الخميس 10 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أسرار فراعنة اللوفر!

أسرار فراعنة اللوفر!


يُعتبر متحف اللوفر واحدًا من أهم وأعرق المتاحف العالمية، وفى البداية شُيد كقلعة تحمى مدينة باريس، وأصبح مقرّا للحُكم، ثم متحفًا خالدًا يحفظ للبشرية ذاكرتها عبر الأزمان..ويُعد الجناح المصرى فى اللوفر من أبرز أجنحته.. وبعد التوسعات الأخيرة- التى وصفت بـ«الثورة»- زاد عدد القطع المعروضة إلى نحو خمسة وخمسين ألف قطعة أثرية، وتضاعفت مساحة العرض فبلغت أكثر من أربعة آلاف وخمسمائة متر، تمتد عبر تسع عشرة صالة فى المتحف، ليصبح بذلك أجمل وأغنى المتاحف المصرية فى العالم.. لدرجة أنه وُصف من قَِبل المختصين بـ«الجناح الأسطورى».

لكل قطعة أثرية مصرية فى متحف اللوفر قصة تستحق أن تروى، سنسردها فى السطور التالية: تجىء البداية، فى الخامس عشر من مايو 1826م، عندما أصدر شارل العاشر أمرًا مَلكيّا بإنشاء «الجناح المصرى» فى اللوفر، وتعيين جان- فرانسوا شامبليون أمينًا عامّا له، تقديرًا لجهده الدءوب ومناداته المستمرة بإنشاء متحف للآثار المصرية.
وكانت الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت 1798 - 1801، أولى محطات انتقال الآثار المصرية إلى فرنسا؛ إذ قام أفرادها بجمع ما استطاعوا جمعه من آثار مصر ليحملوها إلى فرنسا، لكن حالفهم سوء الحظ هذه المرّة، فسقطت كل هذه الآثار التى جمعوها بما فيها حجر رشيد الشهير، فى أيدى أعدائهم الإنجليز بعد هزيمة عسكرية مريرة. وانتقلت تلك الآثار إلى إنجلترا، التى أسست بها واحدًا من أروع أجنحة المتحف البريطانى فى لندن، وأعنِى «الجناح المصرى».
وجاءت أولى مجموعات الآثار المصرية إلى اللوفر من صديق نابليون الشخصى وآخر مدير للمتحف الإمبراطورى الرسام الفرنسى المعروف فيفان دنيون، واشتملت على تماثيل مَلكية عدة، ودخلت المتحف فى عام 1793م.
وعندما اعتلى شارل العاشر العَرش، عُرضت مجموعة ضخمة من التماثيل المصرية القديمة احتفاءً بهذه المناسبة، واشتملت على تمثال المعبودة إيزيس الضخم من فيللا الإمبراطور الرومانى هادريان، وثلاثة من تماثيل الكتلة للنبلاء «آخ - آمون - رع» و«بادى - آمون - أوبت»، و«واح - إيب- رع».
قبل إنشاء الجناح المصرى فى اللوفر، كان شامبليون يحاول كسب الرأى العام لصالحه من أجل الاعتراف الكامل بالفن المصرى القديم. فحاول قدر استطاعته أن يحضر روائع هذا الفن إلى باريس كى يقنع المسئولين الفرنسيين بجمال وعظمة الحضارة المصرية القديمة، التى هى - فى رأيه - أعظم حضارات الدنيا قاطبة.
وفى العام 1824م، فوّض المتحف شامبليون لشراء مجموعة «دوران» التى بلغ عددها نحو 2149 قطعة أثرية، لتصبح بحق أولى مجموعات الآثار المصرية الضخمة التى تدخل اللوفر، ووصفها أمين الآثار المسئول عن تقييمها «الكونت كلار» قائلًا: «يجعل تنوع وروعة هذه الآثار - التى تشكل بمفردها معرضًا جميلًا، يظهر كل شىء يتعلق بمصر - منها مجموعة صالحة للفن والتعلم، وليست أقل أهمية من تلك التماثيل الضخمة التى تملأ اللوفر، فهى عن ذلك البلد المدهش المتفرد مصر».
وصدَّقَ شارل العاشر على أمر شراء هذه المجموعة فى الرابع عشر من ديسمبر 1824م، وكانت لحظة فارقة فى تاريخ الجناح المصرى فى اللوفر. ونظرًا لضخامة المجموعة وتميزها، اقترح التقرير الأوّلى المرفوع إلى السُّلطات الفرنسية إنشاء جناح خاص للآثار المصرية فى اللوفر، على أن يُطلق عليه اسم «متحف شارل العاشر».
