الجمعة 20 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
الأمومة الفطرية المقدسة

الأمومة الفطرية المقدسة


« الأمومة »... كلمة مهيبة وخط أحمر. « الفطرية »... كلمة مهيبة وخط أحمر. « المقدسة »، كلمة مهيبة وخط أحمر. فما بال لو اجتمعت الكلمات الثلاث، بهيبتها، وخطوطها الحمراء؟.
   من أجل « الأمومة الفطرية المقدسة»، أنكرت ملايين النساء منذ بدء الخليقة، وفى كل مكان، حقوقهن فى العدالة، وفى الحرية، وفى الراحة. تنازلن عن طموحاتهن العلمية، ومواهبهن الأدبية، والفنية، حتى يرضعن الصغار، ويغيرن لهم الحفاضات، ويتابعن دون خطأ، مواعيد التطعيمات، ويذاكرن لهم دروسهم، ويدخرن من الفلوس القليلة، ما يحفظ اللقمة، والهدمة، وحُسن السُمعة، وماء الوجه.
  من أجل « الأمومة الفطرية المقدسة»، ترضى النساء بأرباع، أو أنصاف الرجال، يتحملن طباعهم  غير المحتملة،  وذكوريتهم الفجة، وخياناتهم، وعيونهم الزائغة، ومطالبهم التى لا تنتهى طوال الأربع وعشرين ساعة، من أكل  وشرب، وغسيل، وتنظيف، ونكاح، وتدليل، وتدليك، وخدمة ضيوفهم، وترفيه نفسى عن قهر الطفولة، وقهر المراهقة، وقهر الرؤساء فى العمل، وقهر قلة المرتب، وقهر الشقة الضيقة الحارة، وقهر ارتفاع أسعار الفن الرديء، وقهر غدر الزمن، وقهر مكبرات الصوت، وقهر فوازير ومسلسلات وإعلانات رمضان.
   من أجل «الأمومة الفطرية المقدسة»، تكتم الأمهات علة الجسد، يئن فى صمت، من كثرة الأعباء، وقلة لذة الجماع، لتوفير مصاريف الأطباء، والعلاج، لابن يريد ملابس جديدة مثل زملائه فى الجامعة، أو لابنة تريد أحدث موضة فى الموبايل، والواتساب، أسوة بجاراتها، وصديقاتها.
  من أجل «الأمومة الفطرية المقدسة»، ترضى المرأة الاحتراق، لتنير الطريق المعتم، المجهول، المهجور، لأولادها، وبناتها. بكل طيب خاطر، تنزوى بعيدًا، حتى يظهر الولد، والبنت، فى الصورة. تختفى من الوجود كله، إذا لزم الأمر، لكى يولد الوجود، لمنْ كان فى بطنها، تسعة أشهر.
من أجل «الأمومة الفطرية المقدسة»، قد تتحول الأم إلى قاتلة، إذا أحست خطرًا داهمًا، يهدد منْ قضت العمر، تحميهم، وتصنع لهم الحياة، وجاءوا من لحمها، ودمها، وأعصابها، وبويضتها، ونكرانها لنفسها .
  وعندما يموت الزوج، وتتزوج البنات، والأولاد، وينشغلون بحياتهم، ويتركونها للوحدة، والشيخوخة، والمعاش البسيط، لا تتذمر، لا تشكو، لا تندم، لا تتحسر. ولم تفعل؟. أليس كل هذا نتاجًا طبيعيًا، متوقعًا، فى نهاية خدمة « الأمومة الفطرية المقدسة» ؟. أليست هذه هى الرسالة، والوظيفة، والدور الذى يٌدخل الجنة، ويرضى العبد، والرب ؟؟. .. «الجنة تحت أقدام الأمهات» مثلًا ؟؟.
 كل هذه الأمور أفهمها. ولكن الذى يحيرنى، لماذا هذه «الأمومة الفطرية المقدسة»، لا تكون « أمومة»، ولا تكون «فطرية»، ولا تكون « مقدسة»، إلا إذا انتفخ بطن المرأة؟.
     لماذا لا نرى « الأمومة»، «الفطرية»، «المقدسة»، مع أطفال، ليسوا من لحم، ودم، وأعصاب، وبويضة المرأة ؟.
  لماذا لا تفكر المرأة، لتقديم كل تضحيات، وعطاء، وخدمة، ورعاية، وإنفاق « الأمومة الفطرية المقدسة»، إلا مع ابن يرث لون عينيها، أو ابنة ترث بشرتها السمراء، واستعدادها لمرض السُكر؟.
 هى « الأمومة الفطرية المقدسة »، فيها خيار، وفاقوس ؟. هى « الأمومة الفطرية المقدسة»، مشروطة بامتلاك البويضة؟.
     هى « الأمومة الفطرية المقدسة»، لا تنتفض، ولا تتحرك، ولا تشعر، إلا عندما يظهر فى الأفق، حادث سعيد، يؤكده الطبيب بقوله: « مبروك يا مدام انتى حامل»؟.
    داعبتنى هذه الأفكار، وأنا أرى واحدة من النساء، تجرى إلى الزيجة الثالثة، أملًا فى الإنجاب. وربما تعرض حياتها إلى خطر جسيم، بإجراء عملية ليست مضمونة .
 قالت: «عندى طاقة رهيبة للأمومة الفطرية المقدسة. كيف أحققها» ؟
لم أيأس . سألتها: «إلى متى ؟». قالت: «التالتة تابتة.. لو مخلفتش خلاص بقى.. تبقى دى قسمتى وربنا مش عاوزنى أحقق أمومتى الفطرية المقدسة».  قلت لها: طب ليه متحققيش أمومتك الفطرية المقدسة مع طفل يتيم، محتاج رعاية، وفلوس، وتعليم، وحب، وعطف، وحنان، وأم تعوضه عن غلب اليتم، يمكن ربنا عاوز ينقذ طفل مسكين على إيديكى؟. انتفضت بالغضب: «يا سلام .. أهو ده اللى كان ناقص.. أصرف فلوسى على يتيم، وأديله حبى وحنانى وحياتى.. أدخله أسرتى وعيلتى.. ليه هو أنا عبيطة ولا هبلة.. أربى وأعلم وأصرف على عيل مش جاى من بطنى.. انتى مجنونة ولا إيه؟».
من وحى أشعارى
 نموت دون نعى
 نموت دون جنازة 
    نموت بدون ذكرى
    نموت دون كفن
   نبيع عصارة حياتنا
   ولا نقبض الثمن