الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
جسدى.. وطنى.. أمنيات 2019

جسدى.. وطنى.. أمنيات 2019


مع بدايات سنة 2019، قررت بألا أمرض بأى داء.
سأتألم،  ولا تمتد يدى، إلى «مسكنات الألم». سوف أحتمل الأرق، متنازلة عن حق اللجوء إلى «الأقراص المنومة». سأتقبل أعراض الاكتئاب، بكل  فهم، وشكر، وامتنان . فهى «ضريبة»، لا انتمائى لهذا العالم، وقصائدى المكتوبة بدمى، وحريتى التى لا أساوم عليها، ووحدتى التى تصنع ملامحى، وتشحن طاقاتى، وتمدنى بالحكمة، والاستغناء.
منْ يعرف جسدى، أكثر مِنى؟. أنا التى تعيش مع جسدى،  تدرك احتياجاته، ومعاناته، والرسائل التى يرسلها، خلال الألم، أو الاضطراب. أعرف ما يضعفه، وما يقويه. أعرف ما يبقيه حيًا، ومتى يشتهى الموت، دون أسف، أو ندم.
القرار الثانى، أن أعود إلى النوم المبكر، والاستيقاظ المبكر، وأن أبدل النسكافيه، الذى يتعجل الذوبان، بالقهوة التركى التى تتطلب حكمة الانتظار، وتمنح حميمية الارتشاف.
على المستوى العام، لا شىء حقًا، يشغلنى، ويقلقنى، ويهمنى قدر أن تأخذ مصر، تجديد الخطاب الدينى، الذى يثبت كل يوم، أنه فى خطورة، وأهمية التوسع فى المشروعات القومية، وملاحقة الفساد، ومطاردة التعدى على أراضى الدولة دون مقابل. إذا لم نفعل، ستكون السنة الجديدة، مجرد إعادة إنتاج، واستنساخ، وتكريس، للسنة القديمة.
إن الاحتفال بسنة جديدة، فى حد ذاته، ليس معيبًا، ولكن أن يقتصر الاحتفال على القشور الخارجية، بينما تحاصرنا التحديات، من كل اتجاه، فهذا ما أرفضه، ولا أرضاه للوطن. لا أتقبل الاحتفال «برأس السنة»، ونحن فى «ذيل» الدول.
دولة مثل النمسا، عندما تحتفل، وتفرح، وتغنى، وترقص، احتفالاً بسنة جديدة، يصبح معقولاً، ومفهومًا، وضروريًا أيضًا.
هذا حقها، ومكافأة لها، فقد احتلت العاصمة فيينا المركز الأول فى جودة الحياة سنة 2018، ولمدة 8 سنوات متتالية. هذا إنجاز  يستحق الاحتفال، والاستمتاع، والفخر. أنا شخصيًا، لم يتبق فى ذاكرة أسفارى الكثيرة والعديدة، إلا «فيينا»، وطن الموسيقى، والسحر، والخيال. وليس صدفة أن يكتب « أحمد رامى »، أبدع الكلمات، تنشدها «أسمهان» على أنغام «فريد» .. ليالى الأنس فى فيينا .. نسيمها من هوى الجنة.. نغم فى الجو له رنة.. سمعها الطير بكى وغنى».
لنترك النمسا،  وليالى الأنس فى فيينا، ونتأمل الوطن، الذى نشرب، ونأكل، من خيراته، دون أن نسدد له الدين، ودون أن ندفع المقابل الذى يستحقه.
وطن نسمع أنينه، وصرخات استغاثاته، ثم نواصل السير، دون تأنيب ضمير . كأن شيئًا لم نسمعه. وكأن الوطن ليس وطننا.
ما أقسى جحودنا.. وما أشد أنانيتنا!
اعتقادى الذى يتأكد كل يوم، أن «العقلية» الموروثة، و«الفكر العتيق»، و«كراهية الجديد»، هى العدو الأكبر، الذى أنتج الإرهاب الدينى، وجعل «الدم»، مشروبًا رئيسيًا، نشربه كل صباح، على  «معدة خاوية»، والنتيجة «قرحة» وجودية، مزمنة، متأصلة.
هل يُعقل أنه منذ مطالبة الرئيس السيسى، سنة 2014، بضرورة تجديد الخطاب الدينى، لم يحدث شىء بخصوص هذا الأمر ؟. فى إحدى الخطب، قال الرئيس : «من حق كل مواطن أن يعبد ربه، أو لا يعبد، دى مسألة متخصناش».  وفى الاحتفال بمولد النبى، قال وسط حشد هائل من العمائم : «هل إحنا دلوقتى مشكلتنا هل بنطبق سنة الرسول أو لا نطبقها؟  هل عاجبكم  وضع المسلمين وسمعتهم فى العالم»؟.
بهذه الكلمات الساطعة، المنتقاة بكل وعى، وجسارة، ودقة، فتح الرئيس الطريق الملغم بالتعصب، والتطرف، والاستعلاء الدينى.
تساءل عن الجوهر، وطرح أسئلة صعبة، لم تكن متوقعة، ولكن يبدو وبكل أسف، أن  الرئيس فى وادٍ، والمؤسسات الدينية وغير الدينية، فى واد آخر، وربما وادٍ معاكس.
أعتقد أن فشلنا فى تجديد الخطاب الدينى، يرجع إلى أننا لا نسأل، هل الأديان وسيلة، أم غاية؟ . هل الأديان لخدمة البشر، أم أن البشر، فى خدمة الأديان؟. هل نقوم بالطقوس، والعبادات، والفرائض الدينية، لأنها «أوامر إلهية»، واجبة التقديس، والطاعة العمياء؟ . أم لأنها «توصيلة» إلى محطة أخرى؟. وماذا تكون هذه المحطة الأخرى؟
هل نؤمن بالأديان، وبالرسل، والأنبياء، ونحفظ الكتب المقدسة، من أجل دخول الجنة، والفرار من عذاب جهنم؟. أم من أجل شىء آخر؟
وما هو هذا الشىء الآخر ؟
والسبب الآخر، لفشلنا فى تجديد الخطاب الدينى، هو أننا لا نريد الاقتناع بأن لا كهنوت فى الإسلام. ولا نريد التصديق أن «الوسطاء»، فى الإسلام، محظورون . ولا نريد العمل بحقيقة أن العلاقة بيننا وبين الله،مباشرة، وأن مسئوليتنا أمام الله شخصية.
مع بدايات 2019، تتركز أمنياتى، على حماية بيتى الأصغر، «جسدى»، وعلى شفاء بيتى الأكبر «وطنى».
من واحة أشعارى
تمر الأزمنة علينا
مرور الكرام
لا نفعل شيئًا بالأيام
والشهور والأعوام
نعيش بالاستهلاك
يستهوينا التكرار
طقوس بالليل وطقوس بالنهار
نحيا بالتقليد دون إبداع أو ابتكار
كأننا ترس فى آلة
لا يهمنا إلا كفاءة الأزرار.