الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
دولــة «قـالـوالـه»

دولــة «قـالـوالـه»


المستشار أحمد مكى وزير العدل واحد من الذين ساروا على طريق الهمس فى «الودان».. واستقاء المعلومات من الكلام فى التليفون.. فى البداية أدلى بتصريحات أكد فيها أن تقرير الطب الشرعى أثبت أن وفاة الشهيد محمد الجندى فى حادث سيارة، وبعد أن كشف التقرير الثانى للطب الشرعى عدم صحة التقرير الأول وأن الجندى تم تعذيبه خرج المستشار الجليل ليبرر موقفه وقال: «اتصل بى وزير الداخلية وقال لى إن التقرير المبدئى لتشريح جثة الجندى أثبت أن الوفاة نتيجة حادث سيارة، وطلب منى أن ينشر هذا الخبر إما فى بيان من النيابة أو من الطب الشرعى.. واستقبحت الاتصال بالنيابة أو الطب الشرعى وأذعت الخبر بنفسى».
 
تصريحات الوزير المتصل بالعدل تكشف أن القاضى السابق «شاهد ما شافش حاجة» وأنه من أجل تبرئة وزير الداخلية لم يهتم بالاتصال بمصلحة الطب الشرعى للتأكد من دقة التقرير.. أى أنه حكم بالسمع والكلام فى «التليفون»، فقط «قالواله» فسارع بالإدلاء بالتصريحات!
 
وزير العدل الذى طالما تيقن وتأكد قبل النطق بأحكامه عندما كان قاضيا ترك هذه القواعد الواضحة بعد خلعه رداء القضاء وتعيينه وزيرا وسار على نهج الرئيس محمد مرسى الذى كثيرا ما اعتمد على سياسة «قالواله».
 
د. مرسى خرج فى بيان شهير عقب أحداث قصر الاتحادية مبررا إصداره الإعلان الدستورى «المعيب» ومدللا على وجود مؤامرة قائلا: «تلاتة أو أربعة مزنوقين فى حارة»، وقال أيضا إنه «تم القبض على بلطجية واعترفوا»، ولكن بعد ساعات أفرجت النيابة عن المتهمين الذين ثبت تعرضهم للتعذيب من قبل ميليشيات الإخوان ومرت الأيام ولم نعرف من هم المتآمرون الأربعة «المزنوقون فى الحارة الضيقة»، ولم تظهر أبعاد هذه المؤامرة.
 
ولأن الواقعة غير حقيقية فإن الرئيس لم يستطع الإجابة عندما سأله عمرو الليثى فى حوار «الواحدة صباحا» الشهير عن هؤلاء الأربعة، وعندما كرر الليثى السؤال مرة أخرى ظل الرئيس يردد كلاما لا معنى له، وقال عبارات لا يفهم منها شىء، من المؤكد أن د. مرسى لم يشاهد الأربعة المزنوقين فى الحارة ولم يقرأ تحقيقات النيابة مع المتهمين المقبوض عليهم أمام قصر الاتحادية، ولكنهم «قالواله» فخرج على الشعب يبشرهم ويطلعهم على المؤامرة التى اتضح فيما بعد أنها ليست موجودة.. ولكن الرئيس لم يقع فى الفخ الذى وقع فيه وزير العدل.. فلم يكن على مستوى صراحة الأخير.. فلم يقل لنا الرئيس من الذين ورطوه وأخبروه بمعلومات غير دقيقة، وبالطبع استنكف د. مرسى أن يعتذر للشعب عن المعلومات الخاطئة.
 
أما الأربعة المزنوقين فلأنهم مجهولون حتى الآن فلا يمكن الاعتذار لهم.
 
طريقة الرئيس يتبعها معظم الوزراء والمسئولين، وكم من تصريحات صدرت لوزراء الداخلية بعد الثورة عن وجود مؤامرة وأنهم يعرفون أبعادها، ولكن هذه المؤامرة لا تظهر للنور أبدا، ولا نعرف أطرافها، ولا حقيقتها.. هم أيضا يسيرون على طريقة «قالواله» مساعدوهم ومعاونوهم أخبروهم.. ولكنهم لم يتيقنوا قبل الإدلاء بتصريحاتهم.
 
المسئولون الذين يعتمدون فى معلوماتهم على ما يسمعونه ولا يتأكدون من دقتها لا يجب أن يظلوا فى أماكنهم، فهؤلاء يخدعون الشعب ويمارسون عليه الكذب، ولو كان لدينا قانون يحاكم على خداع المواطنين ويعاقب من يكذب عليهم، لوقع تحت طائلته عدد غير قليل من المسئولين، بالطبع يمكن أن تدخل بعض الوقائع تحت النص القانونى الذى يعاقب على بث الشائعات، ولكننى أعتقد أنه مهما تعددت البلاغات فى هذا الشأن وآخرها ضد وزير العدل بعد واقعة «وزير الداخلية قال لى»، فإن النائب العام لن يتخذ إجراء شجاعا باستدعاء هؤلاء المسئولين وسؤالهم من أين أتوا بمعلوماتهم وإحالتهم إلى المحاكمة إذا ثبت فى حقهم أنهم أثاروا الشائعات وروجوها ودلسوا بها على الشعب.
 
الشعب الآن لا يثق فى الحكومة، وطريقة «قالواله» المنتشرة الآن بين الوزراء تزيد من فقدان مصداقيتها.. والمواطن يريد أن يعرف ما يجرى بشفافية، ويطالب بأن تجعل شعار الدولة «قولواله الحقيقة».