
طارق الشناوي
الدنيا حظوظ وأشياء أخرى!!
صباح أمس استمعت عبر محطة الأغانى فى الإذاعة المصرية إلى صوت المطرب «إسماعيل شبانة» تذكرته الإذاعة المصرية فقط فى ذكرى رحيله «28» ووجدت نفسى أقف حائراً أمام هذه الدنيا التى يلعب فيها الحظ الدور الأوفر!!
«إسماعيل شبانة» هو الشقيق الأكبر لعبدالحليم حافظ هو الذى أنقذه من الموت وحمله على يده وهو رضيع ابن أيام قبل أن يقتله أهل قريته «الحلوات» بمحافظة الشرقية بعد أن اعتبروه شؤماً ماتت أمه وهى تنجبه ومات والده بعد ذلك.. «إسماعيل» كان هو المعلم الأول لشقيقه «عبدالحليم شبانة» قبل أن يضحى بلقب «شبانة» ويصبح «حافظ» تيمناً باسم المذيع الذى اكتشفه «حافظ عبدالوهاب».. «إسماعيل» أيضاً هو الذى أخذ بيد «عبدالحليم» أقام عنده فى القاهرة بعد أن ترك الملجأ الذى عاش فيه قرابة 10 سنوات.. صوت «إسماعيل شبانة» من ناحية البناء الفنى يعتبر مقياساً للاكتمال حتى أن بعض كبار الموسيقيين أمثال «سيد مكاوى» و«عبدالعظيم عبدالحق» و«عبدالعظيم محمد» بل والموسيقار الكبير «رياض السنباطى» كانوا يرون فيه الصوت الأحق بالنجاح ويفضلونه كبناء صوتى على صوت شقيقه «عبدالحليم» لكن الناس اختارت «عبدالحليم».. عاش «إسماعيل» مأساة داخلية وهو يرى شقيقه يصعد ويصبح معبوداً للجماهيرى بينما هو لا يعرفه أحد من خارج الوسط الفنى إلا باعتباره شقيق «عبدالحليم حافظ».. الذين عايشوا تلك السنوات أمثال الموسيقار «صلاح عرام» عازف الكمان وقائد الفرقة الذهبية قال لى إن «إسماعيل» بالفعل كانت لديه مرارة ليست موجهة ضد شقيقه ولكن بسبب الزمن الذى لم يمنحه النجاح الذى يتوافق مع موهبته.. هل هى حظوظ أم أن هناك أشياء أخرى، لا شك أنها تلك الأشياء الأخرى التى لا يعلم سرها إلا الله لماذا حقق «عبدالحليم حافظ» كل هذا الحب؟ إنها الكاريزما التى يدعمها الذكاء العاطفى حيث يتعاطف الجمهور مع فنان بدون أسباب موضوعية.. قال لى الموسيقار «كمال الطويل» إن «عبدالحليم» كانت كل النساء من مختلف الأعمار يحبونه المراهقات والسيدات حتى النساء الكبار كانوا يعتبرونه ابناً لهم.. وبرغم كل ذلك فإن «إسماعيل شبانة» ظل مخلصاً لشقيقه الصغير يحاول أن يحميه فلقد كان «كمال الطويل» حباً فى «عبد الحليم» لا يقدم ألحاناً إلا فقط لعبدالحليم وكل منافسيه يرفض أن يلحن لهم مهما ألحوا عليه ولهذا مثلاً فهو لم يلحن لكل من «محرم فؤاد» و«ماهر العطار» و«عبداللطيف التلبانى» حتى «محمد رشدى» فلم يلحن له إلا بعد رحيل «عبدالحليم» بأكثر من خمسة أعوام.. صوت واحد فقط تعامل معه إنه «محمد مرعى» مطرب لبنانى وعلى الفور كان «عبدالحليم» يعتب على صديقه «كمال الطويل» لأنه منح «مرعى» أغنية «لا يا حلو لأ.. لأ ما لكش حق» واكتشف «الطويل» أن الذى أبلغ «عبدالحليم» بذلك هو «إسماعيل شبانة» حيث كان يعمل موظفاً بمعهد الموسيقى عندما كانت تجرى بروفات الأغنية وكان حريصاً على أن ينقل لشقيقه ما يجرى داخل المعهد!!
فى مسلسل «العندليب» الذى عرض قبل نحو سبع سنوات، قدم «كمال أبو رية» دور «إسماعيل شبانة» بإحساس عال ولكن درامياً أرى أن «إسماعيل» يستحق أن توثق حياته بمفرده فى فيلم أو مسلسل بكل جوانبها حيث تختلط مشاعر الفرح بنجاح الشقيق الصغير بالغيرة من نجاحه.
يظل السؤال الأهم الذى لن يستطيع أحد الإجابة عليه ما هو السر الغامض للنجاح والحضور الطاغى بينما نجد أن هناك من لايعرف فى حياته وحتى بعد رحيله سوى الخفوت والانزواء والانصراف!!∎