الإثنين 21 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
قبل تطبيقها.. مشروعات قوانين أثارت الجدل!!

قبل تطبيقها.. مشروعات قوانين أثارت الجدل!!


شهدت الدورات البرلمانية لبرلماننا الموقَّر إقرار العديد من مشاريع القوانين والطلبات، بعضها تم إقراره لمساهمته الفعالة فى خطة التنمية التى تنشدها مصر، وبعضها الآخر لم ينظر فى شأنها بعد، لأنها وبمجرد الإعلان عنها وعن محتواها أثارت حالة من الجدل فى المجتمع، نظرًا لما تحتويه من مواد خلافية تتعارض تمامًا مع طباع وخصال الشعب المصرى.
ولكن هناك مقترحات أو طلبات لم ترق إلى مشاريع قوانين، طرحت منذ خطا البرلمان خطواته الأولى من قبل بعض النواب، أثارت العديد من علامات الاستفهام والاستغراب، مثل طلب أحد النواب من نائبات البرلمان ضرورة الاحتشام فى ملابسهن، وعدم ارتداء (الجاكت والبوت) داخل قاعة المجلس، ثم عاد وصرح فى هذا الشأن أنه يفضل الالتزام بارتدائهن زيًا موحدًا، ما أدى إلى ثورة نائبات مصر على مقترح زميلهن، الذى سرعان ما اعتذر عما قاله، النائب نفسه طالب فى وقت آخر بضرورة الكشف على عذرية بناتنا عند التحاقهن بالجامعة، لأثبات أنهن آنسات، وغير الآنسة يبلغ ولى أمرها فورًا، فى محاولة من سيادته للقضاء على ظاهرة الزواج العرفى التى انتشرت بين شباب وشابات مصر، حتى جاء مقترحه الخاص بموافقته على ختان الإناث لأن رجال مصر يعانون من الضعف الجنسى، فى الوقت الذى تتمتع فيه المرأة المصرية برغبات جنسية كبيرة، ليتأكد القاصى والدانى أن سيادة العضو دخل البرلمان باحثًا عن الشهرة ولا شيء سواها.
وبعد فترة هدوء وسكينة برلمانية فوجئنا بمن يُضمِّن مشروع قانون (خدش الحياء العام) الذى يتناول تعديل العقوبات المتعلقة بقضايا النشر، كلامًا مرسلًا قائلًا فيه: أنه لو كان الأديب الراحل (نجيب محفوظ) حيًا لطالب بسجنه بسبب رواياته التى تتضمن إيحاءات جنسية وتخدش الحياء العام وتهدر الفضيلة والآداب، وللمزايدة أكثر طالب بمحاكمة من أخرج الأعمال المأخوذة من هذه الروايات وكذلك من جسدها.
وعقب ذلك ظهرت العديد من المقترحات وكلام عن مشاريع قوانين مثل منع تسمية الأطفال بأسماء أجنبية أو شاذة بهدف الحفاظ على الهوية العربية، وإخصاء المتحرشين جنسيًا لمواجهة ظاهرة التحرش فى الشارع المصرى، وإنشاء دورات عمومية فى الشوارع مقابل 50 قرشًا للمساعدة فى حل أزمة مصر الاقتصادية، وارتداء زى موحد فى الجامعات المصرية للقضاء على ظاهرة البنطلون (المقطع).. جميعها مقترحات قوانين أو طلبات بالتأكيد هدفها نبيل، ولكنها فى الوقت نفسه تعطى جموع الناخبين فكرة عمن أوكلوهم لكى ينوبوا عنهم فى تمثيلهم داخل البرلمان، فبمثل هذه النوعية من المقترحات أو الطلبات لن نساهم فى بناء وتنمية بلدنا.
بالطبع هناك مقترحات بمشاريع قوانين لا يمكن أن نصفها بنفس الوصف الذى تحدثنا عنه فى السطور السابقة، ولكنها فى الوقت  نفسه غير منطقية ومخالفة لكافة الأعراف المصرية، مثل قانون إباحة الخلع للزوجة التى يعانى زوجها من الضعف الجنسى، ما يضع المرأة المصرية فى خانة الباحثات عن المتعة الجنسية فقط ولا شيء سواها، بحجة تقليل ظاهرة الطلاق فى المجتمع المصرى، رغم ما فى هذا المقترح من إهدار صريح لمكانة المرأة وحقوقها التى كفلها لها الشرع والقانون، وكذلك مشروع قانون الذوق العام الذى يجرم كل ما من شأنه المساس بالذوق العام والتقليل من احترام الثقافة والتقاليد المصرية أو الإساءة إليها والذى سيتم تطبيقه حال إقراره على جل من يرتاد الأماكن العامة من الشعب، بحيث لا يجوز الظهور فى مكان عام بأزياء أو ملابس غير محتشمة، أو ارتداء ملابس تحمل صورًا أو أشكالًا أو علامات أو عبارات تسيء إلى الذوق العام.
خطورة مشروع القانون المقترح تكمنُ فى أنّه يكشف عن مكامن الفكر وبواطن المنطق وجذور الأزمة المصريّة، التى تتداخل فيها وتتشابك معها عوامل اجتماعيّة واقتصاديّة ودينيّة وثقافيّة تشابكًا مفزعًا، عبر مراقبة من يرتدى ماذا ولماذا ومكتوب عليه ماذا؟ يحدث هذا فى الوقت الذى يبحث فيه المجتمع المصرى، وعن طريق البرلمان تحديدًا لخروج آمن من معضلة خطاب دينى شديد التطرف سيطر على مجتمعنا بصورة أو بأخرى، إذ تخرج علينا نائبة بمشروع قانون مطاط فى مواده وجمله وكلماته تدعونا للحشمة وتمنع الكلمات المطبوعة على الملابس دون أن تحدد لنا مواصفات هذه الحشمة أو حتى تحدد لنا سر ارتباط قانونها بالذوق العام، ومن هى الجهات التنفيذية التى سيقع على عاتقها تنفيذ هذا القانون، بالمناسبة لم يقف فى ظهر مقترح هذا القانون ويدعمه سوى جماعات التيار السلفى، وهو التيار نفسه الذى سبق وأن وقف ضد نفس النائبة مهاجمًا إياها بشدة عندما اقترحت مشروع قانون حظر النقاب الذى تراجعت عنه بعد ذلك.
هذا بعض من جل لمشاريع قوانين ومقترحات وطلبات من بعض نواب برلماننا وإن كانت تفتقر نوعًا ما للخبرة السياسية، إلا أنها من المؤكد ستتلاشى وتنتهى مع مرور الوقت، لنشهد قوانين وأسئلة وطلبات إحاطة واستجوابات مكتملة الأركان.