
هناء فتحى
أهل كايرو
هل صرت تسأل نفسك مثلى : أين فرت أحلامك وأغنياتك القديمة؟
وأين ذاك التوق لوجه من أحببت ومن غاب طويلا ؟ ولماذا لم تعد تطربك وتعذبك آهات أم كلثوم مثلما كنت وكنا وكانت؟ وأين راح ذلك الحنين لقاعات السينما وبكاؤك المنهمر كلما شاهدت أفلاماً توجع القلوب مثل (خريف فى نيويورك) لريتشارد جير مع (ودينونا رايدر) ؟ أو (نوفمبر الجميل) لتشارليز ثيرون مع كيانو ريفز؟ مثلا يعنى..
هنا سوف تسحبك الأسئلة السابقة تجاه سؤال وربما تجاه الإجابة التى تدور حول نكسة ثورة يناير، وإذا كانت تلك النكسة قد أصابت قلوبنا وأحلامنا وأيامنا القادمات.. فكلنا صرنا من مصابى الثورة ومصابى نكسة الإخوان.. أو فيروس الإخوان.. سمها ما شئت : فالإجابات كلها صحيحة وجائزة وواجبة. فالذين فقدوا عيونهم وأرواحهم مثل الذين فقدوا صباحاتهم ومساءاتهم وأغنياتهم وألوان أحلامهم الأولى.. إنه الاكتئاب فعلا والذى نطلق عليه علميا ومعمليا مرض (الإخوان المسلمين).. وعليه فنحن نطالب السلطات بعلاجنا كضحايا الكوارث والحروب.
لكنك سوف تتعجب من ذلك النهم والاهتمام بل والحرص على مشاهدة (أهل كايرو) والذى يعاد عرضه من جديد وسوف تكتشف أن ذلك المسلسل الرائع يمنحك ما يمنحك إياه تأثير القصيدة فى كونها كل مرة تقرؤها فيها تضيف إليك معنى واكتشافا جديدا.. فالطبيب زوج (صافى سليم) المقتولة فى المسلسل والذى قام بدوره زكى فطين عبدالوهاب بأداء مبهر.. هو لم يكن يعمل طبيبا فى أمريكا بل مجرد بائع فول وفلافل مثل كثيرين من الذين عادوا يبيعون الوهم والأكاذيب.. ولولا ارتباطه بالبطلة وكذبه عليها ما ماتت مقتولة وما تفتت أسرتها وما انقلب حال أهل المسلسل (أهل كايرو).. وما صاروا مثلنا تعساء.