عن العشق والأسى والجنون.. حكايتان

سيصبح الحب أول أسباب الجنون لو مرّ بكل هذا الأسى:
وسنرى أن ثلاثية العشق والأسى والجنون يتعامل معها الغرب بشكل إنسانى بالغ الرقة والرأفة والمصداقية لدرجة أن حكاية البنت الأسترالية «جودى روز» التى وقعت فى غرام حجر مُشَيّد فوق كوبرى إبليس بالجنوب الفرنسى ثم اقترنت به ثم احتفلت بعيد زواجهما السادس فى الشهر الماضى وسط جمع من الأصدقاء وبمباركة وحضور عمدة القرية التابع لها العريس / الكوبرى فى مناسبة بثتها القناة السابعة الفرنسية وأفردت للحديث عنها عددًا من أطباء النفس الذين علقوا على الأمر دون هجوم ولا سخرية.
ليس هذا هو المهم.. بل ليس هذا هو الأهم: فالأهم هو ما سوف  ترويه الفتاة عن شهامة وطيبة وحنان عريسها الذى اسمه Le Pont Du Diablo.. وصار اسمها بعد الزواج هو Mrs Pont Du Diable
أين الأسى هنا؟ ها هو يكمن فى كون زواجهما غير شرعى.. جودى لا تملك وثيقة زواج رسمية .. هكذا قالت العروس.
أما «أماندا» الفتاة الأمريكية فليست مثل جودى.. لم يصمد زواجها من عفريت سوى أيام. وحينما حاول قتلها غرقًا فى المحيط.. قامت بتطليق نفسها منه.. كانت قد تزوجت من روح قرصان مات منذ 300عام واسمه جاك.. يشبه كثيرًا «جونى ديب» فى شخصية «قراصنة الكاريبى».. وكان قد تم إعدام جاك عام 1700 ميلادية ومات عند سن 47 عامًا، وكان بالفعل يعمل قرصان سفينة ك«جونى ديب».. وبدأ يلوح لها، ويتبدى فى صورته الأولى حينما كان إنسياً حياً.
أين الأسى هنا؟ لم تدم سعادتهما سوى أسبوعين بعد زفافهما إذ أصابها مرض عضال فلجأت لأولئك الشخوص الذين لديهم القدرة على صرف الأرواح وإخراج الجنى من الجسد.. إلا أن القرصان جاك هددها بالموت.. وبعد سنوات من انفصال أماندا وجاك ألفت العروس  كتابًا عن قصة حبهما وزواجهما وطلاقهما.. الكتاب يباع الآن على أمازون.
أما نحن الذين نحمل أطنانًا من الأسى والوجع فستجدنا نسخر من تلك الحكاية مع أنها حكايا عادية وكثيرة ومنتشرة لدى الشرق والغرب والشمال والجنوب بذات النسبة.. وأكثر من ثلث سكان العالم مروًا بتلك الأعراض ولذات الأسباب التى تعود إلى الوراثة والتربية وتعرض البعض لاغتصابات فى الطفولة من ذوى القربى.
سنجد أن شخصًا من بين 3 شخوص مصاب بمرض نفسى على مستوى العالم.. وفى أمريكا سنجد أن 46 ٪ من المواطنين لديهم استعداد الإصابة بالمرض النفسى.. وفى أوروبا وجدوا أن شخصًا من بين 4 أشخاص مصاب بخلل نفسى.
إحنا فين يا عرب؟ وأين تكمن مآسينا؟
فى كل هذا القهر الطافح والضارب فى الأرض والعقل.. فى الجذر المسموم الذى نتباهى به.. فى القلب المعطوب مسلوب الرحمة.. فى السخرية من حكاياتنا.. كلنا أماندا  وجودى ورجالنا ما بين سبح جونى ديب وحجر على كوبرى.