
هناء فتحى
القانون ما فيهوش «وردة»
الفضيحة المدوية التى لوثت سمعة دولة الاحتلال الإسرائيلى - الديمقراطية الوحيدة فى المنطقة - إثر مقتل مواطن إثيوبى أسود على يد شرطى احتلالى أبيض اللون..واندلعت على إثرها مظاهرات عارمة على مدى أيام متتالية لم تتوقف للآن تتهم حكومة دولة الاحتلال بالعنصرية.. وهى ذات التهمة التى لوثت سمعة أمريكا بلاد الأحلام إثر مقتل شاب أسود من ولاية ميزورى عام 2014 على يد شرطى أبيض وتم تبرئة القاتل كما سيحدث مع الشرطى الأبيض فى فلسطين المُحْتَلّة.. حادثة فتحت شبابيك وأبواب أميركا المغلقة على أكاذيب مدينتها الفاضلة ليتجرع العالم أرقامًا مروعة يوميًَا عن مقتل المواطنين السود العُزّل برصاص البوليس الأبيض.. وللآن الدم النازف لا يتوقف.. وهنا تستطيع أن تتحدث بملء فمك عن العلاقة المشوهة بين الشعوب وبوليسها فى منطقتنا كلها.
أما الحوادث الأخلاقية شديدة الوطأة التى تطالعك بها الصحف الغربية هى ذاتها حوادثنا: نفس حكايا القتل والسرقة والاغتصاب وزنى المحارم وخطايا رجال الدين.. هى هى.. ثمة فارق وحيد هو السرية.. يمارس الغرب كل الأكاذيب بشياكة وبسرية.. نحن نمتلك بجاحة لا مثيل لها فى ممارسة الخطايا والأخطاء وإذا كان عاجبك.
هل كنت تصدق أن رجلاً بريطانيًا يرفع قضية ضد زوجته يطالبها فيها برد كل جنيه صرفه على ابنه منذ سبع سنوات بعد أن اكتشف أن ابنه ليس ابنه وبالصدفة حين اكتشف أنه لا يُنجب.. هذا ما نشرته صحف الخميس قبل الماضى فى بريطانيا.. ويطالب الزوج المخدوع زوجته بالإفصاح عن والد الطفل.
قبلها كانت امرأة أمريكية قد قتلت ابنتيها التوأم الطفلتين ثم وضعتهما فى سيارتها وعملت بها حادثة - وادعت أن قاتلاً قتلهما وفر.. لكن الجدة أم القاتلة اعترفت للبوليس أن ابنتها هى التى قتلت طفلتيها واعترفت لها بعد القتل.
الطالبة المصرية التى تسكن فى حى أكتوبر وألقت بنفسها من بلكونة منزلها لأن والدها يغتصبها مرارًا هى رواية مكررة قُتِلَت تكرارًا فى أربعة أرجاء الكون حتى باتت هى الخبر الأول فى صفحات حوادث أوروبا وأمريكا.. ربما يكمن الفارق أن زنى المحارم واغتصاب المحارم مسكوت عنه فى مجتمعاتنا - الأرقام فى مراكز البحوث مذهلة ومرعبة - بينما فى دول الغرب ستجد أن هذه العلاقات بالتراضى وبالحب وبعلم ورضا أعضاء الأسرة .
حكاية تحرش اللاعب المصرى عمرو وردة بعارضة أزياء من دون عقاب ولا حساب قانونى أو حتى مجتمعى وعفا الله عما سلف.. ستجد حكايات وروايات عن التحرش فى أوروبا وأمريكا مثل تلك التى اشتعلت منذ أكثر من عام فى هوليوود ووصلت حتى ترامب صاحب أكبر نصيب من قضايا وحكايا التحرش كانت آخرها حين قاضته «جين كارول» وهى كاتبة صحفية حكت أنه اغتصبها منذ ثلاثين عاما فى غرفة تبديل الملابس بأحد الفنادق!! والأمر الآن بيد القضاء.. وليس بيد ترامب الذى سخر من الضحية قائلا إنها «مُش ذوقه».
العرب الذين يفرون من بلادهم بمزاجهم هربًا من سلطة الدين وسطوة قوانين شريعته - لا أقصد المهاجرين فرارًا من قمع الأنظمة إلى بلاد أوروبا الحرة- قد وقعوا فى سلطة وقبضة القانون النافذ على أكبر كبير حين ظنوا أنهم شهريار الجبار حيث الحور والبغايا واللحم الأبيض الرخيص.. فإذ بهم «يشّرِفون» فى السجون ويدفعون التعويضات ويتم ترحيلهم.. لأن ثمة حريات حقيقية تجعل للبغىّ حقٌ فى رفض شهريار العرب.. وثمة قانون للحرائر والإماء على حد سواء.. نعم فى أوروبا وأمريكا إماء ومحظيات وعبيد.
ما هى الخلاصة فى حكايات هذا العالم المخبول الممتلئ نفاقًا عن آخره؟
إنهم هناك فى الغرب البعيد لا يتجرأون على بعضهم ولا يمارسون وصاية أو ولاية أو سلطة أو عقيدة على بعضهم البعض ولا فضل لغربىٍّ على عربىٍّ إلا بالقانون.. القانون فقط.. القانون وحده.