وعندما أقدم القنصل الفرنسى العام فى مصر وجامع الآثار الشّره «براناردين دروفتى» على بيع مجموعته الخاصة الهائلة، التى جمعها عبر سنوات عمله الطويلة فى مصر، رفضت فرنسا شراءها؛ نظرًا لمغالاته فى ثَمَنها. وعلى الفور اشتراها مَلك سردينيا «شارلس فليكس» وعرضها فى متحف «كورين» فى إيطاليا.. وندم شامبليون أشد الندم على ضياع هذه المجموعة من أيدى اللوفر.
وعبر بحثه الدءوب عن مجموعات أخرى، اكتشف شامبليون وجود مجموعة ضخمة فى ليفورنو فى إيطاليا، كوّنها أكبر لصوص الآثار المصرية فى العصر الحديث، قنصل بريطانيا العام فى مصر «هنرى سالت» فى الفترة من (1819 - 1824م).. وكان «سالت» أعظم ناهبى الآثار المصرية، فنهب معظم جبانات الأقصر ومعابد الدلتا، فشحذ شامبليون فصاحته واستخدم ملكاته الخاصة للتأثير على شارل العاشر وحثه على شرائها، حتى يفوت فرصة الانتفاع بها على المتحف البريطانى.
بمراجعة قوائم اللوفر المعاصرة؛ فإن مجموعة «سالت» من الضخامة بحيث اشتملت على 4040 رقم دخول، وكانت من الروعة والتنوع بشكل تصعب معه المفاضلة بينها. ومن أبرز محتوياتها تمثال أبوالهول الضخم من تانيس فى شرق الدلتا المصرية، الذى يُعد من أبرز معالم الجناح المصرى فى اللوفر، وحوليات الملك تحتمس الثالث، وتمثال سوبك حوتب الرابع، وتمثال أمنحتب الرابع/أخناتون.
وفى العام 1827م، دخلت مجموعة القنصل دروفتى الثانية المهمة اللوفر، وأهدى شارل العاشر الناووس الجرانيتى الضخم للملك أحمس الثانى (أمازيس)، وباع له التابوت البازلت الضخم الآخر. وكان دروفتى تبع نابليون فى حملته الشهيرة على مصر، وأصبح قنصلًا عامّا لفرنسا فى مصر فى عام 1814م، ومرّة ثانية فى الفترة (1820 - 1829م). وكان جامعًا نهمًا للآثار المصرية، واستخدم فى ذلك الوسائل كافة، ومن بينها وسائل الحفر الحديثة، أكثر من معاصريه لصوص الآثار الآخرين، للتنقيب ونبش الآثار. وكان مساعده ومستشاره الرئيسى المثّال جان- جاك ريفو، الذى ساعدت موهبته الفنية وخبرته بالفنون دروفتى فى كثير من قراراته.
ورفض لويس الثامن عشر مجموعته الأولى، واشترى فلك البروج (زودياك) من سقف معبد دندرة فى جنوب مصر بثمن باهظ على الفور. وبوصول هذا الأثر الفريد باريس، سار فى موكب هائل، كموكب الغزاة المنتصرين وصار حديث المجتمع الأوروبى عمومًا والباريسى على وجه الخصوص.
وازدادت سعادة شامبليون عند تلقيه خبر الشروع فى بيع مجموعة دروفتى الثانية بالعام 1827م. فزلزل الأرض وهز السماء، ليحصل عليها الجناح المصرى بأى شكل وبأى ثمن.
وفى أغسطس 1827م، أهدى القنصل الماكر متحف اللوفر هدية مكونة من عدد من مجوهرات الفراعنة الساحرة. كان من بينها الخاتم الأروع المزّين بالخيول الجامحة. ولم تستغرق عملية البيع وقتًا طويلًا؛ إذ تمت فى الحادى عشر من أكتوبر. وفى الرابع والعشرين من الشهر نفسه، تسلم شامبليون الكنوز مشتملة على روائع الذهب والفضة وكأس رمز المعرفة والحكمة المصرى المعبود تحوت، ودخلت البقية الباقية اللوفر فى سبتمبر 1828م. واشتملت مجموعة الذهب على تماثيل رمسيس الثانى، وسوبك حوتب الضخمة، ورأس صغير للملك أمنحتب الثالث والد أخناتون، وأوستراكات (شقفات فخارية) جميلة لوجه أحد الملوك الرعامسة (الأسرتان 19 و20)، وعدد من تماثيل الأفراد الكبيرة الضخمة، وآلاف من لوحات المعبود حورس السحرية.

