الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رجب حوش «مسلسلاتك» عني!

رجب حوش «مسلسلاتك» عني!


قبل أن نحب فناناً هل نفتش أولاً عن جنسيته وديانته وموقف دولته من قضايانا المصيرية، أم أن الحب لا يلقي بالاً بأي شيء آخر سوي الحب، ومثلما تحدي روميو وجولييت، وقيس وليلي، وعنتر وعبلة، وجميل وبثينة، المستحيل ولم يتنازلوا عن حبهم، وهكذا أحب أغلب المشاهدين العرب نور فاطمة ومهند وغيرهم ولا يزالون برغم تأرجح المواقف السياسية لتركيا.

تعجبت كثيراً من البيان الذي أصدرته مؤخراً نقابة السينمائيين المصريين ومن المنتظر أن تنضم إليها باقي النقابات الفنية، حيث يطالب البيان بمقاطعة الدراما التركية نظراً للموقف الرسمي لتركيا المعادي للثورة المصرية وتأييده لمرسي رئيساً شرعياً.
هل تملك النقابة - أي نقابة - ترمومترا لتوجيه مشاعر الناس، إنه قرار يخاصم المنطق لأن المشاهد العربي عندما أصبح يتعاطي بكل هذا النهم بالمسلسل التركي لم يدر المؤشر إليه لأنه معجب بسياسة الدولة تجاه قضايانا العربية ولا هو دليل مؤازرة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في انتقاده لإسرائيل، لقد فسروا علي سبيل المزاح أن هيفاء وهبي عندما كانت تغني قبل خمس سنوات «رجب حوش صاحبك عني» إنها تقصد رجب أردوغان، بينما الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب أكد أن هيفاء تقصده علي طريقة المثل اللبناني الشهير «الكلام إلك يا جارة»!!
ما فات النقابات الفنية في مصر أن القرارات السياسية من الممكن أن تتبدل لأن المصالح تتصالح، وقد تغير تركيا خطابها السياسي في أي لحظة، كما تابعنا من قبل تأرجح الموقف الأمريكي تجاه 30 يونيو وأكثر من دولة أوروبية قالت في البداية أن ما حدث انقلاب عسكري وبعد ذلك وصفته بأنه ثورة شعبية أيدها الجيش.
الحقيقة أن الموقف المعادي للدراما التركية ونجاحها الطاغي له أكثر من وجه بعد أن صار يشكل عُقدة لدي أغلب شركات الإنتاج وناصبها عدد من الفنانين العرب - أقصد المسلسلات التركية - العداء لأنها تقاسمهم أرزاقهم، وبالفعل من أهم أسباب تراجع أجور الفنيين والفنانين في الأعوام الأخيرة هو توفر البديل التركي الرخيص نسبياً، ثمن المسلسل التركي «المدبلج» باللهجة السورية لا يتجاوز10٪ من ثمن المسلسل العربي، ولهذا صارت المحطات الفضائية تفضله علي الطريقة التركية.
قبل شهر واحد فقط كان اتحاد كتاب الدراما العرب ومقره القاهرة قد اتخذ قراراً مماثلاً بمناشدة شركات التوزيع بالتوقف عن استيراد الأعمال التركية وقصر المجال فقط علي الدراما العربية  بحجة الحفاظ علي الهوية، ولم يدركوا أن العصمة بيد المشاهد، عندما نكتشف أن الدراما التركية امتد نجاحها في الفضائيات علي مدي تجاوز سبع سنوات، فإن هذا يعني شيئاً واحداً هو أن هناك حالة من التماهي مع تلك المسلسلات وأن الأمر لم يعد ظاهرة مؤقتة ولكنه قاعدة تحقق نجاحاً مضموناً.
من الذي يملك القرار؟ لإيقاف تدفق المسلسل التركي عبر الفضائيات ليس شركات الإنتاج ولا النقابات الفنية ولكنها المشاعر، لقد حدث بعد هزيمة 67 أن أصدرت وزارة الثقافة المصرية قراراً بمقاطعة الفيلم الأمريكي ومنعه من دور العرض نظراً لأن أمريكا هي الداعم الأكبر لإسرائيل، وبرغم أن هذا القرار صدر قبل زمن الفيديو والفضائيات، أي أن الدولة كانت تملك كل منافذ العرض والمقاطعة ممكنة إلا أنه لم يستمر سوي بضعة أسابيع فقط لأن الناس تفضل الفيلم والنجم الأمريكي بقدر ما ترفض السياسة الأمريكية.
انتهي زمن المقاطعة الفنية والثقافية علي خلفية المواقف السياسية وليس أمامنا لإيقاف حالة الأتركة سوي أن نطلب من هيفاء وهبي أن تغني لرجب طيب أردوغان «رجب حوش ــ مسلسلاتك ــ عني»!∎