الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
إياكم والوقيعة بين الجيش والشعب

إياكم والوقيعة بين الجيش والشعب


حديث الإساءة والشائعات تولاه فى أغلبه فصيل واحد، تفرغت بعض قياداته سواء بقصد أو بدون قصد لهذه المهمة، وإن كان المراقب لهذه الأقاويل بحيادية يجزم أنها لا ترتقى لأن نشبهها بأحاديث وتصريحات لها أرضية حقيقية على أرض الواقع، لأن أغلبها أقوال وأحاديث مرسلة، والبعض منها ليس سوى «بالونة» اختبار يتم من خلالها قياس أمر ما، إلا أن الهدف من قياس هذا الأمر أولا وأخيرا لا يتعدى كونه وسيلة لإبعاد الشعب المصرى عن قواته المسلحة التى ازدادت شعبيتها بين أفراده خاصة فى هذه الأيام، وعقب مرحلة الهتافات التى صدرت من البعض ونادت بسقوط حكم العسكر إبان الفترة الانتقالية، التى أدار فيها البلاد المجلس العسكرى والتى لابد أن نعترف بأن إيجابياتها تغلبت على سلبياتها.

 
 
نعود إلى السؤال: لماذا الآن يتم الحديث عن الجيش وإطلاق العديد من الشائعات حوله؟
الإجابة عن هذا السؤال فى منتهى البساطة ولا تحتاج إلى إمعان التفكير فيها، فالملاحظ لدى عامة الشعب الأداء الضعيف، بل المتردى لقوى تيار الإسلام السياسى المسيطر على أغلب مفاصل الدولة، وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة الذى كان من أهم نتائجه العديد من القرارات غير المدروسة التى تهدم ولا تبنى سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى أو الاجتماعى وكذلك الأمنى، وكان آخرها مثلا فرض حظر التجوال على مدن القناة الثلاث، الذى لم ينفذ منذ صدوره، والذى استعان فيه صاحب القرار بالقوات المسلحة باعتبارها الجهة الوحيدة الأمنية التى تلقى قبولا واحتراما لدى الشعب المصرى، خاصة بعد أن قدمت قوى تيار الإسلام السياسى الممثل فى الجماعة وحزبها الشرطة قربانا للشعب للتغطية على الأخطاء الكبيرة التى ارتكبتها السلطة التنفيذية المدعومة بأفكار مستشارين ليسوا على المستوى المطلوب، بالإضافة إلى كبراء وخبراء مكتب الإرشاد المهيمنين على الأداء الرئاسى والحكومى من فوق هضبة المقطم التى حجبت عنهم المشاكل والأزمات الحقيقية التى يعانى منها أغلب المصريين الذين لم يجدوا أمامهم سوى المؤسسة العسكرية التى دائما ما تكون موجودة وعلى أهبة الاستعداد لتقديم كل ما يطلب منها سواء فى وقت السلم أو الحرب والتى التزمت دائما وطوال تاريخها بثوابت الوطن واستقلاله وحماية حدوده ومواطنيه، ولذلك لم يكن غريبا أن يلجأ بعض الأفراد من الشعب المصرى إلى هذه المؤسسة سواء صراحة أو تلميحا وذلك عن طريق تنامى أعداد من يقومون بتوكيل القوات المسلحة ممثلة فى الفريق «السيسى» لتولى إدارة شئون البلاد التى انتشرت مؤخرا، وكانت بدايتها فى مدينة بورسعيد عقب حوادث القتل الأخيرة وعدم خروج أى مسئول حكومى للتحدث عن أزمة بورسعيد وشعبها التى تم فيها الاعتماد على الجانب الأمنى دون طرح أى حل سياسى للمشكلة.
وعلى الرغم من عدم وجود أى أثر قانونى لهذه التوكيلات إلا أن أعدادها تتزايد، كما أن مغزاها واضح ولا يخفى على أحد والذى ينحصر فى رفض أصحاب هذه التوكيلات لأداء السلطة التنفيذية الذى تسبب فى العديد من حوادث العنف والقتل والفشل فى إدارة الأزمات التى تواجه مصر والمصريين.
وزيادة فى سوء الفهم وعدم تقدير الموقف بصورة صحيحة وتدارك الأخطاء التى وقع فيها تيار الإسلام السياسى وتحديدا المنتمى منه لحزب الحرية والعدالة خرج من بينهم من قال تصريحات غير مسئولة ساعدت فى تمسك الشعب بقواته المسلحة وهى الخاصة بمسئولية بعض قيادات المؤسسة العسكرية فى استشهاد 16 مجندا فى رفح وقت الإفطار فى رمضان الماضى لإقالة الرئيس مرسى الذى فطن بدوره لما يفعله هؤلاء القادة فأقالهم، مما أدى إلى تذمر ضباط وأفراد القوات المسلحة التى ترسخت عقيدتها فى احترام قادتها حتى لو كانوا سابقين، عقب تصريحات عضو الحرية والعدالة اعترض مصدر عسكرى مسئول على هذه التصريحات جملة وتفصيلا، ليصدر الرئيس مرسى بعدها بيانا يشكر فيه القوات المسلحة وقادتها مشيدا بدورها وقت السلم أو الحرب.
فيما بعد نفى صاحب تلك التصريحات ما قاله، وخرج بعض مسئولى حزب الحرية والعدالة ليصرحوا فى الإعلام بأن صاحب هذه التصريحات سيتم التحقيق معه، وستتم معاقبته فى حالة التأكد مما صرح به، «بالطبع لم ولن نعرف نتائج هذا التحقيق»، والمؤكد أنه لن يتخذ معه أى إجراء لأن الغرض الأساسى من تصريحاته كان التغطية على الفاعل الحقيقى لهذه الجريمة، التى مازلنا ننتظر من مؤسسة الرئاسة الكشف عنه حتى نعرف حقيقة من نتعامل معهم ونقدم لهم أغلى ما نملك وهم شبابنا وجنودنا.
ومؤخرا يحاول البعض أن يزج بالقوات المسلحة فى مواجهة ضد الشعب مثلما فعلوا مع الشرطة التى فقدت بعضا من مصداقيتها لدى رجل الشارع، وهذا ما فطنت له القيادات السابقة والحالية للجيش ورفضت هذه المواجهة، بعد أن عادت إلى ثكناتها وأوفت بالتزاماتها وسلمت إدارة البلاد للمدنيين، و«إن كانت تراقب وتشاهد الموقف طبقا لمسئولياتها التى حددها القانون»، وحذرت أكثر من مرة بضرورة الوفاق بين القوى السياسية حينما اشتد الصراع والخلاف فيما بينها، بل إنها دعت إلى عقد جلسات ودية تحت رعايتها لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين، إلا أن البعض رفض هذه الدعوات بحجة أنه يسحب البساط من تحت أقدامهم.
إن إطلاق الشائعات والإساءة للقوات المسلحة لن يفيد من يقومون بذلك لأنه فى نهاية الأمر يسحب من رصيدهم لدى الشعب الذين خسروا جزءا منه بالفعل، لأنهم لا يرون سوى أنفسهم رغم أن مصر تتسع للجميع.