فى الفترة (1828 - 1829م)، سافر شامبليون إلى مصر، وعاد محمّلًا بكنز ثمين من الآثار المصرية قُدِّر بأكثر من مئة قطعة مدهشة، اشتملت على التابوت البازلتى للكاهن «جدحور»، والنقش الرائع للملك سيتى الأول (والد الملك رمسيس الثانى) والمعبودة حتحور من معبده فى أبيدوس فى صعيد مصر الخالد،  وأجزاء من أساسات معبد الدير البحرى للملكة حتشبسوت فى البر الغربى لمدينة الأقصر.
وفى مارس 1832م مات جان- فرانسوا شامبليون (1790 - 1832م) بعد حياة قصيرة تبلغ 42 عامًا حافلة بالعطاء لبلده فرنسا وكانت مليئة بالجَمع المتواصل لآثار مصر، تاركًا الجناح المصرى فى اللوفر عامرًا بأكثر من تسعة آلاف قطعة أثرية متنوعة، الذى تعرض من بعده للإهمال والتدمير، فعثر على نقش الملك سيتى الأول سالف الذكر مهشمًا فى التراب.
وجاء من بعده جان- جوزيف- دوبوا، الذى كان يُقطّع مناظر البرديات الجنائزية ويشرح النقوش البارزة، وكان كسلفه عليمًا بأهمية المجموعات المصرية الخاصة لدَى القناصل الأجانب فى مصر، فطلب شراء أكبر قدر ممكن من مجموعة القنصل الفرنسى العام فى الإسكندرية جان- فرانسوا ميمو خليفة دروفتى واشتُريت بالفعل 158 قطعة أثرية بثمن زهيد، واشتملت على قواعد وتيجان أعمدة معبد أبيدوس الملونة، الأروع فى الحضارة المصرية القديمة. والأعمدة الخارجة من مقبرة «أختا» وتماثيل المدعو «سبا» وزوجه «نسا» من الحجر الجيرى الملون الرائعة.
وأعطى تعيين عالم الآثار المعروف والأستاذ بـ«الكوليج دى فرانس» إمانويل دى روجيه رئيسًا للجناح المصرى، دفعة جديدة للجناح. ففى العام 1853م، طلب مجموعة كلوت بك المهمة، التى اشتملت على 2678 قطعة أثرية، وكان أنطونى-باتلمى كلوت يشغل منصب كبير أطباء محمد على باشا، ونجح، بحكم موقعه فى تكوين مجموعة ضخمة من الآثار المصرية اشتملت على التوابيت الحجرية والخشبية الكبيرة ونحو 250 تمثالًا حجريّا ولوحة.
وبين الأعوام (1850 - 1870م)، دخلت اللوفر مجموعات أخرى قادمة من مصر عن طريق الشراء والهبات. وكان أكثر أصحابها من الدبلوماسيين الأجانب فى مصر الذين كانوا يهدونها، بعد عودتهم، إلى المتحف.
وبانتهاء فترة القناصل المزدهرة فى نقل آثار مصر إلى اللوفر التى كوّنت اللوفر المصرى بكل تأكيد، تغلق فرنسا فصلًا فى مسلسلها الشهير وتفتح آخر. فلم تحتر طويلاً، وابتكرت طريقة جديدة لمواصلة مسيرتها، بتزويد المتاحف الفرنسية بالآثار المصرية، فكانت عملية تقسيم الآثار المستخرجة من المواقع الأثرية أو نقلها كلية أو أهم ما بها.

فى الفترة (1852 - 1853م) تسلّم اللوفر أولى دفعات الآثار المصرية الخارجة من سرابيوم منف (مدافن العِجل أبيس المقدس)، كجزء من الاستراتيجية الفرنسية الجديدة لنقل الآثار الناتجة عن الحفائر، وهى وسيلة اتبعت فى إحضار الآثار المصرية إلى اللوفر.
وخصص ملحق القسم المصرى فى اللوفر أوجست مارييت حياته كلها لإرسال الآثار المصرية إلى فرنسا، وحضر إلى مصر موفدًا من قِبَل متحفه لشراء عدد من المخطوطات القبطية.
