الخميس 10 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بدلة تامر حسنى

بدلة تامر حسنى


التنوع والجدة والابتكار من الأسباب التى لا تدفع الفنان لتوسيع دائرة نجوميته فقط، بل تؤكد استمراره فى دائرة التوهج لفترة طويلة.. هذه القاعدة تجاهلها معظم نجوم الجيل الثالث من نجوم السينما، ولهذا فقدوا جماهيريتهم وتأثيرهم، ولنا فى الفنان الكوميدى «محمد سعد» القدوة السيئة بوصفه المثل الأوضح رغم إمكانياته الضخمة بعدما طارده شبح اللمبى حتى انحسرت الأضواء عنه وتعثر فى إعادة اكتشاف نفسه مرة أخرى.
«تامر حسنى» فى فيلمه «البدلة» ترك الغناء وهو ملعبه الأساسى واختار الكوميديا لتغيير جلده بقصة مقتبسة من فيلم أمريكى مع تمصير أحداثه.
وعلى الشاشة نجح «تامر» فى تقديم الكوميديا دون ابتذال بسبب وجود سيناريست متمكن قادر على صناعة المفارقات المضحكة التى يهضمها الجمهور بسهولة وهو «أيمن بهجت قمر» الذى يجدد خطابه السينمائى كمؤلف موهوب إلى جانب أنه مؤلف أغان قدير.
«قمر» فى «البدلة» بخلاف النقلة الكوميدية التى صنعها لتامر وأكرم حسنى, حشد بذكاء صورا ساخرة لأزمات المجتمع ونجوم هذه الأزمات بلمسات مقصودة لعل أبرزها وباء المحسوبية الذى يعرقل طموحات الشباب ويرسم أزمة بطل الفيلم بينما تسعى الدولة الآن فى استئصاله من خلال مؤتمرات الشباب والمشاركة الفعالة فى مشاكل الواقع وإطلاق سراح التعبير دون خوف عن طموحاتهم وفتح صفحة جديدة للبحث عن الذات.
ومن الرسائل المهمة فى الفيلم استمرار تأثير رجل الشرطة واعتبار سلطاته قاعدة لتحقيق الآمال المجمدة وفتح الأبواب المغلقة.. أما الرسائل الأخطر التى يقدمها الفيلم لنجوم الأزمات فى الوسط الرياضى سواء بأدوار شرفية أو تسجيلية لتوصيل رسالة واضحة بطلها رئيس نادى الزمالك المستشار مرتضى منصور وكما يظهر فى أحد المشاهد فى لقطات تسجيلية وهو يتابع بشغف مباريات فريقه، بينما يقصد المؤلف أنه يتسبب فى إرهاب الحكام أثناء مباريات الزمالك والتأثير على قراراتهم من خلال عرض مباراة تجمع الزمالك ومصر المقاصة عندما يتراجع حكم المباراة وهو فى «البدلة» أكرم حسنى عن طرد ثم إنذار لاعب الزمالك خوفا من رئيس النادى الجالس فى المدرجات.
والهدف الواضح هنا من المشهد هو التأكيد على تأثير مرتضى منصور على الحكام رغم أنه فى معظم الأحوال يدافع عن حقوق فريقه من أخطاء الحكام، ولعل اختيار مباراة مصر المقاصة تعكس ذكاء المؤلف فنفس الفريق كان طرفا فى الاستفادة من قرارات الحكام العكسية على مدار ثلاثة مواسم متتالية لم يذق فيها طعم البطولة.
فى نفس السياق يقدم الفيلم فى تلميح له دلالة واضحة نجمى الكرة مجدى عبدالغنى وأحمد شوبير، الأول كمسئول فى اتحاد الكرة يهاجم قرارات الحكم ويعتبرها جزءا من مأساة الكرة فى مصر، أما الثانى فمعلق للمباراة متحدثا عن فساد التحكيم فى منظومة الكرة من خلال نموذج الحكم الفاشل «أكرم حسنى».. ويعكس به المؤلف نموذج أزمة التخصص ووضع الرجل غير المناسب فى المكان غير المناسب.
