
د. مني حلمي
قُبلة بين عاشقين غاب عنها التوهج
مقتنعة، بأن «الشغف»، هو كلمة السر، التى تختصر الطريق، إلى النجاح المتفرد، والتفوق، والنبوغ.
الحياة، التى ينقصها «الشغف»، تكرار ممل، موقف ماسخ، ورقص على السلالم. الحياة فاقدة «الشغف»، هى باقة من الورود الجافة، منزوعة العبير. الحياة المحرومة من «الشغف»، ُقبلة بين عاشقين، غاب عنها التوهج، والرغبة المتأججة، وفنجان قهوة، سرقوا منه مذاق «الكافيين». الحياة من دون «شغف»، معزوفة موسيقية، أضاعت اللحن، والإيقاع . وعابرة سبيل، تاهت منها، خريطة الماء . الحياة الخالية من «الشغف»، ذكريات، لا هى مفرحة، ولا هى محزنة . «عمل» نقوم به، من دون «شغف»، ينقصه التركيز، والاستغراق، والإتقان، والمتعة. و«التركيز»، و«الاستغراق»، و«الاتقان»، هى شروط الإبداع، والابتكار، والإحساس بالمتعة.
لو تأملنا حياتنا، نجدها، فى أغلبها، خالية من «الشغف». ولهذا فهى، فى مجملها، «كسل عاطفى»، لا يقود إلى أشياء «حقيقية»، «أصيلة»، «مضيئة»، «موحية».
لو تأملنا حياتنا، نجدها فى أغلبها، «رمادية» اللون، تغيب عنها الألوان «المتوهجة»، «القوية»، «المحفزة»، «المتقدة»، التى هى ألوان «الشغف».
لو تأملنا حياتنا، نجد أننا لا نعيش الحياة، بـ«جدية». لكننا نعيشها، على محمل «الهزار». إن «الشغف»، هو الوجه الآخر، لحياة «جادة»، تجعل لكل لحظة، معناها الجديد، المتفرد. و«الجدية»، ليست «الكآبة»، أو «حمل الهموم»، أو «التجهم»، كما قد يعتقد البعض. بل العكس هو الصحيح. فـ«الشغف»، هو الذى يحررنا من الكآبة، وحمل الهموم، والتجهم . لأن «الشغف»، هو «اعتصار»،كل إمكانيات، وكل فرص، اليوم المعاش، بمنتهى التركيز، والدقة، والاستغراق. وبالتالى، نحن لا نفكر، فى الماضى، ولا فى المستقبل . هى فقط «اللحظة»، «الحاضرة»، المكثفة، التى فعلا، لا نملك سواها .
جزء أصيل فى خوفنا من الموت، هو أن ينتهى العمر، وقد أضعنا الوقت الثمين، وأهدرنا أيامنا بالتفكير المؤرق، إما فيما حدث، أو فيما سوف يحدث. لكن الإنسان الذى يعيش اللحظة الحاضرة، بالشغف، ينتصر على الموت، أو لنقل أن الموت، لا يخيفه، لأنه عاش كل يوم، إلى آخر مدى ممكن.
وهل «فن» الحياة، شىء آخر، إلا تلك القدرة العجيبة، على أن نحب بجد. ونحزن بجد. ونفرح بجد . ونأكل بجد. ونشرب بجد. نمرض بجد. ونتعافى بجد. نضعف بجد. نقوى بجد. نتألم بجد . نستمتع بجد. نكره بجد. نلعب بجد. نعمل بجد . ننجح بجد . نفشل بجد. نبكى بجد. نغضب بجد. نروق بجد. نقرأ بجد. نكتب بجد. نتحرر بجد. نصحو بجد. ننام بجد. نصمت بجد . نضحك بجد. ننصت بجد، نهزر بجد . وحينما نموت، نموت بجد.
وإذا كنا فى مرحلة تعديلات دستورية جديدة، فأنا لا أطلب شيئا، إلا أن ينص الدستور على أن «الشغف» حق لكل مواطنة ومواطن. وعلى الدولة أن تكفل هذا الحق دون قيد أو شرط.
وإذا كنا نبادر بحملات صحية مثل «الكشف عن فيروس سى»، و«الكشف عن الدرن» وغيرهما، فلابد أن تكون هناك حملات تكشف عن «غياب الشغف»، ثم تعالجه، وتقضى عليه .
«غياب الشغف»، لا يجب أن نستهين به، ونعتبره من باب الرفاهية .
فهو مرض خطير، ومعدٍ، ويتطور ويتحور بسرعة، وينقض على الإنسان، دون رحمة، ويحول الحياة كلها، إلى «عبء»، ثقيل، مهلك.
>من واحة أشعارى
ليس هناك داع للقلق
ماضية أنا إلى حال سبيلى
تاركة لكم كل الأشياء الزائلة
المال والبنون والمناصب ودفء العائلة
سأترك لكم الأحلام والابتسامات المتفائلة
اطمئنوا
لن أطالب بحقى فى الميراث
أو نصيبى فى الذهب
أو الأموال السائلة
إننى ماضية إلى حال سبيلى
لا شىء معى إلا قصائدى
وحقيبتى وذكريات
ودهشتى المتسائلة