الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الـمـنـسـى

الـمـنـسـى


سيظل عامل التحويلة «عادل إمام» فى فيلم «المنسى» رائعة «وحيد حامد» و«شريف عرفة» هو كشاف النور الساطع وهو الضمير الحى السينمائى فى كل حوادث القطارات غير السينمائية على طول رصيف السكة الحديد الذى يشق جسد مصر من شمالها إلى جنوبها.. عامل المزلقان فى حادثة قطار «دهشور» الأخيرة وحتى كل عمال مزلقانات الحوادث السابقة فى مصر هم المنسيون جمع «المنسى» عامل التحويلة فى الفيلم البديع بموسيقاه الشجية وألوان إضاءاته الكابية الحزينة.. وهم المنسيون والمهمشون والمذنبون نيابةً عن الفاعل الرئيسى فى جنازات الموت الجماعى المتكررة بالقطارات المصرية.. فهناك موت بالقطار وموت بالعبارات وموت بالغيظ وموت طبيعى وموت بالإخوان المسلمين.. وللموت الأخير قصة أخرى لأنه موت بلد بقطاراتها وطائراتها وعباراتها وتكاتكها.
 
لكن «المنسى» الذى تم حبسه وحده 15 يوماً- مثل كل عمال المزلقانات السابقين- على ذمة القضية وتم ترك وزير النقل وباقى المسئولين طلقاء دون سؤال وهم الذين أبلغهم المنسى فى تحقيقات النيابة الأسبوع الماضى بأنه قد أبلغ مرؤوسيه أكثر من مرةٍ بأن إشارة المزلقان والجرس لا يعملان منذ شهرين لكن المسئولين لم يستمعوا له أو يلقوا بالاً لشكواه.. لأنه منسى مثل ملايين المصريين لا قيمة له ولا لكلامه يعيش على هامش حياة المترفين والمتخمين بالسلطة والسلطان.
 
لكن السادة المترفين والمتخمين بالسلطة والسلطان الذين قتلوا القتيل ولم يمشوا فى جنازته قد قتلوا ضمائرهم أيضاً أو أناموها فى العسل قليلاً حين قرروا صرف تعويضات فورية لأسر ضحايا قطار دهشور مع أنهم لو صرفوا هذا التعويض قبل وقوع الحادثة لإصلاح المزلقانات لما مات من ماتوا! طيب مادمتم تملكون هذهِ الآلاف وتنفقونها على الضحايا فلماذا لم تنفقوها من قبل عليهم أحياءً بتأمين السفر؟.. لكن السادة المترفين والمتخمين بالسلطة والسلطان أرادوا الوضع على ما هو عليه وقسموا الناس هكذا: منسى ومذكور.. وثورتان قامتا من أجل أن يتحول المنسى إلى مذكور.. لكن واقع المنسى فى قطار دهشور 2013 لم يخرج عن مصير البطل فى سيناريو فيلم المنسى المنتج عام .1993 وأنت لا تعرف لماذا يعيش المهمشون المنسيون دوماً على رصيف الحياةِ أو على رصيف القطار مثل قناوى «يوسف شاهين» بطل ومخرج فيلم باب الحديد.