الأربعاء 23 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
العـندلـيب يتحدى الموت الفسيولوجى

العـندلـيب يتحدى الموت الفسيولوجى


قرأت فى العدد الأخير من مجلة الكواكب على لسان محمد شبانة ابن أخى «عبد الحليم حافظ» أن جسد عمه لم يتحلل وأنه شاهد  وجهه كما هو فى الصور والفضائيات شعره عيناه لون بشرته وكأنه غادر الحياة قبل دقائق وليس قبل 35 عاماً.. وهو تأكيد لما انفرد به الزميل طارق مرسى فى «روزاليوسف» قبل 7 سنوات وأثار وقتها ردود أفعال واسعة ونقله وتناقله عدد من الصحف والمجلات. شبانة روى أنه اضطر للنزول للمقبرة بسبب ما تردد عن أن المياه الجوفية قد اخترقتها وكانت المفاجأة أن الأرض محصنة هندسياً ضد تسرب المياه.. الأخطر أنها محصنة ضد تحلل أجساد الموتى نعم يتحدى المبدع الفناء بمعناه الأدبى ولكنه لايقهر الفناء الفسيولوجى!!

 

هناك من يردد أن أجساد الأنبياء لا تتحلل مثل سائر البشر ولست فقيهاً فى الدين ولكنى أراها مجرد خيالات تداعب البعض لا تستند إلى منطق ولا إلى صحيح الدين ولكنه فرط الحب والتقديس للأنبياء  هو ما يجعلنا  نردد ذلك  رغم أن الآيه صريحة «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ»، أى أنه بشر والرسول كان إنساناً عادياً يأكل ويشرب ويمارس حياته وقد يقول رأياً وليس وحياً وعندما يراجعه أحد الصحابة الرأى ويستحسنه يأخذ به وتلك هى عظمة الدين الإسلامى.

 

هل «عبد الحليم حافظ» من الممكن أن نصدق عنه ما يقوله ابن شقيقه.. الأسطورة تتحدى الزمن بالمعنى الفنى والإبداعى ولكن جسد «عبد الحليم» لا يتحدى بالتأكيد قوانين الطبيعة إنه الحب الذى جعل ابن شقيقه يرى عمه تحت الثرى كما نراه فى الصور التى لا تزال تنشرها الجرائد وفى أغنياته التى تبثها الفضائيات.الأساطير عادة نبحث لهم دائماً عن حالة أسطورية أثناء وبعد الحياة، المتطرفون دينياً الذين يكفرون الفن ملأوا العالم الافتراضى بصور من العالم الآخر قالوا فيها إن «أم كلثوم» و«عبد الوهاب» و«عبد الحليم» وغيرهم من أساطين الفن فى النار ووضعوا بعض الأصوات  والموسيقى التصويرية على سبيل بث الرعب فى قلوب الناس.

 

أتذكر منذ عشرين عاماً أن كل مصر كانت تتحدث عن عودة الفنان «صلاح قابيل» من الموت وأنهم قد فتحوا التربة بعد أيام عندما سمعوا ضجيجاً وصوت استغاثة تحت الأرض واكتشفوا أن «صلاح» حى يرزق!! والذى ساهم فى ترويج الشائعة هو حوار صحفى نشرته مجلة «الإذاعة والتليفزيون» مع «صلاح» وعلى الغلاف صورته بالبيجامة  مما يوحى بأن الحوار أجرى بعد عودته مجددا إلى البيت وكان «صلاح» يروى كيف أنه أصيب بغيبوبة مؤقتة واعتقدوا أنه مات ودفنوه وبعد أيام أفاق وعاد للحياة ولم يقرأ أحد الحديث كاملاً لأن الصحفى فى نهايته أكد أن هذا الحوار لم يحدث وأن «صلاح» مات والموتى لا يعودون وأنه فقط كان يريد مداعبة القراء للتأكيد على أن هذه مجرد خزعبلات.

 

الأمر لو أخضعناه للمنطق كان ينبغى أن ينتهى فى نفس اللحظة التى بدأ فيها ولكننا تعودنا أن نسترسل خاصة أن هناك شاهد إثبات وهو ابن شقيق «عبد الحليم»، الورثة فى أحيان كثيرة يلهثون وراء الأضواء فلو أنه قال إن «عبد الحليم» مثل البشر أجمعين هذا الرأى بالتأكيد لن يثير أحدًا ليبحث عن تفاصيله ولكن لو قال إن جسد عمه قاوم منطق الطبيعة  فسوف يصبح حديث الناس.
 

 
 

من الممكن أيضاً أنه لا شعوريا وتحت تأثير ضغط اللحظة نفسيا  اعتقد أنه يروى ما يعتقد أنه شاهده رأى العيان عندما وجد العم كما نعرفه، إنه رغبة فى عودة لزمن كان «عبد الحليم» يملك فيه كل شىء، «عبد الحليم» مواليد عام 1929 أى أنه  لو عاش بيننا كان سيصبح  فى الرابعة والثمانين من عمره. الأسطورة تحيا فى الوجدان والقنوات الفضائية والتسجيلات الصوتية والمرئية والنت منح الفنانين عمراً يتجاوز بقاءهم على الأرض فهم بيننا مهما باعدت السنوات ولكننا أحياناً من فرط الحب نعتقد أنهم ليسوا بشراً وفى موتهم كما فى حياتهم كانوا استثناء وأساطير تتحدى حتى فناء الأجساد!!