
طارق الشناوي
طعم الكارى وسحر قوس قزح!!
لم يغفل مهرجان «كان» فى هذه الدورة أن يحتفل بالذكرى المئوية على ميلاد السينما الهندية، وكان ينبغى لنا أيضا ألا ننسى عيدها المئوى، فلقد كانت قبل نحو 30 عاما هى السينما الأقرب لروح المصريين. فى داخل أهل الشرق دائماً خيال أسطورى عن الهند، الفتاة الجميلة، الصوت الساحر، الطبيعة الغنية، المهراجا الهندى، الفتى الرشيق القادر على أن يخطف الفتاة الحسناء على حصان أبيض أو فيل أبيض!!
وداخل الشرقيين أيضاً ميل إلى التطرف فى المشاعر فرح زائد حزن زائد، لديهم إحساس خفى بأن القدر من الممكن فى لحظة أن يبطش بهم لكنه فى لحظة أخرى من الممكن أن يبتسم ويحنو عليهم ويحيل دموعهم إلى ابتسامات.
وإذا أضفنا إلى ذلك الحالة الغنائية الموسيقية التى تمنحها دائماً الأفلام الهندية للجمهور سنجد أمامنا كل عوامل الجذب الجماهيرى متوفرة، إننى أتحدث بالطبع عن الوجه التجارى للسينما الهندية، الذى يراه الجمهور ولا أتحدث عن السينما الفنية التى قدمها «للساتياجيت راى»، «ميرانال سن»، «ميرا ناير»، «كبير خان» وغيرهم التى يتاح لى ولغيرى أن يشاهدها فى المهرجانات أو التكريمات!!
من المهم أن نحلل تلك السينما الهندية التى لها مساحة كبيرة فى العالم ويطلق عليها اسم سينما «بوليود» تنويعة على «هوليوود» ويرمز حرف الباء إلى مدينة «بومباى» المقر الرئيسى للصناعة السينمائية الهندية، وللسينما الهندية مساحتها عند جمهور السينما المصرية، خاصة فى الخمسينيات والستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات، ثم حدث بعد ذلك تراجع لكن الجمهور المصرى كان يستقبل تلك السينما بسحرها ويحدث بينه وبينها قدراً لا ينكر من التماهى والتوحد.
إنها حالة من الاقتراب بينك وبين إنسان كنت تعرفه منذ زمن بعيد ثم عدت ورأيته فتبدأ فى التعرف عليه وأنت تقول بينك وبين نفسك «نعم أعرفه رأيته من قبل، فين، فين لا أتذكر»؟.
الأفلام الهندية بالنسبة لدول العالم الثالث وتحديداً للجمهور المصرى، لها سحر خاص تلعب على ذلك الحلم القديم الغامض الذى يتراقص على ألوان قوس قزح، شىء من الطفولة، طفولة الإنسان تجدها فى هذه الأفلام والتى صارت مضرباً للأمثال بين المصريين، وإن كانت تحمل قدراً من السخرية لأن طبيعة المصرى أنه عندما يحب ويألف يبدأ فى إذابة المسافات بينه وبين من يحبه ويألفه ولهذا يقولون فى التعبير المصرى الشعبى دلالة على المبالغة «أنا كنت فاكره فيلم هندى».. ويستخدمون هذه العبارة فى الدعاية للأفلام «أقوى من سوراج وأروع من سانجام» وعندما أصبحت هذه الأفلام وكأنها جزء من الواقع أصبح الناس يقولون عندما تروى لهم حكاية بها مبالغة أو يسمعون قصة يتشكك البعض فى مصداقيتها «أروع من سوراج وأقوى من سانجام»!!
إن الفيلم الهندى يلعب دور الحلم فى واقع يعيشه الإنسان الذى تصادر أحلامه، ولهذا نجح وكان نصيبه وافراً من الجمهور المصرى حتى إن هناك عدداً من دور العرض حتى الثمانينيات تخصص فقط فى عرض الأفلام الهندية والجرعة اليومية وصلت فى الحفل الواحد إلى ثلاثة أو أربعة أفلام، أكثر من فنان هندى عندما التقيهم يسألوننى متى يعود الفيلم الهندى للشارع فى مصر أقول لهم، ما أشد حاجة الإنسان المصرى الآن إلى فيلم هندى ليعيد له توازنه وأحلامه المفقودة!