الجمعة 20 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
المعهد القومى للأورام يهزم ورم الإرهاب

المعهد القومى للأورام يهزم ورم الإرهاب


كنت مريضة فى الفراش، شىء ما فى جسدى، يستيقظ معى كل صباح، ليعكنن على أوقاتى طموحها، ورغبتها  فى تجديد كل الأشياء، حتى مذاق القهوة فورية الذوبان.
ولهذا فات يوم الثلاثاء دون أن أرسل مقالى إلى روزاليوسف كما هو معتاد.
وكنت متوترة. فأنا منذ بدأت رحلة الكتابة، لا أتأخر أبدا فى إرسال مقالاتى، حتى فى حالة المرض. لكن الجسد غادر بطبعه. وكأنه يقول لى: « ماذا سيحدث فى العالم، لو لم ترسلى المقال الأسبوعى؟. ليست نهاية العالم وليست نهايتك وليست نهاية الكتابة وليست نهاية الصحافة وليست نهاية الإرهاب».
امتدت يدى إلى صحف الصباح، فرأيت صور إعادة ترميم المعهد القومى للأورام، وإصرار العمال على إنجاز الترميم السريع. قرأت عن قرار المعهد بأن يستمر فى استقبال المرضى من كل المدن والأقاليم، وإعطاء العلاجات لأصحابها، وألا يغلق أبوابه لكل مريضة ومريض، يحتاج الجراحة، أو العلاج الكيميائى، أو الكشف فى عياداته الخارجية.
فجأة، تغير الحال، ولم أعد أشعر بالألم فى جسدى. أو ربما مازال موجودا، لكنه أصبح محتملا، أو متواريا تحت الجلد، منزويا بنواياه الخبيثة فى ركن معتم، مهجور.
قمت من الفراش، أعددت قهوة، وحرصت على إشعال البخور، وبدأت أكتب هذا المقال.
إن قرار المعهد القومى للأورام باستمرار العمل، وإصرار العمال على  البناء والإصلاح والترميم فى وقت قياسى، بعد التفجير الإرهابى، نقل العدوى النشطة المتحمسة إلى روحى، وجسدى. أحسست بطاقات إيجابية تملأنى، وقوة غير عادية، للتحدى، والانتصار على الهزائم، ومواصلة الحياة، ولو كانت من بين الأنقاض.
 قال فريق العمل الذى يتولى الترميم، إن الانفجار لم يصب إلا الواجهات الخارجية، وأن الأساسات بقيت سليمة. وهذا بالضبط، ما فعله هذا الحادث الإرهابى، وكل الحوادث السابقة... أن « الواجهات الخارجية للشعب المصرى، هى التى تتأثر، أما «الأساسات» التى تصنع «الخلطة» الفريدة، لهذا الشعب الفريد  فى جيناته المتحدية، تخرج «سليمة». الانفجارات مهما كانت شدتها،  ومهما كانت أعداد المصابين، والضحايا، فهى لا تؤثر إلا على «القشور» الخارجية. لكن البنية التحتية، للوطن، تصمد، وتقف، وتتحدى، وتنتصر.
 هزة الانفجار كانت هائلة. لكن الأسمنت المسلح المستخدم فى البناء القديم، لم يسمح لها بأن تدمر معهد الأورام، الذى يعتبر إحدى النقاط المضيئة، فى مصر. وهل هذا الأسمنت المسلح، شىء آخر، إلا التكوين الأصيل للشعب المصرى؟. شعب لن يسمح بانفجارات هزيلة، مؤقتة، أن تبيده من الوجود،  أو تنال من تماسكه، وإرادته، ووعيه، بأن حضارته هى اwلحضارة الوحيدة،  التى تٌدرس فى أرفع الجامعات، والأكاديميات، والمراكز العالمية. الحضارة الوحيدة التى باسمها، سُميت الكتب، والدراسات، والبحوث، والتخصصات، من كل أنحاء العالم.
هل من المعقول، ومن المنطقى، أن «تهتز» هذه الحضارة، وأن «يهتز»  أصحابها، بسبب انفجار هنا، وانفجار هناك؟.
عصابات الإرهاب الممتدة مثل الخلايا السرطانية، فى جسد الوطن، لا تزيده فى الواقع، إلا المزيد من «المناعة». حقيقة بسيطة، لا يعرفها المفجرون، والقتلة، الذين يسفكون الدماء، ويسرقون أرواح الناس. أو هم يعرفونها، ولا يريدون الاعتراف بها.
فى كل أنحاء العالم، تدور ماكينات الإرهاب، بتحالفات   محلية، وعالمية، وأجندات سياسية، ودينية، وثقافية، وتعليمية، وثقافية. الملايين، والمليارات من الدولارات، تُخصص يوميا، لوضع الخطط الدموية.. منْ يقوم بها، وأين، ومتى.
«الدم»... كم يحبونه، ويعشقونه إلى درجة الهوس، إلى حد فقدان الوعى. «الدم»، الذى يزيد من أرباح تجار الأسلحة، وتجار الأديان، وتجار الأوطان، وتجار النساء، وتجار الأطفال. «الدم»، الذى يجعل كوكب الأرض، «مداسًا» سهلا، بدون اعتراض، و«سلعة» رخيصة، بلا ثمن، و«أرضا» محتلة بدون مقاومة، و«فسادا» علنيا بدو تذمر، و«استعبادا» جماعيا بلا مناقشة، لصالح الأكثر بطشا، وجشعا، ومرضا، وبلطجية، وعصبجية،  عنصرية، وذكورية.