أحداث الفيلم تستعرض قصة طفلين، ولدا فى توقيت واحد وفى بيت واحد لأم وابنتها، وهما «حمادة» أكرم حسنى، وهو ابن الأم ووليد وهو ابن الابنة.. ليظهر «الخال» أكرم حسنى مع ابن أخته وليد ليتصدرا أحداث الفيلم والأول وهو تامر شاب طموح يصطدم بالمحسوبية التى تجمد أحلامه، بينما يبدو أكرم - الذى ترك الدراسة فى كلية الشرطة - تابعا مطيعا للعقل الفعال تامر حسنى، وتخلق المصادفة حيلة انتحال تامر لشخصية ضابط شرطة بعد سرقة زى ضابط الشرطة من والدته «دلال عبدالعزيز» التى تعمل «ترزية» للتقرب إلى قلب حبيبته أمينة خليل، وتتوالى المفارقات الكوميدية حتى يجد بطل الفيلم نفسه فى مأزق ظهور عصابة دولية بزعامة «ماجد المصرى» تستهدف سيدة مصرية «سلوى محمد على» لسرقة ابتكارها العلمى وقتلها وهى القضية الأبرز التى يطرحها الفيلم بأن العقول المصرية مستهدفة من أعداء الوطن فى الخارج.. وتتوالى الأحداث حتى تصنع الصدفة وانتحال بطلى الفيلم شخصية ضابطى الشرطة إلى القبض على زعيم العصابة، ثم يدفع بطلا الفيلم ثمن الانتحال رغم حصوله على مكافأة ضخمة لمساهمته فى القبض على العصابة الإرهابية، هذه المكافأة تساعده لتحقيق مشروعه وحلمه الذى أجهض بسبب المحسوبية والواسطة وينجح فى الوصول إلى قلب حبيبته.
الفيلم محاولة كوميدية جيدة الصنع خرجت من رحم الأزمات والمعاناة، نجح المؤلف فى صناعة عدد من المواقف المضحكة التى تعتمد على كوميديا الموقف تألق فيها تامر وأثبت قدرته على أداء الكوميديا، دون افتعال كما أنها ترسخ قدمى أكرم حسنى ككوميديان جدير باقتناص البطولة المطلقة بعد عدد من التجارب الثنائية والثلاثية التى شارك فيها فضلا عن التخلص من شبح «أبو حفيظة» فى حين واصلت أمينة خليل مسيرتها الناجحة دون افتعال، بينما لم يسعف الدور القصير الممثلة القديرة سلوى محمد على فى إبراز كامل إمكانياتها الفنية فى دور العالمة المصرية المخترعة.
فيلم «البدلة» محاولة سينمائية كوميدية وسط طوفان من سينما الأكشن والعنف، كما أنه إعلان مولد مخرج موهوب أضاف إلى أرشيفه عملا كوميديا، مما يؤكد تنوعه ونبوغه وهو محمد العدل «ماندو» الذى عرفه الجمهور فى مسلسلى «الداعية» و«لأعلى سعر» الذى حصل فيه على جائزة أحسن مخرج عام 2017.
وتبقى أخيرا علامة الاستفهام الأبرز وهى عدم استغلال شعبية تامر حسنى فى تقديم أغنيات بالفيلم والاكتفاء بأغنية واحدة وهى لا تكفى فى حضرة نجم بشعبيته الكبيرة وإن كانت الأحداث الكوميدية هى حجة البخل فى تقديم أغنيات فإن الخط الناعم فى أحداث الفيلم التى تجمع بين البطل تامر حسنى وحبه الأول أمينة خليل ومحاولته للفوز بها كفيل بخلق حالة غنائية خاصة فى حضرة مؤلفه الأبرز غنائيا على الساحة أيمن بهجت قمر .. فى خطأ لا يغتفر للبطل والمؤلف، أما الخطأ الأكبر فهو ادعاء «تامر» بأنه صاحب قصة الفيلم بينما هو مقتبس من الفيلم الأمريكى Let's Be Cops دون تنويه واضح.