الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«عمر» نصيبنا الحقيقى فى جوائز «كان»!!

«عمر» نصيبنا الحقيقى فى جوائز «كان»!!


فاز مخرج عربى بجائزة السعفة الذهبية وهو عبد اللطيف كشيش التونسى الأصل، ولكن الفيلم فرنسى الجنسية أى أننا فى الحقيقة لم نفز كسينما عربية، إلا أن الفيلم الذى يستحق احتفاءنا هو «عمر» الذى أخرجه هانى أبوأسعد وحصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة فى مسابقة  «نظرة ما» وهى المسابقة التالية للرسمية فى «كان».

عندما يكون لدينا فيلم عربى  فى مهرجان ضخم فالحقيقة هى أننا ننحاز لا شعورياً إليه لأنه يمثلنا، الفيلم العربى أياً ما كانت جنسيته هو فى النهاية فيلمنا، وعندما تصبح القضية هى فلسطين نقترب منه أكثر وعندما أقرأ أن مخرج الفيلم هو «هانى أبو أسعد» يصبح الشغف مضاعفاً. شاهدت لهانى لأول مرة  فيلمه «زفاف رنا» فى قسم «أسبوعى المخرجين» فى مهرجان «كان» قبل أكثر من عشر سنوات، وكان الفيلم يعلن مباشرة أن المقاومة هى الحل وهى ليست فقط بإطلاق الرصاص ولا الحجارة ولكن بممارسة طقوس الحياة بكل أبعادها، لأن إسرائيل تريد اغتصاب الحياة.. ولهذا يصبح حفل الزفاف الذى أقيم فى الشارع وفى عز القصف هو إحدى وسائل المقاومة التى يخشاها ويتحسبها الإسرائيليون مثلما يخشون إطلاق الرصاص، فى فيلم أبو أسعد الرائع «الجنة الآن» 2005 كان يشرع للمقاومة بالسلاح ولكنه يرفض إباحة قتل المدنيين، وهو الفيلم الحاصل على جائزة الكُرة الذهبية، ورشح من بين خمسة أفلام لأفضل فيلم أجنبى فى مسابقة الأوسكار قبل سبع سنوات وهى سابقة لم تتكرر كثيراً سوى مرة أو اثنتين على المستوى العربى.
هذه المرة جاء إلى «كان» مع  فيلمه «عمر» حريصاً على المقاومة ويقدم لنا شخصية المناضل بعيداً عن تلك الصورة النمطية التى تحيله إلى كائن مثالى، الأبطال الثلاثة الذين يطلقون النيران على الجندى الإسرائيلى من خلال عملية بدائية جداً شاهدناها أكثر من مرة ولا أظن أن الأمور لم تتطور، الجدار العازل بين الخطين الأخضر والأحمر يلعب دور البطولة، بطل الفيلم ينتقل ما بين الجانبين.. فهو يعمل داخل الخط الأخضر الذى تسيطر عليه إسرائيل بينما حبيبته فى الخط الأحمر الذى تحكمه السلطة الفلسطينية، وهى كما نعلم جميعاً سلطة محدودة ولا يزال لإسرائيل اليد الطولى فى التحكم بكل تفاصيل الحياة، داخل المعتقل نقترب أكثر ونكتشف أن الخيانة هى وجه آخر للنضال بل هى تُشكل نوعاً من التلازم بينهما، حتى الشك بين أغلب الأطراف الكل لديه احتمال بأن الآخر ربما يصبح عينا مزروعة بين المقاومة  لصالح الإسرائيليين، الأبطال الثلاثة رماديون لأنهم بشر حيث تحرر المخرج من تلك الملامح المغرقة فى المثالية التى تحيط عادة التركيبة المرتبطة بشخصية الفدائى، كما أنه حرص أيضا على أن يقدم لنا البيت الفلسطينى بطقوسه وتفاصيله ليمهد من خلال هذا الخط الاجتماعى إلى أن الصراع الدموى حتى بين الأبطال المناضلين ممكن، حيث تتحول القضية الشخصية إلى البؤرة ويصغر أمامها النضال الوطنى وهكذا نرى فى نهاية الأمر أن الصراع يأخذ منحى أشد ضراوة وخطورة حيث ينتهى بقتل أحدهم.
ويبقى أن المخرج سيطرت عليه فى بنائه للفيلم تلك الحالة الدرامية أخذته الحكاية والخطوط الحادة، كان يريد أن يقدم تفاصيل إنسانية ولكنه وقع أسير الحكاية التقليدية، مثل أن الفتاة التى يحبها البطل عمر يدعى صديقه أنه أقام معها علاقة جنسية وصارت حاملاً ثم نكتشف نحن المشاهدين  قبل النهاية أنها مجرد خدعة لإبعاده وإلصاق تُهمة الخيانة به. وتنتهى الأحداث بطلقة ينهى بها عُمر حياة رجل المخابرات العسكرية المسئول عن تلك القضية وهو حل يؤكد أنه لا بديل عن الصراع المسلح، من الملامح التى كان فيها الإيحاء عميقاً هى أن البطل الذى وصفته أجهزة المخابرات الإسرائيلية بـ «سبايدر مان» الرجل العنكبوت والذى كنا نشاهده مع اللقطات الأولى وهو ينتقل برشاقة بين الجانبين الأخضر والأحمر.. فى اللقطات الأخيرة يبدو أمامنا عاجزاً تماماً عن التسلق مجدداً إلى  الجانب الآخر، حيث يعمل خبازاً ونرى رجلا متقدما فى العمر بالزى التقليدى الفلسطينى وهو يأخذ بخاطره ويحنو عليه، إنه الانكسار إلا أن عمق المقاومة لا يزال أيضاً حاضراً من خلال هذا التاريخ الذى أوحت به ملامح الشيخ الفلسطينى.
حرصت على أن أحضر حفل توزيع جوائز قسم «نظرة ما» لكى أشارك فى التهنئة بجائزتنا العربية فى كان 2013؟!