وأسس مارييت مصلحة الآثار ومتحف بولاق بضغط من الحكومة الفرنسية على حاكمىّ مصر سعيد باشا والخديو إسماعيل على التوالى، كذريعة لإبقاء رجُلهم فى مصر، حتى يحصلوا على ما يريدون من آثار.. ويكفى أن نعرف أن مارييت وحده أرسل إلى فرنسا (مارييت باشا فيما بعد، الذى أطلق اسمه على أحد أكبر شوارع القاهرة، والمدفون تكريمًا له فى حديقة المتحف المصرى) نحو ستة آلاف قطعة أثرية من جبانة سقارة جنوب أهرام الجيزة وحدها، فما بالنا بالمناطق الأخرى، حتى نعلم مدى الخسارة التى ألحقها هذا الرجل بالآثار المصرية والتاريخ المصرى القديم، رُغم ما يشيع عن خدماته الجليلة لآثار مصر.
فمارييت أخرج من مدافن العِجل أبيس المقدس وحدها، ألف لوحة وتماثيل العجل أبيس الأندر فى الحضارة المصرية القديمة كلها، واكتشف مارييت عددًا من المقابر من عصر الأهرام. وفى إحداها عثر على تمثال الكاتب المصرى الجالس الشهير، أحد أبرز معالم اللوفر من عصر الأسرة الخامسة، الذى لو وضع فى كفة وآثار اللوفر كلها فى كفة؛ لرجحت كفته، كما يقر بذلك معظم العلماء، وتزين كل هذه الآثار متحف اللوفر الآن.
فى الفترة (1849 - 1894م)، حدثت زيادة عظيمة فى حجم المجموعة نتيجة للتغيرات الإدارية الكبيرة الناجمة عن ثورة 1848م فحاول مدير اللوفر فيليب- أغسطس جانرو تطبيق برنامج طموح لإعادة تنظيم المتحف وتزويده بالمقتنيات الجديدة. ورُغم أن هذه الوثائق أقل جاذبية وإثارة للجمهور؛ فإن هذه النصوص الديموطية والقبطية واليونانية حوَت ثروة كبيرة من المعرفة عن خصائص معينة فى الحضارة المصرية.
وبين (1879 - 1896م)، دخل المتحف عدد كبير من البرديات والأوستراكات والنصوص الخارجة من المومياوات، وتمثل الآن فى مجموعها واحدة من أكبر المجموعات فى هذا المجال فى العالم كله. وعن طريق الشراء من الأفراد دخل اللوفر عدد متميز من الآثار المصرية.
وفى العام 1895م، قام بنديت بأولى رحلات الشراء السنوية إلى مصر، وقتذاك، كان المتحف المصرى بالقاهرة ذو الإدارة الفرنسية، يبيع الآثار المصرية- رُغم أنه كان مُكلفًا بالمحافظة عليها.

فى هذه الأثناء، قامت مصلحة الآثار، الفرنسية الإدارة أيضًا، بعرض مجموعة كاملة من الآثار لبيعها إلى متاحف العالم الكبرى. وانتشرت محال بيع الأنتيكات فى شوارع القاهرة والتف حولها جامعو الآثار الأوروبيون الذين أتوا من كل حدب وصوب. ونتيجة لهذه الرحلات المستمرة امتلأ اللوفر عن آخره بمجموعة من أروع الروائع.
وفى العام 1907م، تسلّم اللوفر جزءًا من مجموعة احتوت أشياء نادرة عدة، مثل فلك البروج بسقف معبد  دندرة السالف الذكر، وحجرة الأسلاف بمعابد الكرنك فى البر الشرقى للأقصر، وأحضرها إلى فرنسا الرسام الفرنسى الشهير إميل بريس دافين الذى أشهر إسلامه وتَسمَّى بـإدريس أفندى فيما بعد. وبعد نقل آثار السرابيوم، كانت الآثار المصرية ترسل بانتظام إلى اللوفر وانتشر النباشون الفرنسيون فى أرض مصر يقلّبونها شبرًا شبرًا، بحثًا عن الآثار المصرية من أقاصى الدلتا شمالًا وإلى الجندل الأول جنوبًا. ورُغم قلة ما أخرجته؛ فإنه كان عظيم الأهمية بشكل لم يسبق له مثيل، وشمل، فيما شمل، النقش الصاوى (الأسرة 26) النادر للموضوع المصرى الأثير والمعروف بـالصيد فى الأحراش كطقس للقضاء على الشر فى العالم الآخر.
