الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فكرونى إزاى هو أنا نسيتك!!

فكرونى إزاى هو أنا نسيتك!!


تعيش مصر إيقاعاً متلاحقاً من الأحداث المصيرية، ولكن أليس من حق الذين أسعدونا وأضاءوا حياتنا عندما تحل ذكراهم أن نتوقف ولو قليلا عند رحيق إبداعهم.
 
 

 
لو سألتنى عن أعظم ما كتبه شعراء الأغنية عن الحب الذى يتحدى النسيان سوف أقول لك أحمد رامى «بأفكر فيك وأنا ناسى» وعبدالوهاب محمد «فكرونى إزاى هو أنا نسيتك».
 
قبل أيام قليلة مرت الذكرى السابعة عشرة لرحيل شاعر كبير قدم للمكتبة الغنائية أروع الأغنيات التى شغلت ولا تزال مساحة فى وجداننا الذى قال «القرب أساه ورانى البعد أرحم بكثير» إنه عبدالوهاب محمد.
 
سوف أبدأ معكم بحكاية فارقة فى حياته عندما قرر شاعرنا الغنائى الكبير الاعتزال عام 60 قبل أن تشدو «أم كلثوم» بأغنية «حب إيه» وكان وقتها لم يبلغ الثلاثين من عمره.
 
الصدفة هى التى مهدت الطريق لأغنية «حب إيه اللى انت جاى تقول عليه» لتستقر على حنجرة أم كلثوم.. كتبها «عبدالوهاب محمد» لتغنيها «نجاة» ولم تقتنع نجاة بالأغنية وقرر «بليغ حمدى» أن يقدمها للمونولوجيست «ثريا حلمى» لأن بالكلمات إحساسا ساخرا حتى استمعت إليها «أم كلثوم» بالصدفة.. ولكن قبل أن تغنيها أم كلثوم ادعى شاب آخر وهو محمد زكى الملاح أنه صاحب الأغنية وأقام دعوى قضائية.. وعاش عبدالوهاب محمد لحظات عصيبة وكاد أن يعتزل.. ولم ينقذ الموقف سوى أنه قد سبق له نشر كلمات الأغنية فى مجلة «الجيل» وخسر الملاح القضية ويومها اعتذر لعبدالوهاب محمد قائلا: أنه أراد أن يحقق الشهرة لنفسه فأقام هذه الدعوى وعلى الفور قدمت أم كلثوم أغنية «حب إيه» واتفقت مع عبدالوهاب محمد على أن تغنى له «أنا وانت ظلمنا الحب»!.
 
 

 
وكلمات «ظلمنا الحب» المليئة بالشجن النبيل لم تكن «أم كلثوم» هى أول من يستمع إليها فلقد كتبها «عبدالوهاب محمد» فى منزل صديقه «بليغ حمدى» وأسمعه كلمات الأغنية فى جلسة كانت تضم وحش الشاشة الملك فريد شوقى ويومها بكى الملك وهو يستمع إلى هذه الكلمات «ما حدش فينا كان عايز يكون أرحم من التانى ولا يضحى عن التانى».. فلقد كان فى تلك السنوات ــ مطلع الستينيات ــ «فريد شوقى» مرتبطا بالزواج من الفنانة «هدى سلطان» ولم يكن لا هو ولا «هدى» يريد أن يضحى للثانى.
 
كان عبدالوهاب محمد صديقا لبليغ حمدى وصديقا لعبد الحليم ورغم ذلك لم يلتق معه فنيا.. «عبدالوهاب» كان يعلق قائلا إن «عبدالحليم» فى الخمسينيات وحتى منتصف الستينيات كان مرتبطاً بالشعراء «مأمون الشناوى» و«مرسى جميل عزيز» و «حسين السيد» وكانوا يقدمون معه أغنيات تثير إعجابه الشخصى كان يكتفى بالاستماع إليها.. وبعد ذلك فى نهاية الستينيات والسبعينيات كان يلاحظ أن «عبدالحليم» يتدخل فى كلمات الأغانى ولهذا آثر هو الابتعاد إلا أن هناك أغنية لحنها «بليغ» من كلمات «عبدالوهاب محمد» ليغنيها «عبدالحليم حافظ» وهى «فكرونى» ولكن عبدالحليم كانت له ملاحظات على الأغنية اعتبرها كلثومية المذاق على المستويين الشعرى واللحنى وطلب إجراء بعض التغييرات ولم يقتنع «عبدالوهاب محمد» وذهبت الكلمات إلى الموسيقار «محمد عبدالوهاب» لتغنيها أم كلثوم وتتردد كلمات «القمر من فرحنا ح ينور أكثر والنجوم ح تبان لنا أجمل وأكبر والشجر قبل الربيع ح نشوفه أخضر» ولم ينس «عبدالحليم» أبدا أن واحدة من الأغنيات التى انتظرها ذهبت لعبدالوهاب ولكن المؤكد أن «فكرونى» أغنية عصية على النسيان.
 
لكل شاعر قصة حب وملهمة وأحيانا قصص وملهمات.. أم كلثوم أشعلت إبداع «أحمد رامى» ومن الممكن أن تجد أن «لطيفة» كانت هى التى أشعلت فى السنوات العشر الأخيرة من عمر إبداع «عبدالوهاب محمد» فكانت لا تغنى تقريبا إلا كلماته.. سألت لطيفة عن الحقيقة أكدت لى أنها كانت ولاتزال قريبة له وللعائلة بعد رحيله وأنه كتب لها أصدق المشاعر كتبها لها ولم يكتبها عنها.
 
برغم كل ما نعيشه من أحداث وجدت نفسى أستعيد كلمات عبدالوهاب محمد «فكرونى إزاى.. هو أنا نسيتك»؟!.