الأربعاء 18 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
27 مايو.. يوم ميلاد «الفاتنة»

27 مايو.. يوم ميلاد «الفاتنة»


27 مايو ميلادها.. كيف أحتفى بامرأة تمكنَتْ من قلبى، وأقامت فى وجدانى، تجذبنى إليها بخيوط غامضة، وكأننى فى زمن ما، لا ندركه نحن الاثنتان، كنتُ دمًا يسرى فى عروقها، وكانت دمًا يسرى فى عروقى؟.
27 مايو ميلادها.. أى كلمات تستطيع أن تُعبر عن الارتباط العاطفى، والاشتباك الروحى، بينى، وبين امرأة عندما أراها يجتاحنى حزن، وشجن، ومرارة، وفى اللحظة نفسها، أبتهج، وأفرح، وأطمئن؟.
27 مايو ميلادها، سيظل دائمًا يطرق الباب، أمّا هى، فقد رحلت بعيدًا، وأغلقت وراءها كل الأبواب. حقيقة تستنزفنى، ولا أحب تأملها، والتسليم بها، لكننى سريعًا أعود إلى حقيقة أكبر من الموت.. إنها امرأة «فوق» الموت.. ومَنْ مثلها، لا يُغيبه غيابٌ، ولا يُرحله رحيلٌ، لا يهزمه جسدٌ من حقه أن يتعب، ولا يمكنه الاستسلام لقبضة عذرائيل.
فنانة أدركت منذ طفولتها، أن لها رسالة فى الحياة غير الزواج، وتربية الأطفال، والارتماء فى أحضان الماكياج، وصبغات الشَّعر، وموضات الأزياء، امرأة اكتشفت أنها لا تكتفى بلقب «حرم فلان»، وقررت أن تنتزع من الأقدار، لقبًا خاصّا بها وحدها. فنانة اكتشفت درب الخلود.. أن تكون للوطن مصدرًا للسعادة، والزهو، والثراء الفكرى والوجدانى.
دورها الأول فى فيلم «يوم سعيد» 1938 وعمرها سبع سنوات، ظهر أفيش الفيلم يحمل اسم «عبدالوهاب»، و«سميحة سميح»، و«فاتن حمامة».. إخراج «محمد كريم».
فى أحد المشاهد، تجلس الطفلة، «فاتن»، أو «أنيسة»، تستمع إلى «عبدالوهاب»، يغنى «طول عمرى عايش لوحدى..».
وجهها المعبر، ملامحها الفطرية الشغوفة، المنديل «بوؤية» على شَعرها، فستانها القصير على جسمها النحيل.. عيناها الممتلئتان بطموح متحفز، بكل هذا خطفت الطفلة، سحر المشهد من «عبدالوهاب»، المتربع حينئذٍ على عرش الموسيقى والغِناء.
قال المخرج، «محمد كريم»: إحساسى بموهبتها الكبيرة جعلنى أضيف مشاهد أخرى لها، لم تكن فى السيناريو».
مَنْ يتابع رحلة «فاتن»، يدرك، أنه أمام مفكرة، لها موقف من الحياة، ومن الفن، وليس مجرد ممثلة، رائعة ومن هنا، تنوعت أدوارها، وتجددت الشخصيات التى تقدمها.
امرأة تشعر بأن الفن «مسئولية» جادة، ضخمة، وليس وسيلة للمال، والشهرة، ولذلك كانت مصرة على التعبير عن رؤيتها، من الألف حتى الياء.. ومعها حق، فنحن فى النهاية نشاهد فيلمًا لـ«فاتن حمامة»، وليس فيلمًا لـ«عز الدين ذو الفقار»، أو «بركات»،أو «كمال الشيخ»، أو «يوسف شاهين»،  أو «صلاح أبوسيف»، بالطبع مع احترامنا، لكل واحد من هؤلاء المخرجين العظماء.
«فاتن»، بعد كل فيلم أكثر ثراءً، أكثر جرأة، وأكثر إصرارًا على إثارة دهشتنا.
«فاتن»، مع آثار الزمن على وجهها، أكثر جمالاً، وأروع جاذبية، من كل الفتيات الصبايا، ومن جميع النساء، المصبوغات، بألوان الشَّعر، وبحقن البوتكس، وعمليات شد الجلد.
لم تتحجب.. لم تعتزل.. لم تعتكف.. لم تكتئب.. لم تعتذر عن مشوارها الفنى ولم تترك وصيتها، بأن تُحرق أفلامها.
يتكلم الناس عن العروس الأمريكية «ميجان»، وزفافها الملكى الأسطورى على الأمير الإنجليزى «هارى»، الذى تكلف 33 مليون جنيه استرلينى.
لكننى أفكر فى امرأة أخرى، «مصرية»، أهم من الملكات والأميرات، والسُّلطانات، والكونتيسات،  والدوقات. وعرفت أجمل زفاف إلى أوفى، وأهم الرجال، رجل مثلها، لا يموت.
وفيما يخص النساء، هو صعب الإرضاء. رجل اسمه «الفن».
وأتساءل ترى كم من الأفلام، كان يمكن أن تمتعنا بها «فاتن»، بمبلغ 33 مليون جنيه استرلينى؟.