الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
إلى رئيسة وزراء نيوزيلندا: لماذا الحجاب؟

إلى رئيسة وزراء نيوزيلندا: لماذا الحجاب؟


وسائل الإعلام أوضحت، وهى تنشر صورة لرئيسة الوزراء وقد غطت رأسها بالحجاب، أنها فعلت هذا: «احترامًا لمشاعر المسلمين، وتعاطفا مع حزن، وألم، أسر الشهداء».
حاولت أن أفهم، ما هى العلاقة بين الاحترام، والتعاطف، وبين تغطية الرأس؟. حاولت أن أستنتج أى رابط بين ارتداء الحجاب من قبل رئيسة وزراء نيوزيلندا، وبين أسفها على قتل بعض المسلمين وهم يصلون، على أرض بلدها، فلم أجد شيئًا يقنع عقلى. وتساءلت، هل لو ذهبت دون ارتداء الحجاب، أيكون ذلك دليلا على كذب مشاعرها، وزيف تعاطفها، ومجرد استعراض إعلامى، يستسهل، ويتعجل الظهور الإعلامى؟. وتساءلت أيضا، هل لو قُتل مسلمات ومسلمون، فى مطعم، أو متجر، وليس فى دار عبادة، هل كانت سترتدى الحجاب؟
لم يقنعنى شىء، إلا أن رئيسة وزراء نيوزيلندا، مثلها مثل الكثيرين، نساء ورجال، فى بلادنا، وفى كل أنحاء العالم، الذين وصلتهم الفكرة الخطأ، أن الحجاب هو «الرمز» الشرعى، الأكبر ، الأساسى، الرئيسى، الذى يختصر «الهوية» الإسلامية، وأن المرأة التى تغطى شَعرها، بالتالى، هى أكثر إسلاما، وأكثر عفة، وأكثر فضيلة، وأكثر تدينا، وأكثر تمتعا برضاء الله، بالتالى الأوفر فرصة، وحظا، للفوز بمكان فى الجنة.
تُرى منْ المسئول، عن وصول هذه الأفكار الخاطئة، إلى عقل، امرأة تعيش فى نيوزيلندا، فى بلد غير إسلامى، ولا تتكلم اللغة العربية؟.
وهى ليست أى امرأة. لكنها امرأة لها وضعها السياسى، والاجتماعى، والثقافى، والحضارى أيضا، وفى مجتمع معروف برقيه، وتقدمه، فيما يخص وضع النساء، وحقوقهن، وحرياتهن، والعدالة بينهن وبين الرجال، فى جميع المجالات، وعلى كل  المستويات.
ولتسمح لى رئيسة وزراء نيوزيلندا، أن أوجه لها هذه الرسالة.
أولا، أن الحجاب ليس رمز الإسلام. إنما هو رمز سياسى، لجماعة اسمها «الإخوان المسلمين»، المؤسسة فى مصر عام 1928، على يد أحد الشيوخ، حسن البنا، وبفلوس الاحتلال الإنجليزى. عندما أيقن الإنجليز أن وحدة وتماسك وارتباط، الشعب المصرى، قوة كبيرة، أكبر من محاولات التقسيم والتفكيك والتفتيت، لجأ إلى سياسة «فرق تسد»، على أساس الدين والطائفة والمذهب. وإذا تقاتل الشعب على الدين، فلن يجد الوقت، أو الطاقة، أو الوعى، لمحاربة العدو الأساسى المشترك، وهو المحتل المستعمر. وهذه سياسة معروفة تاريخيًا، وتستخدم فى كل مكان، وحتى اليوم.
ثانيا، بدأت دعاوى الحجاب مع تدشين الإخوان المسلمين، ومن بعدهم جميع التيارات، والمنظمات، والجمعيات، والمراكز، والمؤسسات، الإسلامية، والسلفية، سلمية، أو مسلحة، والتى انتشرت على كوكب الأرض، بسرعة الضوء، وتمويل كل منْ له مصالح اقتصادية وسياسية وذكورية، فى داخل الدول، ومن خارجها، لإقامة دولا دينية، وإمارات إسلامية، واستعادة الخلافة الإسلامية.
ثالثا، الحجاب مثل مظاهر التدين، والتأسلم، والتسلف، الأخرى، ماهى إلا « استعراضات» سهلة للقشور الخارجية، البديلة عن جوهر التدين، وحقيقة العفة، والفضيلة.
رابعا، الحجاب يا رئيسة الوزراء، قائم على أن الرجال ذئاب جنسية شهوانية، تتحرك بغرائز النصف الأسفل من أجسامهم. وهى غرائز حاضرة طول الوقت، مكبوتة طول الوقت، لا يمكن التحكم فيها، ولا يمكن تهذيبها، وتأديبها، بالقواعد الأخلاقية الحسنة، أو بزرع احترام النساء. وأن هذه الغرائز تثار فورا، دون تعقل، برؤية أى جزء غير  مغطى من دلائل طبيعة المرأة. وعند الإثارة، تحدث التهلكة الكبرى، وما لا يحمد عقباه. والوضع الأمثل أن تتغطى كلها، لأنها عورة.
ولكن إذا تعذر هذا، فعلى الأقل، وحتى تقام الخلافة، لا بد أن تغطى شعرها، وتخفيه، وتبعد فتنته الشريرة الشيطانية، عن الذكور الأبرياء الطاهرين.
خامسا، هناك جيش كبير من النساء، والرجال، ذوى العقول المستنيرة الراجحة، الذين يقرأون التاريخ، ويدركون كل هذه الحقائق، وينفرون من هذه الأفكار، ويفضحونها، فى الإعلام، ويرفضون وجودها فى أسرهم، وعائلاتهم، وأوطانهم. أو أن تكون المعبرة الحقيقية عن  هويتهم الدينية، والمتحدثة الإعلامية فى أى مكان، عن أخلاقهم.
سادسا، التعاطف مع أسر الشهداء، ليس إذن بترسيخ الصورة التى يروجها أصحاب التطرف والتعصب، وإشاعة التفرقة، والتفكك، وتمهيد أرض الخلافة، لإضعاف الشعب الواحد، وإلهائه عن العدو الحقيقى، ألا وهو محتل الأرض، ومحتل الموارد، ومحتل العقول، ومحتل الإرادة. ولكن التعاطف الحقيقى، يا رئيسة الوزراء، هو مقاومة أصحاب هذه الأفكار داخل بلدك، وعدم السماح بالتنظيمات التى تروجها، وتمولها، بالانتشار الإعلامى، والثقافى. وكذلك التنسق والتعاون بين مجتمعك، وبين كل البلاد التى تقاوم منبع وأصل الإرهاب، ومنها مصر، التى تواجه حربا شرسة كل يوم، بسبب التأسلم المتطرف السياسى، والذى بدأ بفرض «الحجاب»، وانتهى إلى فرض «الدم».
 من واحة أشعارى
 أشباح تقترب
 أجراس خطر ترن
 الجنين بالفطرة يحس بالمؤامرة
 يحاول الهروب والفرار
 الجنين يئن.. عقله الصغير يكاد يجن
 فجأة تمتد يد آثمة
 من رأسه تشده إلى الخارج
 يد لا ترحم.. لا تتأنى.. لا تحن