الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
الشغف العاطفى.. والإنصات إلى القلوب

الشغف العاطفى.. والإنصات إلى القلوب


ستبقى «العواطف»، هى التى تميز إنسانًا، عن آخر. والقول الفصل  النهائى، الذى لا يخطئ، للحكم على البشر. لا الشهادات، ولا المال، ولا المناصب، ولا رضاء الناس. فهذه أشياء خارجة، عن الإنسان، ويمكن بالجهد، والمثابرة، ومسح الجوخ، أن يحصل عليها. أما عاطفة مثل «الوفاء»، فهى إما يفرزها القلب، ويبثها العقل، أو لا توجد، ولأن «العواطف»، كامنة، بداخلنا، فلا أحد يستطيع، انتزاعها. ولا أحد بإمكانه، أن يصادرها بقرار، أو فرمان. نقصد بالعواطف، دفء القلب، رقة الإحساس، عدالة السلوك، إنسانية الرؤية، الصدق، سخاء العطاء، الحساسية تجاه حقوق الآخرين، التواضع، شياكة الوجدان، حيوية الحدس، الترفع عن الحماقات، تقدير الجمال فى صوره المتعددة، نبل الأحلام، الوفاء بالعهود، عِزة النفس، الحماسة العفوية. ومديح الناس. ما أكثر الناس، الذين يحصدون المال، والمناصب لكن عواطفهم، ميتة، وقلوبهم باردة، غارقون فى الحماقات، عطاؤهم شحيح، أو منعدم، مشاعرهم خشنة، أحلامهم تخاصم العدالة، لاشىء بداخلهم، إلا التعصب، والفراغ، والخواء، والأنانية. ولأننا نعيش فى عالم، «مقلوب»، «مختل» المقاييس، نجد أن أصحاب العواطف «الميتة»، هم منْ، تُفتح لهم الأبواب، ومنْ يتقدمون الصفوف.  على مر العصور، يتم «تهميش»، دور العواطف. بل وتحقيرها. وهى عند أغلب الناس، مرادفة للحماقة، والضعف، والتهور، وغياب العقل والمنطق، وعدم الثبات الانفعالى، وافتقاد الموضوعية، والذاتية الضيقة. وإطلاق صفة «العاطفية» ، على إنسان، تكاد تكون «سُبة»، أو «عار»، أو «تفاهة». وهذه جريمة أولى. أما الجريمة الثانية، فهى إلصاق كل هذه الصفات السلبية، الهوجاء، بـ«المرأة»، دون الرجل. وهى مجرد حجة، لتجميد دونية النساء، وحجبهن عن وظائف معينة.
 ومن الأمور المألوفة، نتيجة الفصل التعسفى، بين «العقل»، و«العاطفة»، أن يُطالب الباحث العلمى، أو الصحفى، بعدم إبداء رأيه الخاص، وإبعاد عواطفه الشخصية، حتى يتحقق لعمله الموضوعية، والمصداقية. بينما يؤكد الواقع، أن العمل «الفريد»، «المتميز»، هو بالتحديد، العمل الذى امتزج به، العقل، مع «شغف» العاطفة.
إن «الإبداع»، نفسه، بالتعريف الدقيق، هو «ذاتية» الإنسان، فى قالب جمالى، ممتع، تمس «ذوات «الآخرين. وكل أنواع الفنون، تُفصل من قماشة العواطف. ولهذا السبب، هى تسحرنا، وتؤثر فى نفوسنا. وكل شىء، حتى لو كان فنجان قهوة، يجب أن نفعله بـ«الشغف» العاطفى.
 إن العاطفة السليمة، فى العقل السليم. والعقل السليم ينتج حضارة سليمة، متوازنة، قادرة على إسعاد البشر، وتحريرهم من جميع القيود. أليس من المألوف، أن يرضى المحامى، بالدفاع عن موكله، الذى تتشابك كل الأدلة «العقلية»، لترسله إلى المشنقة، قائلا: «أشعر أن موكلى برىء.. شىء بداخلى غير مرتاح».
هذا الشىء الداخلى، هو صوت «العاطفة» السليمة، السوية، التى لم تكتف، بالدلائل العقلية، ولديها رأى آخر فى القضية. وفعلا، يجد المحامى، بعض التفاصيل المنسية، أو بعض التناقضات فى أقوال الشهود، أو عدم اتساق مجرى الأحداث، التى تنقذ بريئا من الإعدام، وتلويث السمعة.
 نريد أن نعيش عالما، مثلما هو عظيم فى «عقله»، عظيم أيضا، فى «عواطفه». عالم يسير على قدمين. وكل منهما، ضرورية، حتى يستقيم المسار، وتنعدل الخطوات الكسيحة.
 إذا كان العقل، السليم، السوى، يقرأ «سطور» القصيدة. فإن العاطفة السليمة، تقرأ «ما بين السطور». إذا كان العقل السليم السوى، هو الطريق الذى نسلكه، فإن العاطفة السليمة، هى الطاقة المشعة التى تضىء هذا الطريق.
يحضرنى هنا، بداية فيلم «رسالة من امرأة مجهولة»، حيث يقرأ «فريد»، سطور الرسالة. وأول سطر فى الرسالة هو «لا تقرأ رسالتى بعينيك، فعيناك سريعة النسيان.. ولكن اقرأها بقلبك». وأليست «ليلى مراد»، لؤلؤة الغناء، تشدو على ألحان «محمد القصبجى»، الساحر المتفرد: «أنا قلبى دليلى»؟.
 >من واحة أشعارى
 كتبت الشِعر
 قالوا ليست بشاعرة
 كتبت النثر
 قالوا ليست بكاتبة
 مردت ثرت
 تساءلوا أهذه ثائرة؟
 كيف لى أن أرضيهم؟
 ولماذا يناصبوننى العداء
 إنى حقا حائرة