الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
الحج إلى بيت «الحرية» المقدس

الحج إلى بيت «الحرية» المقدس


أؤمن بـ «الحرية»، إيمانًا مطلقًا، راسخا، لا يشوبه شك، أو تردد، كما أؤمن بنفسى.. بل إن إيمانى بالحرية،ربما يكون الإيمان الوحيد، الذى يزداد يقينا، وزهوا، مع مرور الزمن.
أؤمن  بـ «الحرية»، إيمانى بأن «الإنسان»، أهم من الفلوس، وأن «العدل»، هو الذى يجعل النظام السياسى، «جميلا»، وأن «الثورة»، هى التى تجعل الشعوب، «نبيلة»، وأن «شجاعة» القول، والسلوك، هى ما يجعل المرأة «شريفة»، وما يجعل الرجل «شريفا».

أؤمن بـ «الحرية»، مثلما أؤمن، بأن الموسيقى، سر من أسرار الكون. ومثلما أؤمن بأن «الألم»، هو أصل الحياة. وكما أؤمن بأن «الفقر»، موجود، لأننا نأخذ أكثر من احتياجنا.
أؤمن بـ «الحرية»، مثل إيمانى أن «رق الحبيب»، «طفرة» جينية، فى تاريخ الألحان.. وأن الحضارة التى تقطع من أجساد، وعقول النساء، تحمل داخلها بذور الفناء.. ومثل إيمانى، بأن «العمر» الحقيقى الذى نعيشه، لا يرتبط بالرقم القومى، وزحف التجاعيد.
أؤمن بـ «الحرية»، كما أؤمن، بأننا لا نستمتع بالحياة، إلا إذا تصالحنا مع «الموت».. وأنه من العار، أن نصل إلى سنة 2018، دون أن «يصل»، الماء النقى، إلى أناس، يقتسمون معنا، الجنسية المصرية.
أؤمن بأن «الحرية»، هى الدم المتدفق، من جسد الحياة. وأنها «قدرنا»، يطاردنا أينما نذهب. هى «الثمن»، الذى ندفعه، لكوننا «أحياء». وسواء شئنا، أو لم نشأ، ستظل فاتورة، واجبة السداد. إذا لم ندفعها ونحن أحياء ، يدفعها «الورثة» مضاعفة.
أرى «الحرية»، مصيرا محتما، على البشرية كلها الوصول إليه. وهى لنا، بـ «المرصاد»، تراقب، وتسجل، وتقرر، وتخطط. قد نتأخر.. قد نتعثر.. قد نتوه. لكن المسيرة محسومة، مسبقا، لصالح «الحرية».. فـ «كل منْ عليها حر».. و«كل نفس ذائقة الحرية».. و«إنا للحرية وإنا لها راجعون».
أنا «حرة».. إذن أنا «متناغمة»، مع «الحياة».
أنا «حرة».. إذن أنا «ابنة» الحياة، «الأصيلة»، «الطبيعية».. ولست أحتاج، إلى إجراء اختبارات، النسب، والوراثة، و«الدى إن إيه»، لإثبات أننى، من «صلب» الحياة، ومن  «دمها»، و«لحمها».
من أين يأتى، الشعب، بحريته؟
ببساطة، الشعب الحر، يساوى مجموع، نساء أحرار + رجال أحرار + أطفال أحرار.
ومنْ يقول بعكس ذلك، يكون ضعيفا جدا، فى مبادئ الحساب.. أو ضعيفا جدا، فى مبادئ الحرية.
و«الحرية»، مثل الله، فى كل مكان. لكنها لا تذهب إلا لمنْ، يحبها، ويسبح بحمدها، ليل نهار، ويشكر النعم التى أغدقتها عليه. ويظل مخلصا فى عبادتها، ويحج إلى بيتها المقدس،
وإن لم يستطع إليه سبيلا.
حينما ننطق فى مجتمعاتنا، بكلمة «الحرية»، تنتفض، وتتحفز، الاتهامات، والإدانات «الأخلاقية».
نسأل أول ما نسأل: «يعنى إيه حرية»... «مافيش حرية مطلقة».. «وإيه حدود وسقف الحرية دى».. «وعايزين الحرية دى بقى عشان تعملوا بيها إيه إن شاء الله؟ «عايزين حرية زى الغرب».. وغيرها من الإدانات التى ترادف بين «الحرية»، وقلة الأدب، وقلة الدين. مع أن كل الاتهامات، والإدانات الأخلاقية، لابد أن تنصب، على «القهر»، لا على الحرية. وليس من المفروض، أو من الطبيعى، أن نسأل عن حدود الحرية، ولكن عن حدود «القهر». وكل فضيلة يمكن أن نتصورها، هى من نتاج «أخلاق الحرية». وكل رذيلة، يمكن أن نتوقعها، هى من «أخلاق القهر».
 الحرية، تصحح نفسها بالتجربة، والتراكم، نحو المزيد من المعرفة، والشجاعة، والتقدم، والنور والجمال، والحماية الأخلاقية. بينما القهر، يعيد إنتاج المزيد من الجهل، والخوف، والتأخر، والظلام، والقبح، والانتكاسات الأخلاقية.
لا شىء «يعيب» الإنسان، امرأة، أو رجلا، إلا كونه، قاهرًا، أو مقهورًا. لا شىء، يعيب المجتمع، إلا كونه، قاهرا، أو مقهورا.
إذن «الحرية»، هى المفتاح، الذى أضعناه.. وهى، كلمة السر، التى نسيناها.
عندما نحب، «الحرية»، ونشتهيها، وندافع عنها، ونسدد ثمنها، أكثر مما نحب، ونشتهى، أى شىء آخر... فقط، حينئذ، يهاجمنا «فيروس» الحرية... الفيروس الوحيد، الذى فى تخليه، عن الكمون، وتحركه النشط، يكمن كامل الصحة، ودوام الشفاء.