ومن بين الآثار المكتشفة فى تنيس- شمال الدلتا المصرية- التوابيت ذات رءوس الصقور المصغرة. وأخرجت مقابر زواية الأموات ودارا فى مصر الوسطى تماثيل الخدم المؤدين أعمالهم المكلفين بها، والحُلى، والآثار النذرية من أواخر عصر الدولة القديمة.
وتمثل الآن مجموعة اللوفر واحدة من أكبر مجموعاته فى العالم، ومن أروع ما عثر عليه من الآثار، تلك الحشوة الخشبية الملونة المدهشة التى تجمع بين السيد المسيح عليه السلام، ورئيس الدير الأنبا مينا والأفاريز المنحوتة بالتصميمات النباتية والطيور، والأعتاب الخشبية المصور عليها الملكان ميكائيل وجبريل. وتعكس كل هذه الآثار مدَى أهمية هذا الدير الذى عمر بين القرنين السادس والثامن الميلاديين.
وأخرجت أسيوط- وسط صعيد مصر- (المكان الاستراتيجى فى عصر الدولة الوسطى) الأثاث الجنائزى الخاص برئيس القضاة نحت مع تمثاله المعبر من خشب الأكاشيا (السّنط)، والتوابيت الحجرية، والتماثيل الصغيرة لحملة القرابين، والنماذج الملونة للمراكب والمخازن.
واكتشف فى الطود والميدامود (قرب الأقصر) كنز  من الفضة واللازورد والتماثيل الملكية، ونقوش من الحجر الجيرى ووجوه الملكين أمنمحات وسنوسرت، وهى من روائع فن النحت من عصر الدولة الوسطى.
وفى قرية دير المدنية فى البر الغربى لمدينة الأقصر؛ حيث عاش ودفن العمال الفنانون المهرة الذين قاموا بتشييد وتزيين مقابر وادى الملوك، عثر الفرنسيون على كنز هائل من المعلومات عن كثير من مظاهر الحياة والموت فى عصر الدولة الحديثة.
وأخرجت جزيرة إلفنتين- قرب أسوان- وثائق ضرورية توضح كيفية عبادة آلهة الجندل الأول، وتشمل مومياوات الكباش (الحيوان المقدس للإله خنوم رب الخلق عند المصرى القديم)، والقرابين المنذورة للإلهة عنقت، والكتل الحجرية الضخمة المخصصة لمعبد الإلهة ساتت زوجتا الإله خنوم اللتين تكونان معه ثالوث جزيرة إلفنتين.

فى العام 1972م، حصلت فرنسا على العمود الأوزيرى (نسبة إلى أوزيريس) الضخم والخاص بالملك أخناتون. والمتحف ملىء بتماثيل المرأة رمز الجَمال الإغريقية فينوس القادمة من مصر، وكذلك الموازيك المصرى وبورتريهات الفيوم من الحقبة الرومانية ومنحوتات دافنى والعذراء أنونسيات.
وبالنظر إلى النشاط الفرنسى فى الآثار المصرية، نجد أنه بدأ منذ فترة مبكرة جدّا، ربما تكون أولى محطاتها الحملة الفرنسية على مصر، وأن الآثار المصرية فى اللوفر جاءت من كل بقاع مصر من أدنى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن أقدم العصور المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ مرورًا بالعصر العتيق وعصور الدول القديمة والوسطى والحديثة بما تخللها من عصور اضطراب وإلى نهاية العصور الفرعونية ثم العروج على آثار مصر البطلمية والرومانية والقبطية وإلى الفتح العربى. ففى رحلة زمانية تبدأ على وجه التقريب منذ سبعة آلاف عام قبل الميلاد وتمتد إلى سبعمائة ميلادية، نحو 77 قرنًا هى عمر التجربة المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ وإلى الفتح العربى. إذن هى رحلة زمانية مكانية، خاضها الفرنسيون فى سبيل تكوين متحف اللوفر. واللافت للنظر فى تعامل الفرنسيين مع الآثار المصرية أنهم كانوا لا يأخذون إلا أروع الروائع وأندر النوادر، ليصنعوا تاريخًا لهم من خلال سحر مصر القديمة الذى لا يقاوم.
*مدير متحف الآثار- مكتبة الإسكندرية