الجمعة 20 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
70 عاما على رحيل الأستاذ حمام

70 عاما على رحيل الأستاذ حمام


فى 8 يونيو 1949، رحل فجأة، الأستاذ / حًمام، بعد أن أنهى مهمته على أكمل وجه، فى تعليم تلميذته «ليلى»، أصول اللغة العربية، وأصول العواطف النبيلة، التى تسمو فوق حب التملك، وتعطش القلب إلى لمسة حنان، واشتياق النفس إلى انسان واحد فقط فى العالم «يهتم» .
   فى 8 يونيو 1949، اعتذر نجيب الريحانى، عن عدم مشاهدة العرض الأول لفيلم «غزل البنات». فقد كان مشغولا بالاستجابة إلى «غزل الموت»،  مشهده الأخير، فى مسرحية الحياة، على خشبة السرير. ولم تكن المسرحية،  كما اعتدنا، من تأليفه، أو مشاركته فى كتابة الحوار .
لم يقبل أحد، اعتذاره . وحتى الآن، وبعد مرور سبعين عاما، ظل هذا الاعتذار مرفوضا، ليس له مبرر، حتى لو كان مرضا مميتا فتاكا، أو رواية كتبها مايستروآخر، لا حيلة له فيها .
 نعم، رفض الجميع، غياب نجيب الريحانى . ليس فقط، لأنه كان فى قمة
العطاء الفنى، وفى ذروة الازدهار الإبداعى، على خشبة المسرح، وعلى  شاشة السينما. ولكن أيضًا، لإدراكنا أن فنانًا مثله، كان يجب أن «يقاوم»، ألف مرة، من أجلنا، قبل أن يسقط . هذه هى «أنانية» المحبين، العشاق، فى كل زمان، ومكان . يفكرون فى راحتهم، وسعادتهم، أكثر من راحة وسعادة المحبوب، المعشوق. ربما ليست أنانية مطلقة، وبها قدر من الإحساس بالعدالة . نحن نرفض غياب منْ نحب، لاعتقادنا أن من حقهم الاستمتاع بالحياة، وبما أنجزوه من خير، وأنهم لا بد أن يعيشوا أطول فترة ممكنة، حتى يحصدوا ما زرعت أيديهم،  من ثمرات، وطيبات مع فنان مثل نجيب الريحانى، يتضاعف إحساسنا بالخسارة . بعد سبعين  عامًا من الرحيل، يقف وحده شامخًا، متفردًا، عصيًا على التقليد، أو التشبه، أو المنافسة . حسب اعترافات خشبة المسرح شخصيًا، لم يهزها ضحك، أو بكاء، أو شجن، أو سخرية، أو ألم، أو لوع، أو يقظة وعى، مثلما حدث مع الريحانى .
          كان الريحانى، يطمح إلى منافسة «يوسف وهبى»، واعتلاء عرش المسرح التراجيدى من العيار الثقيل . كان يرى نفسه، موهوبا فى انتزاع الدموع، وليس فى إثارة الضحك . لكن للجمهور دائما، وجهة نظر أخرى، ترسم مسارالفنان، وتأخذه إلى طريق لم يتخيله . وبالوقت، يتضح أن الجمهور هو البوصلة الصواب، وهو العين الثاقبة،  التى ترى ما لا يراه الفنان فى نفسه .
  ورضخ الريحانى لرؤية الجمهور  فإذا به، يقدم الكوميديا الراقية، التى ارتبطت باسمه، وشخصياته، فى إطار تراجيدى عميق . بذلك أرضى الناس، وفى الوقت نفسه، لم يحبط قدراته. وتحققت النبوءة غير المنتظرة، وأصبح لدينا «المدرسة الريحانية»، أو «مسرح الريحانى»، أو «الريحانيزم» . وهى مزيج خاص، كوكتيل مختلف، خلطة عجيبة «تعجن» البكاء بالضحك . ماركة ريحانية مسجلة، موثقة، معتمدة .                  
وهذه «الخلطة»، هى اللوحة الحقيقية للوجود الإنسانى. ذلك الوجود، الذى يأبى إلا أن يدهشنا، حين من قلب الحجر، ومن الأرض الطين، تخرج السنابل  والورود . ومن سم الثعبان، يُصنع الدواء الشافى .
    فى فيلم «لعبة الست»، يقول حسن  لزوجته لعبة: «النفس الجشعة والقلب الجحود والعينين اللى مفيهومش غير الزيف والغدر والخيانة، أبيعهم رخيص .. رخيص أوى .. من غير فلوس .. أبيعهم من غير حاجة ..أبيعهم وأعتبر نفسى أنا الكسبان».
    فى فيلم «غزل البنات»، يهمس الأستاذ حمام، ناعيا حظه: «أنا لو من 18 سنة بعلم كلاب، كان زمانى بقيت من الأعيان».
 هذان المشهدان ، يؤكدان  قدرة الريحانى البارعة، لتجسيد الكوميديا الساخرة، فى آن واحد، مع ذرورة المأساة، أو «الكوكتيل الريحانى» .
  دخل فيلم «غزل البنات»، قائمة أهم مائة فيلم مصرى . وهو الفيلم الذى مات الريحانى، قبل أن يراه على الشاشة.
  لا أعتقد أنها صدفة، أن يجمع الفيلم، أغلب نجوم هذا العصر الذهبى . ليلى مراد .. أنور وجدى .. محمد عبد الوهاب .. يوسف وهبى .. فردوس محمد .. عبد الوارث عسر .. محمود المليجى .. فريد شوقى .. زينات صدقى .. استيفان روستى .    قناعتى، أن كل هؤلاء النجوم العظماء، قد شعروا بأن الريحانى، راحل قريبا . فكان اجتماعهم، بمثابة «وداع»، وأيضا «تكريم».
  وكان حقا، هذا الفيلم، خير نهاية، لحياة الريحانى .
   فى بدايات حياته، 1910، عمل نجيب الريحانى، بشركة «السكر»،  بنجح حمادى، فى صعيد مصر .
 لا عجب، أن أعماله فى المسرح، وفى السينما، تأليفا، وتمثيلا، كلها «حلو» المذاق .   من واحة أشعارى
-  سألتنى صديقتى :
لم لا تأتين معى إلى «البحر»فى العيد؟
رد قلبى هامسا :
هو لسة الدنيا  فيها بحر ؟
هى لسة الدنيا فيها أعياد ؟