الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
المشاهدة بأثر رجعى «لص بغداد»  فى مهرجان أبوظبى!!

المشاهدة بأثر رجعى «لص بغداد» فى مهرجان أبوظبى!!


هل نشعر بحنين لفيلم قديم شاهدته؟ من البديهى أن يحدث ذلك لكل البشر بين الحين والآخر، حيث لا يشاهد الإنسان الفيلم بل يشاهد نفسه قبل الفيلم.
 
نحن نتذكر ملابسات تلك المشاهدة وقد نتعجب بما فعلت بنا الأيام، ولكن ما رأيكم عندما نعود 73 عاما للخلف دُر لنرى فيلما ربما لم يسبق لنا رؤيته، «لص بغداد» مأخوذ عن واحدة من روايات «ألف ليلة وليلة» حيث السحر والغموض الشرقى ولهذا السبب عالجتها السينما أربع مرات، الأولى بدأت منذ السينما الصامتة عام 1924 أما الثانية 1940 التى نقدمها لكم فهى قد جاءت والسينما قد شبت عن الطوق فى الصوت والصورة وبدأنا فتطلع للمزيد من الإبهار، بعد أن امتلك الفن السابع تقنية اللون وبدايات مبهرة جدا بمقياس ذلك الزمان فى تنفيذ الحيل السينمائية، وتستطيع أن ترى فى التاريخ السينمائى أفلاما تبدو أهميتها الزمنية فى أنها أجادت استخدام التكنولوجيا والتقنية الحديثة التى تصادف أنها تواجدت فى زمنها، وكأن فكرة الفيلم جاءت لتصبح معادلا فنيا لتلك الإضافات الحديثة وهكذا كان هناك فريق متكامل تكون من المخرجين الثلاثة مايكل باول ولدينج بريجر وتيم والين وهم ينتمون إلى ثلاث جنسيات ألمانى وبريطانى وأمريكى، بالإضافة إلى إسهامات فنية وتقنية من زولولتون كورداو، وليام كاميرون واستطاعوا أن يقدموا وجهة نظرهم الإبداعية من خلال تلك الإمكانيات، وتكتشف أنهم قد وصلوا للذروة لو قارنت هذا الفيلم بما كان يقدم وقتها، وبالطبع مثل هذه الحيل التقنية كانت تحتاج فى تنفيذها إلى مجهودات ضخمة، بينما قد وصلنا الآن باستخدام الكمبيوتر إلى نتائج أفضل وفى زمن أقل وبمصداقية أكبر، إلا أننا نشاهد العمل الفنى الذى يفصلنا عنه أكثر من سبعة عقود من الزمان بزاوية رؤية تعيدنا لذلك الزمان، نجح «لص بغداد» فى نسخته الثانية الذى وصل أيضا لذروة التقنية مستخدما كل الإمكانيات المتاحة على بدائيتها فشاهدنا الجن الضخم الذى يخرج من المصباح والبنورة السحرية وتناقض الأحجام و«بساط الريح» الذى يجوب البلاد والبحار، وهكذا كان من المنطقى أن يكون نصيب الفيلم فى مسابقة الأوسكار جوائز التصوير والديكور والمؤثرات الخاصة.
 
الحالة الميلودرامية التى تنتقل من النقيض للنقيض هى التى تغلف كل الأحداث، الصراع دائما يصل للذروة وفى اللحظة الحاسمة يأتى الحل كذلك كل الأحداث مغلفة بطابع الكوميديا، تجد فى الفيلم أصداء عديدة شاهدناها فى الأفلام العربية، خاصة المصرية حتى ملامح الجن وأسلوبه قُدمت عشرات المرات، ويبقى أن هذا العالم الساحر كثيرا ما يداعبنا فى أحلامنا ومهما مر زمن نكتشف أن الطفل بداخلنا يرنو لكى يعيش مجددا فانتازيا «ألف ليلة وليلة» ولهذا نستعيد دائما مثل هذه الأفلام لتنعش ذاكرتنا.
 
إنها رحلة تعيشها مع أفلام عاشت وتحدت النسيان لأنها حملت شيئا خاصا فى ملامحها الإبداعية ويظل السؤال هو عندما نشاهد فيلما قديما يعتمد على الحيل والتى كانت بمقياس الزمن بدائية لماذا لا نفقد تواصلنا معها؟ إجابتى هى أننا لا شعوريا نعيش الزمن الماضى بكل مفرداته وما يمكن أن تعتبره بدائيا فى اللحظة الحاضرة، يبدو أمامك معبرا عن آخر صيحة فى مجال التكنولوجيا، إن هذا هو سر وسحر السينما التى تظل دائما قادرة على إثارة دهشتنا مهما تباعدت الأزمنة وهكذا منحنا مهرجان «أبوظبى» هذه الدروة التى افتتحت الخميس الماضى فى قسم خاص مملوء بالحنين فرصة لكى نستعيد زمن مضى مع «لص بغداد».