
هناء فتحى
الحب والحرية.. والمرأة ذات الإصبع
حدثان كانا شديدىّ الوقع والأهمية حدثا الأسبوع الماضى - فيما يخص الحريات والحب تحديدًا - وكشفا للدنيا كم تبدو بلاد أوروبا وأمريكا مثلهما كمثل كل بلاد العالم الأول والثانى والثالث: شعوبهم هشة وعنصرية وجاهلة مثلنا.
كان الحدث الأول هو فوز Juli Briskman.. والمرأة من فيرجينيا والشهيرة بأنها (عملت حركة قلة أدب لترامب أثناء مرور موكبه عام 2017 بينما كانت تقود دراجتها وتسير أمام موكبه مشيرة له بأحد أصابعها) هذه المرأة فازت بانتخابات محلية الأربعاء الماضى.. رغم أنها فقدت وظيفتها لمدة ٦ أشهر عقب الحركة إياها.. إلا أنها هى وكثيرون قد دشنوا معا فوز الحزب الديمقراطى بالولاية.
هذا المجتمع المِرْبك الذى قاد المرأة ذات الإصبع فى وجه الرئيس لعضوية المجلس نكايةً فى ترامب - فهى ليست سياسية قديمة وملهاش فى اللعبة أصلًا - هو ذات المجتمع الذى فعل ذات «الفعلة» الشعبية العالمية البذيئة فى وجه الحب.. معنى الحب والحرية.. دون أن ينتبه أنه مجتمع ذو وجهين ويكيل بمكياليّن ونصاب أوى.
تواترت بشدة صور وخبر واحد وعدة تحليلات عن الممثل المعروف «كيانو ريفز» حول استعادته وإحيائه لعلاقة حب قديمة جدًا بعد مروره بعلاقات زواج وحب متعددة على مدار عشرات السنوات.. عاد لأول حب وقد تخطى الممثل ذو الـ55 عامًا أحزانًا عدة ليعلن ارتباطه بالفنانة «أليكزاندرا جرانت» ذات الـ 47 عامًا - تبدو أكبر من هذا العمر كثيرًا جدًا-.. هنا نشب المجتمع الأوروبى والأمريكى أظافره فى لحم الحبيبين يتساءلون كيف يعشق كيانو امرأة عجوزًا.. ثم تبادلوا السخرية على كل منصات التواصل الاجتماعى.
خرج كيانو ليحكى من جديد كيف هو بائس للغاية منذ أن فقد والدته صغيرًا ثم فقد ابنه الرضيع وأمه.. فكان أن هجر البيت وعاش فى حجرة صغيرة بفندق ليشعر بالونس.. أما والده فقد أُودع السجن منذ العام 1994 لحيازته كمية من الهيرويين والكوكايين ثم أُطلِقَ سراحه بعدها.. علاقته بوالده يملؤها الأسى والحزن وبينهما قطيعة منذ عشرين عامًا.. وأخته قد توفيّت عام 1991 بسرطان اللوكيميا وعمرها كان لايزال 25 عاما.. وكانت له عشيقات جميلات تركنه ورحلن عنه كـ«ساندرا بولوك» و«جينفر سيم» التى ماتت فى حادثة سيارة مع ابنتهما.. وكأنه قد أبرم عقدًا مع الأحزان والفقد.
هل كان كيانو ريفز مضطرًا للخروج على الناس ليخبرهم كم هو وحيد حتى يوقفوا سخريتهم فيما يخص عمر حبيبته وهيئتها؟
كيانو ريفز الذى لم يكمل سوى تعليمه الثانوى هو ممثل حصل على أفلام شهيرة بعضها جماهيرى مثل «ماتريكس» وبعضها مكتمل الأركان الفنية كـ«سويت نوفمبر» مثلًا.
الأسبوع الماضى أيضًا خرجت المغنية الشهيرة ليدى جاجا عن صمتها ولياقتها لتطلب من جماهير السوشيال ميديا أن يتوقفوا عن التساؤل حول نوع علاقتها بـ«برادلى كوبر» هل هو حب عذرى أم مواعدة؟
هنا يجب علينا أن نعيد النظر.. بصرًا وبصيرة معًا..حول ما ندعيه من قيم وما نمارسه من سوء سلوك، وأن نعيد تقييم مصطلحات مهمة تتعلق بمعنى الحب والحرية.. جميعنا كاذبون فيما نكتبه ونتفوه به ونصدره للآخرين.. جميعنا كاذبون ومازلنا لم نخرج بعد من طور الهمجية الأولى ولا الأخيرة.. مازلنا فى طور الكذب الأنيق حتى ونحن نرتدى ثيابًا فاخرة ونسكن بيوتًا فاخرة ونسافر إلى بلادٍ فاخرة.. لا نمارس الحب ولا الحرية سوى فى الأشعار والروايات والأفلام.. نكذب كثيرًا حتى نحصل على حكايا خادعة ونعرف أننا نخدع.. ونشبه كثيرًا المرأة ذات الإصبع التى فازت فى الانتخابات المحلية الأمريكية عن ولاية كاليفورنيا لأنها أعلنت رئيسًا لا يريده شعبه.. الرئيس الذى يصف منتقديه وأعداءه بأنهم كلاب.. وهو شخصيًا يحترم كلابه -مثل كل شعوب أوروبا وأمريكا- وأقرّ ووافق على سن قانون فيدرالى يوم الخميس الماضى بتجريم ومعاقبة أى أمريكى يؤذى كلبًا.. يقينًا ليس اسمه أبو بكر البغدادى.