصرية لا تكفى لكى تُعلن للقاصى والدانى وتُقسم بالثلاثة بمصريته القُح.
السينما هى عشقه وحياته ولا أتصوره سوى أنه والفيلم وجهان لعملة واحدة، إنه أكثر مخرج سينمائى التقيته على مدى ثلاثة عقود من الزمان مشوارى فى الصحافة، يحرص على متابعة التعبير الأدق مطاردة الأفلام، وكنت قد لاحظت حالة الشغف التى تنتاب خان عندما نقرأ عن فيلم ونجد صعوبة فى الحصول على تذكرة للدخول، على الفور تنشط بداخله كل أسلحة البقاء التى تدفع الإنسان للحرص على الحياة فى مواجهة الخطر المحدق، ويبدأ فى البحث عن وسيلة للحصول على التذكرة، ويكاد يخرج لى لسانه ملوحا بالتذكرة وقبل أن يشعر بزهو الانتصار أفاجئه بأننى تمكنت من الحصول أيضا على واحدة.
الوصية التى طلبها من المقربين إليه أنه عندما يصبح عاجزا عن الذهاب للأفلام أن تذهب الأفلام إليه، وتعرض أمامه، كل الأفلام التى شاهدها يريد أن يحظى منها برؤية أخرى وأخيرة، قال لى خان إنه قرأ عبارة دائما ما تداعبه وهى أن الإنسان يمشى فى البداية على أربع مستخدما يديه وقدميه ثم فى شبابه على اثنين وبعد ذلك ثلاثة عندما يستعين بالعصا ثم يصل إلى الأربعة مرة أخرى، وسوف يواصل شغفه السينمائى حتى آخر نفس.
ولا يتوقف خان عن الحلم، بالتأكيد يرى السوق السينمائية معاكسة تماما لأى طموح فنى خارج الصندوق، قال لى إنه أحيانا يتذكر مشروعا اقتصاديا جمعه مع المخرج الكبير صلاح أبوسيف عندما التقاه فى لندن فى منتصف السبعينيات، واقترح أبوسيف أو لعله خان هو الذى اقترح أن يشرعا معا فى إنشاء دكان لبيع الفول والطعمية، ثم وقعا فى حبائل نصاب وماتت الفكرة، وظل كلما التقى مع أبوسيف قالا معا: «مش الطعمية كانت أحسن»؟!
محمد خان من المخرجين الذين يملكون روح المقاومة وهكذا من المستحيل أن يلقى بسلاحه قبل أن يحقق حلمه، وفيلمه «فتاة المصنع» يحمل رقم 22 فى مشواره، بعد أن ظل 6 سنوات يحلم بالعديد من الأفكار، شكل خان فى الثمانينيات حالة خاصة مع أبناء جيله مثل الراحل عاطف الطيب وخيرى بشارة وداوود عبدالسيد، وكان النجم الأسمر أحمد زكى هو القاسم المشترك لأغلب تلك الأفلام، وفى استفتاء أفضل 100 فيلم فى تاريخ السينما العربية كان لأحمد ستة أفلام منها خمسة لخان وعاطف وداوود، أحمد زكى كان يصف علاقته بمحمد خان مهما شابها من توتر قائلا إنهما توءم من نفس البويضة الفنية.
كان العديد من مواقع التواصل الاجتماعى والجمعيات السينمائية خلال السنوات الأخيرة تُطالب بمنح الجنسية المصرية لخان، فهل من الممكن لأحد سوى أن يرى مصر فى كل لقطات أفلامه، فهو المصرى قبل وبعد جواز السفر الأخضر!∎