الجمعة 20 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
خلع برقع الحياء ومسح حذاء الزوج

خلع برقع الحياء ومسح حذاء الزوج


من أكبر الآفات التى تميز مجتمعاتنا، المؤمنة، بأنها «خير أمة ُأنزلت على الأرض»، وأن الإسلام الذى ورثته من السلف، يجب أن يسود الأرض، أنها تمارس « الازدواجية الأخلاقية»، بدم بارد، دون خجل، دون اعتذار، دون شعور بالخطأ.بل إنها أحيانا، تفخر بأن تلك الازدواجيات التى تحملها من جيل إلى جيل، هى «هويتها» المقدسة، التى يتآمر عليها « الإنس والجن».  وجود الأخطاء، ليس «عيبا» وإنما كل العيب، فى «التبرير»، الذى يُغلف الأخطاء، ويقننها.
    الإنسان، الذى يخطئ، ليس بالضرورة إنسانا سيئًا، شريرًا، طالما اعترف بالخطأ الذى ارتكبه، وأدرك كيف أن أخطاءه تؤذى الآخرين، وتؤذيه هو شخصيا. وطالما اقتنع بضرورة إصلاح نتائج تصرفاته، وعدم اقترافها مرة أخرى.
   هكذا تكون رحلة «التقدم»، ليس فقط للأفراد. ولكن أيضا للمجتمعات. فالمجتمعات، التى تعترف بأخطائها، تخطو الخطوة الأولى فى رحلة الألف ميل نحو التقدم، والازدهار. وإذا لم يكن هذا الموقف، هو « دروس مستفادة»، فماذا يكون إذن ؟. لكن مجتمعاتنا، فهى «مصرة»، إصرارًا، عنيدًا، مريبًا، غريبًا، على «العيوب» التى تنخر فى عظامها، وتعتبرها «منارة»، و«هديًا» على الصراط المستقيم. ولا هى تستفيد من دروس الماضى، ولا الحاضر. والمستقبل الوحيد الذى يمثل لها الطموح الأقصى، والغاية العليا التى لا تفوقها غاية، هو  «إعادة إنتاج الأخطاء»، بحذافيرها.
    وليس عندى شك، أن هذا هو السبب الرئيسى،
الحقيقى، أن مجتمعاتنا، مازالت «تحبو»، على الأرض. بينما مجتمعات أخرى، «تُحلق» فى السماء. وليس عندى شك أيضا، أن «الازدواجيات الأخلاقة والثقافية»، التى نمارسها يوميًا، هى «منبع » التخلف. داعبتنى هذه الأفكار، بعد أن شاهدت حوارا على قناة فضائية، يناقش « لماذا أصبحت الأسرة فى بلادنا، تعيسة، مفككة، مضطربة ؟ وما هو سبب نسبة الطلاق المرتفعة؟.
    قالت ضيفة البرنامج: «السبب هو تغير العلاقة
بين الرجل والمرأة، وحدوث لخبطة فى المفاهيم، وتداخل واختلاط فى أدوار الزوج، وأدوار الزوجة..
وأقصد بكلامى أن المرأة فى هذا الزمن، خلعت برقع الحياء، وارتدت أفكارا غريبة مستوردة عن الحرية،
والتحرر.. وأصبحت تعامل الرجل بندية، وترفض
دور الزوجة التى تخدم، وتطيع، وتربى، وتتطلع إلى تحقيق ذاتها فى التعليم، وفى العمل.. وكل هذا
يجىء على حساب الزوج، وحقوقه، وامتيازاته، وقوامته التى شرعها الله له... كيف إذن لا نتوقع
فساد الأسرة، واضطرابها، واعوجاجها، وتعاستها،
وارتفاع معدلات الطلاق.
 سألتها المذيعة: «بس يا دكتورة حضرتك بتشتغلى
وفى منصب هام فى البلد.. وأكيد ده مكنش ممكن
أيام جدتك مثلا .. الدنيا بتتغير».
   ردت الضيفة : «نعم أعمل فى منصب كبير، وتحت إدارتى الكثير من الرجال يطيعون أوامرى لكن
عندما أصل إلى البيت، أنسى كل شىء، وأعود إلى
طبيعتى الأنثوية، وفطرتى الأصيلة، وأسمع كلام زوجى، وأخدمه، ولا أكسر أوامره، ولا أعكر مزاجه بالنقاش والجدل والأسئلة، والاعتراض.. ولهذا فنحن أسرة سعيدة متماسكة.. وأنا أربى ابنتى بهذه الطريقة».
   قالت المذيعة: « يعنى حضرتك بتعارضى
التقدم، ده إحنا فى الألفية التالتة يا دكتورة».
  ضحكت الدكتورة الضيفة، قائلة : «أنا أقوم بمسح حذاء زوجى كل يوم قبل ذهابه إلى عمله،
وهذه عادتى أقوم بها، وأنا فى غاية السعادة، والاستمتاع منذ أول يوم فى زواجنا».
    كنت أريد سؤال الدكتورة: «وهل يمسح زوجك
حذاءك كل يوم قبل ذهابه إلى العمل، وهو سعيد ومستمتع منذ أول يوم، فى الزواج، مثلك؟.
   إذا كانت الإجابة نعم، لا توجد مشكلة، ولا كيل بمكيالين. على العكس، هى تدل على زواج غير ذكورى، وأسرة تؤمن بالمساواة، والعدالة. حتى لو كان الأمر يتعلق، بمسح الأحذية، أو الطبيخ، أو الغسيل، أو تغيير لفافات الأطفال. لا عيب على الإطلاق.
  أما إذا كانت الإجابة بالنفى، فنكون بصدد «ازدواجية» أخلاقية، وثقافية، تبررها الموروثات، وتعتبرها هى الفطرة، والأصل، والواجب المقدس، ومعيار الأسرة السعيدة المترابطة.