
طارق الشناوي
أفلام واجهت سطوة النجوم فى 2012!
لم يعد أمام السينما المصرية للتواجد بالمهرجانات سوى تلك التى نُطلق عليها السينما المستقلة وهو تعبير فى حقيقة الأمر لا تستطيع أن تجد له توصيفا جامعا مانعا ينطبق على كل الأفلام التى ترفع راية الاستقلال عالية خفاقة.
فى كل الأحوال لن أضيع وقت القراء فى البحث عن تعريف ولكنى أبدأ معكم من آخر فيلم مستقل شارك فى مهرجان «وهران» واقتنص جائزة الوهر كأفضل فيلم وهو «الخروج للنهار» الذى سبق له أن شارك فى أبوظبى وحصل على جائزتى أفضل فيلم عربى من لجنة تحكيم النقاد وأفضل مخرجة عربية ثم فى قرطاج حصل على البرونزية. وقبل أسبوعين كانت نادين خان قد حصلت على جائزة لجنة التحكيم الخاصة من مهرجان دبى عن «هرج ومرج» وبين أبوظبى ودبى كان فيلم «عشم» للمخرجة ماجى مورجان قد مثل السينما المصرية فى مهرجان الدوحة ترايبكا.
هل هذه هى فقط السينما التى من الممكن أن نجدها بالمهرجانات السينمائية بعد أن صارت السينما التجارية التقليدية خارج نطاق الخدمة؟ ولكن السينما تُصنع من أجل الجمهور فأين هذه السينما من الجمهور.. الحقيقة هى أن أغلب التجارب التى أتيح لها العرض الجماهيرى فى مصر خاصمها الجمهور بقدر ما صالحتها بالجوائز العديد من المهرجانات.
مهرجان القاهرة افتتح بفيلم «الشتا إللى فات» للمخرج إبراهيم البطوط وبطولة عمرو واكد وشارك الفيلم فى أكثر من مهرجان عالمى وعربى، ويعتبر البطوط هو رائد السينما المستقلة فى مصر. إنها سينما محدودة التكاليف هذه الأفلام لم نعرفها إلا فقط قبل 5 سنوات وكانت البداية مع المخرج إبراهيم البطوط بفيلمه «إيثاكى».. أغلب هذه الأفلام تصور بكاميرا «ديجيتال» بغرض التوفير وأيضاً لأنها لا تعتمد على نجوم الشباك بل تتم الاستعانة غالباً بوجوه جديدة بعضها يقف لأول مرة أمام الكاميرا ولهذا تعبر هذه الأفلام عن أفكار وومضات مخرجيها وليس شطحات نجومها، وفى العادة هناك درجة ملحوظة من التلقائية يمارسها المشاركون فى هذه الأفلام تتيح لهم ارتجال أجزاء كبيرة من الحوار.. المخرج يقدم أفكاره بدون خوف من اعتراض نجم الفيلم.
عُرض جماهيرياً قبل ثلاثة أعوام فيلما «عين شمس» لإبراهيم بطوط وهليوبوليس لأحمد عبدالله ولم يحققا إيرادات.. وعرض يوم 25 يناير 2011 فى لحظة اندلاع الثورة المصرية فيلم «ميكرفون» ولكن الجمهور من الشباب كان قد ذهب للمشاركة فى الثورة ولم يحقق الفيلم بالطبع أى نجاح تجارى.
ويبقى أنه فى عز الأزمة التى تعيشها ولا تزال السينما المصرية كان ينبغى أن يبرق ضوء أبيض أراه دائماً فى تلك التجارب التى تخرج عن النمط الإنتاجى السائد.. تحاول أن تعثر على بديل لا يفرض شروطاً على صانع العمل الفنى.. السينما المصرية هى ابنة السوق الذى يفرض على المخرجين الانسحاق أمام النجوم لا أتحدث بالضرورة عن النجم عندما ينتج ولكن كل النجوم Super Star يقدمون أفلامهم وليست أفلام المخرجين فهم الذين يتحكمون فى كل التفاصيل.. كان جيل الثمانينيات مثل «خان»، «داود»، «الطيب»، «بشارة» لديه أحلام أخرى ساعده على تحقيقها أن هناك بطلاً مثل «أحمد زكى» مثلما أضافوا له ألقاً ووهجاً أضاف هو لهم وكان أيضاً من بين النجوم «نور الشريف» برغم أنه بدأ مشواره فى نهاية الستينيات لكنه توافق مع أحلام جيل الثمانينيات فلقد كان «أحمد» و«نور» نجمين ملتزمين بأفكار هؤلاء المخرجين وبنسبة كبيرة كانا حريصين على الذوبان الفنى فى تلك الأحلام السينمائية التى تعبر عن مخرجيها.. أما هذا الجيل من المخرجين فكيف يحقق أحلامه وأمامنا النجوم الجدد يسيطرون على مفردات الفيلم السينمائى؟ السينما المصرية التى عانت كثيراً فى السنوات الأخيرة من سيطرة شطحات النجوم الذين كانت تصنع لهم ومن أجلهم الأفلام تشهد بارقة أمل جديدة فى تلك الأفلام التى تنحاز إلى أفكار وومضات مخرجيها سواء أطلقت عليها سينما مستقلة أو مختلفة أو أى تسمية أخرى فإنها فى النهاية سينما قادرة على المنافسة.. ويبقى أن على صُناع هذه الأفلام كما صالحوا المهرجانات أن يصالحوا _ على أفلامهم _ الجمهور!!