الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
موائد المجاملات الصحفية تنافس موائد الرحمن!

موائد المجاملات الصحفية تنافس موائد الرحمن!


 بدأ الاستعداد لموسم رمضان فى الدراما والمنوعات وبدأت أيضا مراسم الاستعداد لرشة جريئة من المجاملات الصحفية، يعتقد البعض أن الصحافة وتحديدا الفنية تسمح بقدر من المجاملة وأن القارئ سوف يتسامح مع الكاتب أو الصحفى لأن الوسط الفنى بطبيعته مجامل، والحقيقة من واقع خبرتى الصحفية أن هذا الرأى يجانبه الصواب.
 
دعنا نفكر أولا بصوت مسموع ونسأل: متى يضطر الصحفى للمجاملة؟! مشكلة الصحفى أنه لا يجامل من جيبه ولكن من جيب القراء.
 
المجاملة جزء من التعامل اليومى فى حياتنا، وهذا الهامش يبدو أحيانا مطلوبا، بل ضروريا فى الحياة، إنها مثل البقشيش الذى تدفعه فوق الحساب وعليك أن تدفع من حر مالك، الصحفى يكتب آراءه للقراء والقارئ لا ذنب له فى أن هذا الصحفى تربطه علاقة صداقة مع هذا الفنان أو تلك الفنانة وأرجو أن تلاحظوا أننى لا أتحدث عن مصلحة مباشرة، ولكن فقط صداقة بلا منافع متبادلة ومباشرة فى هدفها. إن المجاملة فى هذه الحالة تصبح مثل أن يضع أحدهم يده فى جيبك لكى يمنح بقشيشاً عن خدمة لم تقدم لك.. المجاملة هى آفة العمل الصحفى، ومع الأسف ازدادت رقعة المجاملة فى حياتنا الصحفية، وهذا هو المأزق أن البعض أصبح يتلمس الأعذار ويجد عشرات من المبررات لتلك المجاملات الفجة المنتشرة فى كل جنبات بلاط صاحبة الجلالة!
أعرف بعض الزملاء بسبب المجاملات أصبح لديهم رأيان.. واحد معلن تقرؤه على صفحات الصحف والمجلات التى يعملون بها والثانى يقولونه سراً لأصدقائهم المقربين.. تعود هؤلاء الزملاء أن يحضروا العرض الخاص للفيلم السينمائى ويبحثوا عن الفنان لتهنئته وعن القنوات الفضائية التى تسارع بتغطية مثل هذه الأحداث ولديها بالطبع أهدافها للحصول على مادة إعلامية مجانية تبثها عبر برامجها، وهكذا تزرع أكثر من 10 كاميرات وأحياناً 20 كاميرا على حسب جاذبية النجم أثناء العرض الخاص ويبدأ هذا الصحفى أو الناقد فى استقبال كل الدعوات التى توجهها له هذه القنوات وهاتك يا مديح فى الفيلم.
 
دائما ما أحاول بقدر المستطاع تجنب العروض الخاصة للأفلام لأن ليس هذا هو الجمهور الحقيقى، إنه جمهور خاص جدا، ولكن أحياناً بسبب ظروف العمل الصحفى اضطر للذهاب لمشاهدة الفيلم فى عرضه الخاص قبل العرض التجارى حتى أتمكن من الكتابة عنه فى توقيت ملائم، ولكنى بمجرد أن ينتهى الفيلم وقبل إضاءة الأنوار أسارع بمغادرة موقعى فى السينما إلى منزلى.. هذه عادتى حتى مع الأفلام التى أتجاوب إبداعيا معها لأننى أشعر أن الكتابة الصحفية هى الأبقى، كما أنك من الممكن أن تتحكم فى تدفق الكلمات المكتوبة وتتابعها، بينما الكلمة التى تخرج أمام الكاميرا من المستحيل ضبطها أو مراجعتها أو توضيحها حتى فى حوار ثانٍ، ولهذا أرى أن الناقد عليه أن يتجنب بقدر المستطاع تلك المصيدة.
 
أنا أعلم بالطبع أنه ليست كل المجاملات التى يتورط فيها البعض وراءها مصالح مادية أو حتى أدبية، ولكنها عادة يمارسها عدد من النقاد والصحفيين كنوع من العرف السائد فى حياتنا الاجتماعية انتقلت إلى حياتنا العملية مثل تلك القبلات التى نرى الجميع يتبادلونها بمجرد أن يلتقوا حتى ولو كانوا قد التقوا قبلها بساعات قليلة.. وهكذا نرى الرجال يقبلون الرجال والنساء يقبلن النساء وأحياناً يحدث النوع الثالث من القبلات على سبيل الصداقة والأخوية بين الرجال والنساء، وهو بالطبع أفضل أنواع القبلات!
 
لا بأس من قبلات النوع الثالث، ولكن أرجو من زملائى أن يتجنبوا إرسال القبلات الصحفية الممزوجة بالمجاملات التى يكتبونها على الورق لأنها تحمل فيروسا قاتلا لشرف المهنة. ورمضان على الأبواب سوف نكتشف أن موائد المجاملات تنافس موائد الرحمن!