الجمعة 20 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
روزاليوسف الكلمة أقوى من السلاح

روزاليوسف الكلمة أقوى من السلاح


فى يوم الإثنين 26 أكتوبر 1925، صدر العدد الأول من مجلة روزاليوسف، أى أننا اليوم، 26 أكتوبر 2019، نحتفل بمرور 94 عاما على ميلاد تلك المطبوعة التي حملت تاريخ مصر السياسى بلغة وطنية خالصة، بأقلام متمردة، جسورة، مبدعة، واعية، مستنيرة.
 روزاليوسف، المطبوعة الورقية الشعبية، التى كانت، وما زالت، حلم أجيال من النساء والرجال، يحملون شعلة التغيير، من خلال صحافة نزيهة تحتوى كل الاتجاهات، والأطياف، والأعمار، والتخصصات المبدعة، من تحقيقات صحفية، ومقالات دسمة، وكاريكاتير، وثقافة، وشِعر، وحوارات، وأخبار، وتقارير.
 لا أتذكر منْ الذى قال: «منْ لم يكتب على صفحات روزاليوسف، أو منْ لم يتدرب فى فترة من حياته، بين طرقاتها، فقد جواز سفره إلى الصحافة الحقيقية».
 94 عاما تمر، اليوم، على ميلاد روزاليوسف المطبوعة، على يد روزاليوسف، أو فاطمة اليوسف (1897 ـ 1958) الفنانة، الجريئة، صاحبة الأمجاد على خشبة المسرح، صاحبة
الرأى الحر، والطموح الذى لا يهدأ أبدا.
 ولأنه من الصعب جدا أن تنفصل «الابنة» عن «الأم»، لا نستطيع أن نفصل بين روزاليوسف «المطبوعة»، وروز اليوسف «الإنسانة». فقد أورثتها خلاصة أفكارها، وعصارة تجاربها، وجينات أحلامها فى الحرية والفن ومكانة النساء.
 النساء فى عصر روزاليوسف، وفى كل عصر، بصفة خاصة إذا كانت بدايتهن الفن، والمسرح، والتمثيل، يفكرن عند الاعتزال، فى استثمارات سريعة الربح، سهلة الترخيص، مشاريع لا تجلب المشاكل، لا تثير حفيظة أحد، مثل فتح بوتيكات  للتجميل، وتصفيف الشَعر، أو تصميم الأزياء للطبقات الثرية، ومسايرة الموضة فى لندن، أو باريس، أو ميلانو، أو تفتح محلات للأكل والشرب.. مشاريع مضمونة الحاضر، مأمونة السُمعة والمستقبل.
 لكن روزاليوسف، كانت من فصيلة نادرة، تركت شهرة ومجد المسرح، وأرادت أن تشارك فى تحرر ونهضة الوطن، بالدخول مباشرة فى «عش الدبابير»، والاشتباك السافر مع سلطات الاحتلال والملك وهيمنة القصر وفساد التحالفات السياسية والأحزاب.. بالقلم والكلمة والصحافة. ولم يهمها أرصدة البنوك، أو حصولها على لقب سيدة الأعمال، أو حرم فلان الغنى المشهور.
 لم تكن تملك إلا خمسة جنيهات مصرية، أصدرت بها الابنة البكرية، فى 26 أكتوبر 1925، الحاملة اسم الأم، والتى كانت بمثابة بؤرة النضال الوطنى، وصوت الشعب المشتاق إلى التحرر والاستقلال. واعتلت القمة، حتى إنها هددت الأهرام، الصرح العملاق، وغيرها من المطبوعات، التى تحالفت وأصدرت أوامرها إلى باعة الصحف ألا يوزعوها. وكانت النتيجة تراكم الديون على روزاليوسف الأم، إلى درجة الإفلاس،
مما جعل السلطات تحجز عليها، ولم تستثنِ الحجر على أخص ما تملك.. ملابسها.
ربما خسرت روزاليوسف الفلوس، لكنها كسبت حب وتقدير وإعجاب الناس.
واستطاعت، بشكل ما، أن تصمد، وتتعافى، بفضل وقوف أصحاب الشهامة الوطنية، ومنْ آمنوا بها، وبرسالتها. وفى سنة 1956 قبل رحيلها بعامين، أصدرت الابنة الثانية، مطبوعة صباح الخير، التى أسست معانى جديدة راقية، لحرية الشباب، نساءً، ورجالا، وتفتح عقولهم، وقلوبهم.
 قالوا عنها «سارة برنار الشرق».. وقالوا عنها «قطعة من الذهب يكتنفها الغموض».. وقالوا عنها «بريمادونا المسرح».. وقال الرجال عنها «امرأة تساوى ملايين الرجال».. وقالوا عنها «الصلابة فى شكل امرأة».. وقالوا عنها «الأم التى أنجبت إحسان عبدالقدوس».. وقال الابن عنها «أمى التى صنعتنى».. وقالوا عنها: «يا لها من امرأة».لكننى أقول عنها إنها فقط روزاليوسف، امرأة نادرة أدركت أن الكلمة المكتوبة أقوى من الأسلحة، وأحبت أن تكون لها طلقات الرصاص، الخاصة بها، والحاملة اسمها.
ما أجمل أن أكتب لمطبوعة تحمل اسم امرأة حرة مبدعة شجاعة، خارج الأنماط الذكورية لصورة النساء.
 
من واحة أشعارى :
 ماذا أفعل هنا
 فوق الأرض
 وكل منْ أحبهم
 تحت التراب؟
 كلما أحببت أحدا
 فجأة أو بعد تلميحات
 يروح عنى ويختفى
 ولا يبقى لى شىء
 إلا المرارة والألم
 كل منْ أحببت
 اسمه مدون
 فى دفتر الانصراف
 لكنه بالدم منحوت
 فى دفتر الحضور
 أحمل حسرتى وارتعاشات قلبى
 وأذهب إلى زيارة القبور
 أسكب آهاتى فى صمت
 وأضع باقة من الزهور
 أصل إلى البيت منهكة
 أعد الشاى ورائحة البخور
وأشرد طويلا فى حالى
ألتحف بالسؤال المحرم المحظور
لماذا يُمنع كل أحبائى
ويُسمح لى أنا بالمرور؟